نتنياهو يبحث مع بوتين غداً «نفوذ إيران» في سوريا

TT

نتنياهو يبحث مع بوتين غداً «نفوذ إيران» في سوريا

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشكل درامي، عن سفره إلى موسكو غداً للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أجل «استكمال التباحث معه في الملف السوري وتمدد النفوذ الإيراني»، واعتبر خصومه هذه الزيارة المفاجئة قبيل خمسة أيام فقط من الانتخابات البرلمانية «مجرد دعاية انتخابية».
وقال مصدر في قيادة حزب الجنرالات، المنافس الأساس لنتنياهو، إن «الغرض الحقيقي من هذه الزيارة هو تلقي الدعم من الرئيس بوتين، حليف إيران في المنطقة، في معركته الانتخابية».
وكان نتنياهو قد هاتف بوتين، أول من أمس (الاثنين)، في محادثة قيل إنها جاءت «لمناقشة التنسيق العسكري بين الجيشين الإسرائيلي والروسي، إضافة إلى الأوضاع في الشرق الأوسط»، لكنه لم يفسر سبب سفر نتنياهو المفاجئ إلى موسكو في هذا الوقت بالذات واعتبره «جزءاً من نشاط رئيس الوزراء، الذي يضع فيه مصلحة إسرائيل الاستراتيجية فوق كل اعتبار».
المعروف أن نتنياهو التقى بوتين ثلاث مرات في سنة 2018 ومرة في سنة 2019 وتحدث إليه 10 مرات هاتفياً في سنة 2018 ومرتين في سنة 2019.
ونشر ذلك مكتب نتنياهو ليبين أن اللقاء غداً (الخميس)، ليس لأهداف انتخابية. لكن هذا لم يقنع منافسيه، الذين يرون أنه يحاول تثبيت صورته أمام الناخب الإسرائيلي كزعيم عالمي، «يلتقي من يشاء من كبار الزعماء والجميع يطلبون ودّه»، كما صرح هو نفسه أمام مؤتمر حزبه الليكود. وقد صرح نتنياهو بأن محادثاته مع بوتين تتركز حول التموضع العسكري الإيراني في سوريا، وتعزيز موقف موسكو التي تبدي تفهماً لاحتياجات الأمن الإسرائيلية.
الجدير ذكره أن معهد الأمن القومي في تل أبيب، نشر دراسة له، أمس (الثلاثاء)، حول اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية، بيّن فيها أن هذا الاعتراف ليس ذا أهمية سياسية أو قانونية، وفائدته فقط معنوية للانتخابات. وحذرت الدراسة من أنه «من أجل تعزيز صورة الإدارة الأميركية كمن تقف إلى جانب إسرائيل من دون شرط، يمكن أن تكون لسياستها تبعات داخلية حيال المفهوم داخل إسرائيل بالنسبة إلى القدرة على ضم مناطق أخرى» في الضفة الغربية.
في موسكو، أعلن الكرملين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيقوم بزيارة عمل قصيرة غداً، إلى العاصمة الروسية يجري خلالها محادثات مع الرئيس بوتين، حول الملفات الملحة في المنطقة. ورجحت مصادر دبلوماسية أن يتركز البحث على آليات تعزيز التنسيق خصوصاً في مجال الاتصالات العسكرية في سوريا على خلفية الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع في حلب، وبروز تسريبات تحدثت عن «خطة إسرائيلية» لبلورة ملامح التسوية السياسية في المرحلة المقبلة.
وأعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن نتنياهو سيجري «محادثات قصيرة» مع بوتين خلال زيارة العمل، علماً بأنها لم تكن مدرجة على جدول أعمال الرئيس الروسي سابقاً، ما أوحى بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحمل أفكاراً أو مقترحات وينوي مناقشتها مع بوتين.
وكان الطرفان قد اتفقا على ترتيب الزيارة خلال مكالمة هاتفية جرت، الاثنين، بمبادرة من نتنياهو، واكتفى الكرملين في حينها بالإعلان في بيان مقتضب عن أن الطرفين «بحثا قضايا التعاون الثنائي الملحة بما في ذلك على صعيد الاتصالات العسكرية، فضلاً عن الوضع في الشرق الأوسط».
وأفاد دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» أن قرار القيام بزيارة خاطفة وغير مرتبة سلفاً يعكس توجه نتنياهو إلى إطلاع بوتين على تفاصيل حول ما تسرب أخيراً على لسان مسؤولين إسرائيليين عن «خطة للتسوية» قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن نتنياهو عرضها على بوتين سابقاً وعلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب. لكن الكرملين نفى في حينه تلقي مبادرة أو أفكار من الجانب الإسرائيلي.
وقال الدبلوماسي إن روسيا أعلنت استعدادها لمواصلة التنسيق مع كل الأطراف بهدف دفع التسوية، وإنها «لا تمانع من حيث المبدأ الاستماع إلى أفكار أو اقتراحات».
وكان لافتاً أن وسائل إعلام روسية كشفت الأسبوع الماضي ما وُصف بأنه «جانب من الخطة الإسرائيلية»، وهو يقوم على بلورة «مدخل ثلاثي مشترك» يضم الولايات المتحدة مع إسرائيل وروسيا، ويركز على مسألة خروج القوات الأجنبية من سوريا، مع التركيز على الوجود الإيراني. لكن المصادر الروسية رأت أن بوتين «لن يكون متحمساً لقبول أفكار تهدد العمل المشترك الذي قامت به موسكو مع أنقرة وطهران في «مسار آستانة» خصوصاً أن الطرفين التركي والإيراني لديهما تحفظات كثيرة على تحركات كلٍّ من الولايات المتحدة وإسرائيل في سوريا.
ووفقاً للمصادر الروسية فإن بين أهداف نتنياهو لدفع الحوارات مع موسكو «تعزيز مواقعه داخلياً على خلفية التحضير للانتخابات خصوصاً أنه حقق عدة إنجازات في المرحلة الأخيرة بينها الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، فضلاً عن أن إسرائيل تواصل تنفيذ عمليات عسكرية في سوريا من دون أن تقابَل تحركاتها برد فعل روسي قوي».
وكانت موسكو قد تجاهلت أخيراً الهجوم الذي نفّذته إسرائيل على مواقع تابعة لقوات إيرانية في حلب.
يذكر أن اللقاء الأخير بين بوتين ونتنياهو جرى في فبراير (شباط) الماضي، واتفق خلاله الطرفان على مواصلة تنسيق المواقف وتعزيز الاتصالات العسكرية في سوريا، كما تحدثا عن اتفاق على ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا.
وأعلن الرئيس الروسي بعد اللقاء عزمه على الدعوة لتأسيس مجموعة عمل دولية بشأن سوريا، بمشاركة روسيا وإسرائيل ودول أخرى، فضلاً عن الأطراف السورية، وقال إن هدفها العمل على تطبيع الوضع في البلاد بعد القمع النهائي للإرهاب، لكن موسكو خففت في وقت لاحق من لهجتها في هذا الشأن وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه «لا ضرورة لإطلاق آليات جديدة للاتصالات الدولية حول سوريا، لأن الآليات المتوافرة حالياً كافية، وبينها مسار آستانة والمجموعة المصغرة ونشاط مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا».
على صعيد آخر، سعى وزير الخارجية الروسي أمس، إلى استغلال النقاشات القائمة داخل منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية، لتبرير وجهة نظر موسكو حول رفض توسيع صلاحيات المنظمة ومنحها الحق في توجيه اتهامات ضد أطراف باستخدام أسلحة كيماوية. وقال لافروف إن «المنظمة تعيش حالياً انقساماً فعلياً، وموسكو مهتمة بتخطي هذه الأزمة عبر الحوار».
وأوضح الوزير الروسي أن الانقسام الحالي في المنظمة سببه «محاولات تسييس مختلف جوانب أنشطتها».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.