مجلس النواب الليبي: رفع الحظر عن الأصول المجمدة يعرضها للنهب

TT

مجلس النواب الليبي: رفع الحظر عن الأصول المجمدة يعرضها للنهب

اعتبر مجلس النواب الليبي، أمس، رفع الحظر عن الأصول المالية المجمدة لدى بعض الدول «يعرضها للنهب في هذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد». وفي غضون ذلك، حذرت البحرية الليبية، أمس، «المنظمات الدولية غير الحكومية من المغامرة بالاقتراب من سواحل البلاد، بهدف تهريب المهاجرين غير الشرعيين، أو إغرائهم بالتعاون مع تجار البشر والمهربين».
وقال مجلس النواب، الذي يتخذ من مدينة طبرق (شرق) مقراً له، إنه «يتابع بقلق شديد المعلومات التي تفيد بسعي بعض الدول الأوروبية، التي لديها أرصدة ليبية مجمدة، بالتنسيق مع أطراف في البلاد لتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي، يفضي إلى رفع التجميد عن تلك الأرصدة في الخارج، وكذلك سعي بعض الدول إلى إصدار قوانين بالحجز على الأموال المجمدة لديها، بما يخالف كل القوانين والاتفاقيات والأعراف الدولية».
وأضاف المجلس في بيان، وزعه مستشاره الإعلامي عبد الله بليحق، أمس، أن «الإقدام على رفع الحظر عن الأصول الليبية، في ظل ما تعانيه البلاد من انقسام المؤسسات السيادية، وضعف الرقابة على السلطة التنفيذية، يشكل خطراً شديداً عليها، والشيء ذاته ينطبق على عوائدها، التي هي ملك لكل الشعب وللأجيال المقبلة»، مطالباً المؤسسات الليبية المختصة، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، وبعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الليبي، ورفض هذا الإجراء.
وذهب البرلمان إلى ضرورة إرجاء رفع الحظر عن الأرصدة الليبية في الخارج «إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وتأسيس مؤسسات دائمة تقرر مصير هذه الأرصدة، والتعامل معها بطريقة تحقق مصالح الشعب».
وعقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في عام 2011، أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بتجميد أموال سيادية لمؤسسة الاستثمار الليبية، قدرتها بعض الجهات الاقتصادية حينها من 150 إلى 170 مليار دولار. لكن فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة (الوفاق الوطني)، قال في منتصف يوليو (تموز) الماضي، إن الأرقام المحجوز عليها للصندوق تقدر بـ67 مليار دولار.
وسبق أن دعا دبلوماسيون وسياسيون وأكاديميون ليبيون مجلس الأمن الدولي إلى التحرك لإنقاذ الأموال الليبية المجمدة في الخارج، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، والبحث في «محاولات تبديد فوائدها في الإنفاق على الميليشيات المسلحة».
وكان أكثر من مائتي شخصية ليبية، بينهم السفير إبراهيم الدباشي مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة، إضافة لعدد كبير من البرلمانيين، قد وقعوا على بيان طالبوا فيه مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته في الحفاظ على تلك الأموال، وقالوا «إنهم يتابعون بقلق بالغ التصريحات الرسمية حول اختفاء عدة مليارات من فوائد الأموال الليبية المجمدة في مصارف بلجيكا، خلال السنوات الخمس الأخيرة، وذلك عبر تحويلها إلى متسلمين مجهولين».
وأرجع الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» ضياع هذه الأموال لما سماه «الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية، نتيجة فرض حكومة من قبل مجلس الأمن، دون حصولها على شرعية محلية، ودون الخضوع لرقابة البرلمان»، في إشارة إلى حكومة الوفاق الوطني.
وأضاف العباني أن «السلطة التشريعية في البلاد، وسطوة الميليشيات والعصابات المسلحة، خصوصاً في العاصمة، جعلت الفساد ينخر جسد مؤسسات مالية كثيرة»، مشدداً على أن الحل الأمثل للحفاظ على أرصدة البلاد المجمدة، يتمثل في «إجراء انتخابات، وحل المجالس (منتهية الصلاحية)، ودعم القوات المسلحة وحل الميليشيات ونزع سلاحها... وبهذه الإجراءات قد ننجح في كبح جماح سطوة الفساد، ووضع حد للجرائم المالية».
إلى ذلك، تجول وزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد طاهر سيالة، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى مفكي، خلال زيارة تفقدية أمس، ضمت وفداً أفريقياً، داخل مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين في فرع طرابلس طريق السكة، واطلعوا، وفقاً لبيان جهاز مكافحة الهجرة، على مجريات الأمور داخل المركز. وأضاف المركز في بيانه، أن الوفد الأفريقي: «ثمّن جهود أعضاء الفرع لما يبذلونه من مجهودات لأجل خدمة وراحة المهاجرين غير الشرعيين».
في سياق قريب، طالب البحرية الليبية الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، بالضغط على دول الجوار لإغلاق حدودها مع ليبيا في وجه المهاجرين غير الشرعيين، والإسراع من وتيرة ترحيل من يتم ضبطهم متلبسين بالهجرة من البلاد، وحذرت «المنظمات الدولية غير الحكومية من المغامرة بالاقتراب من سواحلنا، أو الوجود غير القانوني في مياهنا البحرية كافة، انتظاراً للمهاجرين غير الشرعيين، في محاولة جذبهم، وإغرائهم بالتعاون مع تجار البشر والمهربين بالخروج والمجازفة بركوب البحر».
وذهب مكتب الإعلام والثقافة بالقوات البحرية الليبية، في بيان أمس، إلى أن «الصمت حيال تصرفات بعض المهاجرين، وخاصة تلك المتعلقة بالاستيلاء، وإجبار سفينة على التوجه إلى مالطا قد يغري آخرين بتكرار أعمال القرصنة»، لافتاً إلى أن «القوات البحرية، وحرس السواحل مستمران في أداء واجبهما الوطني والإنساني في الدفاع عن سيادة ليبيا، وقدسية مياهها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.