شهر من الألوان في صيف البحرين

عرس ثقافي وعروض سيرك وحفلات موسيقية بمشاركات عربية وعالمية

قدّمت فرقة «بلييز» حفلين اعتمدا على أساليب رقص «البريك دانس»
قدّمت فرقة «بلييز» حفلين اعتمدا على أساليب رقص «البريك دانس»
TT

شهر من الألوان في صيف البحرين

قدّمت فرقة «بلييز» حفلين اعتمدا على أساليب رقص «البريك دانس»
قدّمت فرقة «بلييز» حفلين اعتمدا على أساليب رقص «البريك دانس»

شهر من الاحتفالات المستمرة تحتضنها البحرين، ضمن فعاليات مهرجان «صيفنا ألوان» المقام حاليا والذي يعيد التجربة للعام السادس على التوالي، ويحمل هذا العام بين أحضانه العديد من الفعاليات والأنشطة المتنوعة المناسبة لجميع أفراد العائلة.
هذا العرس الثقافي الملّون قد بدأ مع افتتاح مدينة نخول، وهي الشخصية التي ابتكرتها وزارة الثقافة بهدف الترويج السياحي واستقطاب الأطفال للتعرف على الهويّة المحليّة.
وتقدم مدينة نخول بشكل يومي ومستمر على فترتين صباحيّة ومسائية تشكيلة متنوعة من الفعاليات والأنشطة وورش العمل الموجهة بشكل رئيس للأطفال، إذ تضمنت الورش القادمة من مختلف دول العالم فتح أسبار الأفكار والرؤى لدى الأطفال في شتى الفنون. ورشة «تخيل» قدمها جون جونسون من المملكة المتحدة، وتم خلالها تطوير اللغة البصرية لتعليم قيمة الذات لدى الأطفال، وكذلك ورشة عمل «فن القطع» التي قدمها بورجو أريلم من تركيا، وعلم فيها الأطفال كيفية تصميم الورق بطرق سحريّة. إضافة إلى مجموعة من الورش الصديقة للبيئة من خلال إعادة تدوير القمامة وصنع أعمال وتماثيل فنيّة من أشياء عادية مهملة. ناهيك عن مجموعة متطورة ومتنوعة من أنشطة الرقص والموسيقى والتمثيل والفنون التي قدمت عبر حصص تفاعلية للأطفال.
وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة قالت إن مهرجان صيف البحرين هو موعد سنوي لملامسة الجمال والفرح والأمل، خصوصا هذا العام، مع اختيار عنوان «صيفنا ألوان» ليكون عنوانا لشهر كامل من الفعاليات المتنوعة التي تحتضنها عروس الخليج. ونوّهت الوزيرة بأن صيف البحرين هو رهان ثقافي لنسج الألفة مع العالم عبر الثقافة والفنون وجمع أفراد الأسرة الواحدة من خلال صناعة ذاكرة مشتركة من الحب والبهجة.
على صعيد متصل، فقد احتضنت الفعاليات سيرك الأحلام في فانتازيا الأدغال، وذلك على مدى ثلاثة أيام بحضور جماهيري كبير. وقدم السيرك عرضه متضمنا العديد من المغامرات البهلوانية، والعروض الموسيقية التي تشبه موسيقى «برودواي»، وتصاميم مبتكرة للأطفال، حرص فيها على تقديم تجربة تتقاطع واهتمامات الأطفال في مختلف أنحاء العالم.
وقد شارك في عروض السيرك مجموعة من أمهر البهلوانيين ولاعبي خفة اليد والموسيقيين، مقدمين بذلك العديد من الفعاليات المتميزة، والمستوحاة من إبداعات الطبيعة، ومن بيئة الأدغال؛ حيثُ ارتدى العارضون أزياء تمتاز بتمايزها المدهش، وتصاميمها الدالة، خصيصا للعرض المستوحى من بيئة الغابة مع تداخل العديد من التأثيرات البصرية.
وجاء سيرك الأحلام من الولايات المتحدة الأميركية، حيث استلهم أعماله من مخلوقات عالم الطبيعة المتنوعة، والتي تتقمصها مجموعة من المحترفين حول العالم، جابوا بعروضهم المتميزة أكثر من 170 مدينة في أميركا الشمالية والعالم.
كما شاركت الشخصية الكارتونية المحببة للأطفال «دورا» في فعاليات مهرجان صيف البحرين لهذا العام، حيث قدّمت عرضا بعنوان دورا والقراصنة، تضمنت عرضا مسرحيا غنائيا متنوعا للأطفال، ترافقهم فيها الشخصية الكارتونية المحبوبة دورا ورفاقها، إذ انطلقت بصحبتهم في رحلتهم الشيقة إلى جزيرة الكنز بحثا عن القراصنة، وأخذتهم إلى عالم تفاعلي رائع من الخيال والرقص والمرح والغناء، وساعد الأطفال دورا خلال العرض عبر حل الألغاز وإرشادها إلى المكان المطلوب حيث يسكن القراصنة. وتهدف هذه الفعاليات فضلا عن الترفيه والمتعة إلى فتح أفق للخيال والإبداع لدى الأطفال، كما تخلق مشاركتهم دورا في حل الألغاز وتعزيز روح المشاركة لديهم، إضافة إلى العمل الجماعي، والانفتاح على الآخر وحب مساعدته.
ولم يغفل المهرجان مزاج الشباب والكبار من خلال حفل فني امتد على مدى يوميّن في الصالة الثقافية، أحياه الفنان العراقي إلهام المدفعي. إذ امتلأت مقاعد الصالة بالكامل خلال العرضين بما يزيد على 1500 شخص، بجانب آخرين قبلوا بفتح أبواب القاعة والاستماع إلى الأغنيات من الخارج، حيث لم يحالفهم الحظ للحضور مبكرا ودخول الحفل المجاني.
أقيمت الحفلات في أجواء من الفرح والدفء أضفاها الموروث الفلكلوري العراقي، إضافة إلى حضور الفنان المدفعي المميز، وأغنيته الحاضرة في أذهان المستمعين، إذ قدّم المدفعي في الحفل باقة من أجمل أغنياته المستلهمة من المقامات العراقيّة، والمقدمة بطريقة الجاز الشرقي التي شكلت جزءا من الذاكرة السمعية الموسيقية خليجيا وعربيا، بدءا من «الله عليك»، و«محمد بوية محمد»، و«شربتك الماي»، مرورا بـ«أنا بليّاك»، و«البغدادية»، و«خطار»، و«دقيت بابك»، و«مارينا»، وصولا إلى «البزرنقوش»، و«فوق النخل وسايب»، و«هذا مو إنصاف منك» و«مالي شغل بالسوق» وغيرها، وذلك بصحبة فرقته الموسيقية المنوعة بين آلات شرقية وغربية، تعكس فلسفة موسيقى المدفعي.
وقدّمت فرقة «بلييز» حفلين آخرين يتناسبان مع الأذواق المتنوعة للجماهير، وذلك عبر تقديم فعاليات فنيّة للجمهور الشبابي والناشئة على موسيقى وإيقاعات أشهر الأغنيات العالمية، لمايكل جاكسون، وليدي غاغا، فقد أدى 16 استعراضيا بالفرقة البريطانية عروضا مميزة. فقدمت الفرقة أداء متنوعا اعتمد على أساليب رقص «البريك دانس» و«رقص الشارع»، وهي رقصات تعتمد على موسيقى الهيب هوب أو الراب والتعبير الجسدي. وتعتبر من أصعب أنواع الرقص وأخطرها، حيث وظف راقصو بلييز الموسيقى والإيقاع والضوء والأداء المسرحي ومؤثرات الغرافيكس، ضمن عدد من المشاهد والرقصات المصممة بعناية. واستبقت الفرقة ذلك بعروض ترويجية جالت مجمع «السيتي سنتر» التجاري، حيث التقت مع الناس وتفاعلت معهم.
شهرٌ من الفرح والجمال نظمته وزارة الثقافة البحرينية مقدّمة للسائح والمقيم والمواطن نشاطا صيفيا يرطّب حرّ الفصل ويضع البسمة على وجوه كل زواره.
يذكر أن مهرجان «تاء الشباب» الذي تشرف عليه الوزارة ويقيمه شباب يبدأ يوم 30 الحالي ويستمر حتى 19 سبتمبر (أيلول) المقبل مع نهاية فعاليات صيف البحرين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».