ميلادينوف في غزة لبحث مشاريع التهدئة

إسرائيل توسع مساحة الصيد البحري... ومصادر تتهم «الجهاد» بالعمل على نسف الاتفاق

متظاهر فلسطيني بقناع قرب السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل السبت الماضي (أ.ب)
متظاهر فلسطيني بقناع قرب السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل السبت الماضي (أ.ب)
TT

ميلادينوف في غزة لبحث مشاريع التهدئة

متظاهر فلسطيني بقناع قرب السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل السبت الماضي (أ.ب)
متظاهر فلسطيني بقناع قرب السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل السبت الماضي (أ.ب)

وصل منسق عملية السلام في الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف إلى قطاع غزة، أمس، في خضم مباحثات التهدئة التي ترعاها مصر.
والتقى ميلادينوف رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية ومسؤولين آخرين، من أجل بحث دور الأمم المتحدة في التهدئة. وقررت الأمم المتحدة تشغيل آلاف الخريجين ضمن مشاريع التشغيل المؤقت والإشراف على تنفيذ عدد من المشاريع الأخرى.
وزيارة ميلادينوف تدعم بشكل كبير الاتفاق الذي تعمل عليه مصر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
وتوصلت مصر إلى اتفاق يشمل توسيع مساحة الصيد البحري ورفع المنع عن عشرات المواد (نحو 80 مادة) الممنوعة من دخول غزة، بسبب أنها «مزدوجة الاستعمال»، وإجراء مباحثات من أجل إنشاء مناطق صناعية وزيادة عدد الشاحنات المسموح بدخولها إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، وتحويل الأموال من دون تأخير واستمرار إدخال الوقود وزيادة الإمدادات، ونقاش بناء خزانات إضافية والسماح بمشاريع بنى تحتية، وزيادة عدد المسموح بتوظيفهم على بند التشغيل المؤقت لـ20 ألف شخص.
وتدخل الأمم المتحدة مباشرة على خط المشاريع بما في ذلك التشغيل المؤقت. ووسعت إسرائيل أمس مساحة الصيد البحري في قطاع غزة لمسافة أقصاها 15 ميلاً بحرياً. وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: «تأتي هذه الخطوة في إطار السياسة المدنية لمنع تدهور في الحالة الإنسانية في قطاع غزة، وانطلاقاً من السياسة التي تميّز بين الإرهاب والمجتمع المدني». وأَضاف: «تطبيق الخطوة مشروط بالتزام الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة بالتفاهمات، حيث لن يسمح بخرق المسافات التي تم التوافق عليها وستتم معاملة أي خرق من قبل قوات الأمن».
وكانت إسرائيل أعادت فتح معابر القطاع ضمن اتفاق التهدئة. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن التفاهمات الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، أفضت إلى توسيع مساحة الصيد بشكل غير مسبوق منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000. وأضافت الصحيفة: «زادت مساحة الصيد حتى 28 كم (15 ميلاً بحرياً) في عمق البحر، وهي خطوة غير مسبوقة منذ عام 2000». وأكدت أن الخطوة «تشكل جزءاً من التفاهمات الصغيرة والهادئة التي تم تحقيقها نهاية الأسبوع، بينما تستمر المفاوضات لتفاهمات أكبر».
وتنتظر «حماس» الآن جداول زمنية من إسرائيل لتطبيق الاتفاق.
وكان من المفترض أن يتسلم الوفد المصري هذه الجداول، الأحد، بحسب ما أعلن المسؤول في «حماس» خليل الحية، لكن الوفد غادر الأحد ولم يعد. ويتوقع أن يعود الوفد في أي وقت للقطاع من أجل الاتفاق النهائي على الهدنة. وتقول «حماس» إن إسرائيل الآن في مرحلة اختبار.
لكن مصادر إسرائيلية حذرت بوجود معلومات لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية، من نية حركة «الجهاد الإسلامي» شن سلسلة من الهجمات ضد إسرائيل، من أجل نسف الاتفاقات والتفاهمات بين «حماس» وإسرائيل التي تجري بوساطة الأمم المتحدة ومصر.
وقالت المصادر إنه «في الساعات الأخيرة رصد مسؤولون أمنيون نشاطاً لعدد من عناصر الجناح العسكري للجهاد الإسلامي في عدة مواقع، على طول السياج الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل». وأضافت المصادر الأمنية الإسرائيلية أن «هذه النشاطات يمكن أن تكون محاولات إطلاق صواريخ مثل صاروخ (كورنيت) تجاه هدف إسرائيلي، أو وضع عبوات ناسفة على طول السياج الحدودي أو حتى محاولة اختراق السياج الحدودي لتنفيذ هجوم».
وقالت المصادر بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن هذه الاستعدادات للجهاد الإسلامي تجري من دون علم الوسطاء المصريين وحتى من دون علم حركة حماس. ويبدو أن التعليمات وصلت إلى الجناح العسكري للجهاد من مكتب قائد التنظيم زياد نخالة في بيروت.
وتابعت: «ليس من الواضح حتى الآن، لماذا يسعى الجهاد إلى إحباط التسوية كلياً، ويمكن أن يعود ذلك إلى عدم رضا الجهاد الإسلامي عما سيحصل عليه من التسوية، أو أن الحديث يدور عن أوامر أو توصية إيرانية تهدف إلى نسف التسوية».
وكان الجهاد الإسلامي مسؤولاً بحسب الإسرائيليين عن إطلاق 6 قذائف إلى المناطق الإسرائيلية في محيط قطاع غزة مساء السبت وفجر الأحد. وفي اللجنة الموسعة بقطاع غزة التي تتلقى معلومات من المخابرات المصرية حول تقدم المفاوضات، يجلس اثنان من قادة الجهاد؛ داود شهاب وخالد البطش. وليس من المعروف إن كانا جزءاً من هذه الخطة الهادفة لنسف التسوية عن طريق هجوم كبير، أم لا.
ويدير مفاوضات التسوية بين إسرائيل و«حماس» أحمد عبد الحق مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية، ومبعوث الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» نيقولاي ميلادينوف الذي يتواجد حالياً في قطاع غزة للاجتماع مع قيادة «حماس» للتباحث حول جهود التسوية.
المسؤول من قبل «حماس» عن المفاوضات هو زعيم التنظيم في القطاع يحيى السنوار، وفي إسرائيل المسؤول هو رئيس مجلس الأمن القومي مائير بن شابات.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.