«جمهورية» أبخازيا تستعد لافتتاح سفارة في دمشق

الحكومة السورية تطوِّر علاقاتها مع أقاليم انفصالية موالية لموسكو

جنود أتراك في عفرين شمال سوريا (أ.ب)
جنود أتراك في عفرين شمال سوريا (أ.ب)
TT

«جمهورية» أبخازيا تستعد لافتتاح سفارة في دمشق

جنود أتراك في عفرين شمال سوريا (أ.ب)
جنود أتراك في عفرين شمال سوريا (أ.ب)

أعلن وزير خارجية أبخازيا داور كوفي، أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد افتتاح سفارة «جمهورية أبخازيا» في دمشق.
وقال كوفي لوكالة أنباء «سبوتنيك» الحكومية الروسية: «ندرس هذه المسألة وأعتقد أن السفارة ستفتح أبوابها في المستقبل القريب»، مشيراً إلى أن «أسباب تقنية كانت وراء تأخير اتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن».
وكانت دمشق قد أعلنت في نهاية مايو (أيار) من العام الماضي اعترافها باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية لتكون بذلك خامس بلد يعترف بانفصال هذين الإقليميين عن جورجيا بعد روسيا وفنزويلا ونيكاراغوا وناورو.
وفي سبتمبر (أيلول) 2018 وقّع الرئيسان السوري بشار الأسد، والأبخازي راؤول خاجيمبا، خلال زيارة الأخير إلى دمشق اتفاقيتين لتشكيل لجنة مشتركة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والعلوم والفن والثقافة، وتسهيل وتنمية التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين. وأعلنا عن إبرام معاهدة صداقة.
وسبق ذلك زيارة قام بها إلى دمشق زعيم أوسيتيا الجنوبية أناتولي بيبيلوف، ووقّع خلالها الطرفان اتفاقات تعاون مماثلة. وأثار اعتراف دمشق باستقلال المنطقتين استياءً واسعاً لدى جورجيا التي أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، كما أثارت انتقادات لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ففي حين رحّبت به ممثلة الإقليم الانفصالي قال خاجيمبا إن الخطوة السورية «تعكس رغبة البلدين المشتركة في تطوير العلاقات في جميع المجالات».
وأكد نائب وزير الخارجية الأبخازي كان تانيا، أن الاعتراف السوري بالجمهورية «أمر مهم من الناحية الإنسانية وذلك لوجود جالية أبخازية تعيش في سوريا، والعديد من مواطني سوريا من أصول أبخازية يعيشون حالياً في أبخازيا، وأن إقامة العلاقات الدبلوماسية سوف تُسهل التواصل بينهم»، لكن جورجيا رأت في الخطوة «انتهاكاً لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي رفضت بغالبية ساحقة قرار انفصال الإقليمين»، ولفتت في تعليق على التطور في حينها إلى أن دمشق تحاول «مجاملة موسكو عبر اعتراف باستقلال أراضٍ محتلة».
وكان إقليما أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية قد أعلنا انفصالاً من جانب واحد عن جورجيا، وخاضا حرباً ضدها بدعم من روسيا، التي تدخلت عسكرياً بشكل مباشر لفرض انفصالهما عملياً بعد الحرب الروسية الجورجية التي استمرت خمسة أيام في صيف عام 2008 وأسفرت عن سيطرة موسكو على الجمهوريتين اللتين أعلنتا عن رغبة في الانضمام إلى الاتحاد الروسي.
وكان اعتراف سوريا في وقت سابق بقرار موسكو ضم شبه جزيرة القرم قد أثار ردود أفعال مماثلة ضد دمشق من جانب أوكرانيا والغرب. وقامت كييف بتخفيض العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، ورفضت تجديد اعتماد الدبلوماسيين السوريين، ما أسفر لاحقاً عن إغلاق السفارة السورية في العاصمة الأوكرانية.
ورغم أن أوكرانيا التزمت الحياد وتجنبت التعليق سابقاً على الأزمة الداخلية في سوريا فإن إعلان دمشق في بداية 2016 الاعتراف بالقرم «جزءاً لا يتجزأ من روسيا» أسفر عن تحول في الموقف الأوكراني. وكانت رئيسة مجلس الشعب السوري هدية عباس، قد أعلنت اعتراف بلادها بشرعية استفتاء سكان القرم والانضمام إلى قوام روسيا الاتحادية. وقالت لوسائل إعلام روسية إن «الاستفتاء الذي جرى في جمهورية القرم في الـ16 من مارس (آذار) 2014، عبّر عن تطلعات المواطنين للعودة إلى أصولهم، أي إلى روسيا الأم. أرادوا أن يتّحدوا من جديد مع وطنهم الأم روسيا. هذا ما قد حدث. ونحن نعترف بأن جمهورية القرم جزء لا يتجزأ من روسيا الاتحادية».
وعلق رئيس جمهورية القرم سيرغي أكسيونوف، على القرار السوري، مشيراً إلى أن «الموقف صادق وشجاع ومنفتح، وأهل القرم متضامنون مع الشعب السوري الذي يكافح الإرهابيين مدعوماً من روسيا».
وسارت دمشق منذ عامين خطوات لتعزيز اعترافها بضم القرم إلى روسيا عبر تأسيس غرف تجارية مشتركة وإقامة معارض وندوات وإطلاق عمل «البيت التجاري السوري» في شبه الجزيرة.
ورغم أن موسكو على المستوى الرسمي رحّبت باعتراف دمشق باستقلال المناطق الانفصالية وبقرار ضم القرم فإن خبراء قللوا من أهمية الحدث، ورأى رئيس الأبحاث في معهد حوار الحضارات أليكسي مالاشينكو، أن «موسكو دفعت الحكومة السورية إلى الاعتراف بالجمهوريات القوقازية الانفصالية. وبالنظر إلى سمعة الأسد والوضع الذي يوجد فيه على المستويين الإقليمي والدولي، فإن هذه ليست أفضل خطوة دبلوماسية لروسيا. إن أضرارها أكثر من فوائدها».
وزاد أن الوضع «لا يعطي شيئاً سوى بعض الفكاهة. لدينا فنزويلا وناورو ونيكاراغوا والآن سوريا التي تحلق في سمائها الطائرات الروسية. بطريقة ما يبدو هذا مؤسفاً جداً. هذه ليست سوى ضربة للهيبة الروسية».
في المقابل قال المحلل السياسي الروسي نيكولاي سيلاييف، إن الاعتراف السوري مهم لموسكو، لأنه «للمرة الأولى في التاريخ الحديث، يدعم أحد الحلفاء موقف روسيا بشأن قضية لا تدخل في نطاق اهتماماته الخاصة»، مشيراً إلى أن «هذا يطرح سؤالاً على الحلفاء الروس الآخرين: إذا كنت ترفض التوجه نحو روسيا حتى في شيء بسيط مثل الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، فهل أنت حليف؟». وحملت هذه العبارات إشارات واضحة إلى امتناع كل حلفاء روسيا في الفضاء السوفياتي السابق، فضلاً عن الصين، عن الاعتراف بخطواتها في القرم وفي مسألة انفصال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا.
ورأى الخبير أن «العلاقات مع جورجيا ليست مهمة للغاية بالنسبة إلى الأسد. بعبارة ملطفة، هو لا يخسر شيئاً لأن جورجيا قطعت العلاقات الدبلوماسية معه. بينما يمكنه استغلال هذه اللحظة لتحقيق تقدم في الموقف الروسي بشأن بعض القضايا الأخرى».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.