تقلبات السندات تعكس تفاقم حالة القلق في الاقتصاد العالمي

أميركا ليست محصنة وتراجع بالغ للثقة بمنطقة اليورو وارتباك في بريطانيا

تشير الدلائل إلى أن الاقتصاد الأميركي ليس محصناً في مواجهة استمرار تباطؤ النمو العالمي في 2019 (رويترز)
تشير الدلائل إلى أن الاقتصاد الأميركي ليس محصناً في مواجهة استمرار تباطؤ النمو العالمي في 2019 (رويترز)
TT

تقلبات السندات تعكس تفاقم حالة القلق في الاقتصاد العالمي

تشير الدلائل إلى أن الاقتصاد الأميركي ليس محصناً في مواجهة استمرار تباطؤ النمو العالمي في 2019 (رويترز)
تشير الدلائل إلى أن الاقتصاد الأميركي ليس محصناً في مواجهة استمرار تباطؤ النمو العالمي في 2019 (رويترز)

واصلت عائدات السندات العالمية تراجعها الحاد خلال الأسبوع الماضي، بما يعكس إلى حد ما المخاوف المتعلقة بالنمو العالمي. وقد شجع ذلك المشاركين في السوق للبدء في تسعير إمكانية إقدام البنوك المركزية الكبرى على خفض أسعار الفائدة.
وكان البنك الاحتياطي النيوزيلندي أول بنك مركزي من ضمن مجموعة العشرة الكبرى الذي أعلن صراحة عن تبني سياسة نقدية تيسيرية بما يعكس حالة القلق تجاه تراجع معدلات النمو العالمي وارتفاع الدولار النيوزيلندي الملقب بالكيوي... إلا أنه على الرغم من ذلك، كان تراجع عائدات السندات أكثر وضوحاً في الولايات المتحدة مما أدى إلى تحرك فروق عائدات السندات في اتجاه معاكس للدولار الأميركي، إلا أن الدولار تمكن من الصمود مقابل العملات الرئيسية نظراً لاستمرار الضغوط الناتجة عن حالة عدم اليقين في التأثير على العملات الأخرى بخلاف الدولار.
وأكد تقرير صادر عن وحدة الأبحاث في بنك الكويت الوطني أن الدلائل تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي ليس محصناً في مواجهة استمرار تباطؤ النمو العالمي في العام 2019، وتمت مراجعة نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع وخفضها إلى 2.2 في المائة، من 2.6 في المائة، فيما يعد أقل بكثير من المعدلات المتوقعة، حيث إن تلك النسبة أقل بشكل حاد من نسبة 3.4 في المائة المسجلة في الربع الثالث. بالإضافة إلى ذلك، تراجعت مؤشرات ثقة المستهلك من 131.4 نقطة إلى 124.1 نقطة مع تراجع المؤشرات الخاصة بالتوقعات والظروف الحالية. كما أن الإقبال الشديد على شراء سندات الخزانة الأميركية يرسل إشارات واضحة عن حالة القلق السائدة تجاه المستقبل.
وأشار الكثير من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تصريحاتهم الأسبوع الماضي إلى توقع تباطؤ النمو الاقتصادي هذا العام، إلا أنهم أبقوا على النظرة التفاؤلية. وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ولاية نيويورك جون ويليامز إن «الوضع الأرجح» يتمثل في إمكانية نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2 في المائة فقط مع تراجع معدلات البطالة، وإن احتمال حدوث ركود هذا العام «لا يعد مرتفعاً مقارنة بأي سنة أخرى».
من جانب آخر، صرح رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، جيمس بولارد أن «سلسلة البيانات الضعيفة» «ربما تكون مؤقتة في معظمها»، وأنه «من السابق لأوانه التفكير في خفض أسعار الفائدة».
وقبل أيام، قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إنه يتطلع قدماً إلى «اجتماعات مثمرة» لدى وصوله إلى بكين مع الممثل التجاري روبرت لايتهايزر لحضور جولة جديدة من المفاوضات التجارية مع الصين. وصرح منوتشين للصحافيين قائلاً: «يسعدني أنا والسفير لايتهايزر العودة مجدداً إلى بكين، ونتطلع إلى اجتماعات مثمرة». كما أفادت «رويترز» بأن المقترحات التي قدمتها الصين تعد أفضل مما تم طرحه في السابق بما يبعث بالأمل في التوصل إلى الاتفاق التجاري المنشود.
أما على صعيد أسواق الأسهم، فقد شهدت استقراراً بعد أن تبين اقتراب المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين من التوصل إلى حل وسط. وبعد عقد اجتماعات كثيرة على مدى الشهور الماضية ذكرت وكالة «رويترز» أن بكين قدمت خطة جديدة للحد من نقل التكنولوجيا وفتح الأسواق الصينية أمام المنافسة الأجنبية.
- منطقة اليورو
أوروبياً، أظهرت المؤشرات الاقتصادية في منطقة اليورو علامات ضعف جديدة الأسبوع الماضي بعد ظهور نتائج عدد من مؤشرات الثقة بشكل أسوأ من المتوقع. وكشفت المفوضية الأوروبية أن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو تراجعت إلى 106.1 نقطة في فبراير (شباط) مقابل 106.3 في يناير (كانون الثاني) مسجلة أدنى مستوياتها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 بسبب «تراجع الثقة بشكل ملحوظ في القطاع الصناعي».
وتراجع مؤشر مناخ الأعمال في منطقة اليورو إلى 0.53 نقطة مقابل 0.69 نقطة، فيما يعد أدنى من مستوى التوقعات البالغ 0.69 نقطة. وكان أداء المكونات الخمسة للمؤشر سيئاً بصفة عامة، في حين شهدت وجهات نظر المديرين حول الإنتاج السابق وتوقعات الإنتاج، وتقييماتهم لكل من دفاتر الطلبات العامة والتصدير تراجعات حادة.
كما تتضح أيضاً حالة انعدام الثقة في تحركات عائدات سندات الخزانة مع تراجع عائدات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات إلى ما دون الصفر. ومع تزايد احتمال مواجهة البنك المركزي الأوروبي لصعوبات في رفع أسعار الفائدة، هناك شواهد أخرى تدفع نحو استمرار حالة تراجع عائدات السندات.
وتحدث محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي الأسبوع الماضي عن الوضع الاقتصادي لمنطقة اليورو، معززاً الآراء التي تنادي باستمرار السياسة النقدية التيسيرية. وأكد دراغي أن فقد زخم النمو في منطقة اليورو العام الماضي قد امتد أثره في العام 2019 نتيجة لسيادة حالة عدم اليقين تجاه الاقتصاد العالمي على نطاق واسع. وتابع أن فقدان زخم النمو يمكن أن يصبح أكثر اتساعاً واستمراراً إذا تحقق نوعان من المخاطر: أولاً، في حالة استمرار تدهور الطلب الخارجي، وثانياً، إذا انتقل هذا التدهور ليطال الطلب المحلي.
في الوقت ذاته، أكد دراغي أن الخطر الأول قد تحقق نسبياً، حيث واصلت التجارة العالمية تدهورها، مما أثر بشكل كبير في قطاع الصناعات التحويلية. وسجل نمو واردات السلع العالمية في يناير أدنى مستوياته منذ الكساد الكبير على خلفية ازدياد حالة عدم اليقين تجاه النزاعات التجارية وتباطؤ اقتصادات الأسواق الناشئة، لا سيما الصين. ويرى دراغي أنه حتى الآن، ظل الاقتصاد المحلي مرناً نسبياً، وما زالت محركات التوسع الحالي قائمة، إلا أن المخاطر المتعلقة بالآفاق الاقتصادية لا تزال تتجه إلى الجانب السلبي. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت السياسة النقدية الحالية ستسهم في استمرار دعم الطلب المحلي؟
ومع خفض توقعات التضخم هذا العام ليصل إلى 1.6 في المائة في العام 2021 ستبقى السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي ملائمة، وسوف تستجيب لأي تغييرات قد تطرأ على توقعات التضخم.
- المملكة المتحدة
استمر الجنيه الإسترليني في مواجهة تقلبات السوق على خلفية انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، حيث فقد نحو 1 في المائة من قيمته خلال الأسبوع المنتهي يوم الجمعة 29 مارس (آذار)، حيث يتصادف مع التاريخ المحدد للانفصال رسمياً. وبدلاً من انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، أعادت رئيسة الوزراء تيريزا ماي صفقة الانفصال التي خسرت التصويت عليها مرتين إلى البرلمان مرة أخرى للتصويت عليها.
حيث صوت البرلمان بأغلبية 344 صوتا لصالح رفض اتفاق الانسحاب مقابل 286 صوتا، وسيكون أمام المملكة المتحدة حتى 12 أبريل (نيسان) الحالي - وهو التاريخ الذي يتعين على المملكة المتحدة أن تشير فيه إلى ما إذا كانت ستقدم مرشحين في انتخابات البرلمان الأوروبي - «للإشارة إلى طريق المضي قدماً».
ويترك هذا التصويت للمملكة المتحدة مجالاً لمدة أسبوعين فقط للتوصل إلى حل، ولم يتضح بعد الخطوة المقبلة لحكومة تيريزا ماي، إلا أن المجلس الأوروبي دعا لإقامة قمة أوروبية طارئة في 10 أبريل.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».