الشاعرة الإيرانية ناهيد كبيري: اسمحوا لي بفتح النافذة

عن دار نشر «نكَاه»؛ صدرت مؤخراً للشاعرة والروائية الإيرانية ناهيد كبيري مجموعة شعرية بعنوان: «مساءات العطر والمشط والمظلة»، تضمنت 50 قصيدة نثرية. في هذه المجموعة تؤكد كبيري استحقاقها التقييم النقدي الذي يرى في تجربتها الشعرية الصوت النسوي الأكثر أهمية من بعد فروغ فرخزاد. ولا تنكر كبيري تأثرها بفروغ فرخزاد... تقول في إحدى مقابلاتها: «كثيرون تأثروا في بدايات مسارهم الشعري بفروغ فرخزاد. شخصياً لا أستثنى من هذا السياق، ولكني أعتقد أنني تأثرت على نحو أعمق بقصيدة أحمد شاملو، وبديهي جداً أن أشطب الصوت الملحمي الذي تمتاز به قصيدته؛ إذ سعيت دائماً إلى أن أجد الإيقاع المناسب للاحتجاج، على اعتبار أن القصيدة ذات صلة دائمة بالاحتجاج، والكتابة هي أسمى لحظات احتفال المبدع بالحرية».
امتازت رواياتها الأربع: «ليل ونجوم وسارا» و«لا تأخذوني إلى بغداد» و«سفينة شهر العسل» و«إطلاق رصاص في شارع بانك هيد» بشخصيات تواجه التحديات في جغرافيات متباعدة؛ بغداد وطهران ولندن وواشنطن، عبر مونولوج متقطع وسياقات متشابكة اعتماداً على الاسترسال الذهني لشخصيات تسعى إلى الاستقرار دون أن تصل إليه.
صدر لكبيري 9 مجموعات شعرية؛ أهمها «لحظات في مهب الريح» و«الغروبيون» و«أمنيات خريفية» و«رسمة للحجر... توضيح للطائر» و«مسرات متناثرة» و«نافذة فحسب ويهطل المطر» و«أزيح الغيم عن فستاني». التمرد على الواقع دون إغفال البعد الرومانسي في علاقة الأنثى بالآخر هو السمة الأبرز في قصيدة كبيري.
هنا ترجمة لبعض قصائدها:
هل تسمح لي سيدي؟
أيها السيد
هل تسمح لي أن أفتح النافذة
على مشاعر النور
أن أحدق في عيني الحياة
من هذه المسافة النائية؟
هل تسمح لي أن أحقق ذاتي
في يوم واحد من هذه الأيام
الخمسة والستين والثلاثمائة؟
أن أتحرر من الالتزامات الواهية
أن أنساب أكثر من الشمس على العشب الأخضر
أن أحط أعلى من الطائر على غصن الشجرة
أن أتوحد مع الريح والطائر والسمكة
- سمكة الشمس السعيدة
لأمتزج مع زخات المطر
وهدير ماء النهر
لأنفصل عن كل: قفي، لا تفعلي، ممنوع!
هل تسمح لي أيها السيد
أن أكون عاشقة في أحلامي
أن أدع حياتي في مدار القبلات
والشهامة والنور
أن أهجر الإبرة والخيط
الملابس والمكواة؟
هل تأذن لي أن أحيي جاري
أن أنسج شالاً من بكاء الغروب
لعابر سبيل لا أعرفه؟
هل تسمح لي أن أغادر هذه البلاد
دون استئذانك
أن أرحل نحو محراب الوردة الحمراء
في مروج الربيع؟
هل تأذن لي...
هل تأذن لي...
هل تأذن لي أن أستهزئ بكل شيء
أن أقول لك إن قانونك خاطئ
وإن هذه العدالة مرفوضة

- جاء الضيوف
جاء الضيوف
وطرق المطر زجاج النوافذ
كي ترتفع قامات حبات الأرز
وتلتاع مشاعر سمكة بلا بحر
فوق أزاهير السجاد
نفض الرجال
مظلات المصطلحات السياسية
المستلة من الصحف
والنساء امتدحن فوائد تناول الخبز
والجبنة والخضراوات
لتجنب قدوم الزوجة الثانية
حتى وإن تجاهلن اختباء حوادث أخرى
وراء أقنعة السياسة العمياء
ومؤامرة شجرة البرتقال
التي لم تثمر هذا العام
لكن ما مصير الصلوات السبع
للجدة في سماء متجمدة؟
وإلى أن يجتمع الضيوف حول المائدة
يكون عصير الرمان قد فقد مذاقه
كان مطرب الأغنيات الجميلة
محاصراً داخل روحه
حينما تذكرتُ رسالة حب
تساقطت من شجرة الكاكي على الشمس
ما زال الضيوف جالسين
يحتسون الشاي
دون أن ينتبهوا للصيف
منتشراً على مشدّ صدري
الحديث معك
الربيع كان تبريراً لأقول:
أحبكَ
لأعلق ورود كلامي الحمراء
على جبين المزرعة الخصب
الربيع كان تبريراً
لأهش وأطير العصافير التي على الأكتاف
إلى كرنفال البحار
ولأمنح عناوين الرياح الغريبة المهاجرة
لجبال الدهر الصامدة
الربيع كان تبريراً
لأعود إلى نهاية الشارع
حيث كان بيتنا القديم
لأطرق باشتياق
تلك الباب الأليفة المقببة
لأقتاد طفولتي
في تمام الرابعة والنصف من ظهر الربيع
مع: آيس كريم وكرزات
إلى السينما
لأضحك مع الحب
وأحارب الوحش
وأرمي قشور الفستق بلا مبالاة
تحت هيكل الكرسي
لأهرّب أحلامي
في «الغابة» مع «جيمي» وحبل «طرزان»
إلى الجهة الأخرى من العالم
الربيع كان تبريراً لأقول:
مجنونة، مجنونة، مجنونة صرتُ
لأمزق رسائل الحب، الصحف، الفاتورات
الشهادة الدراسية
وثيقة الطلاق وكلّ شقائي وبؤسي
لأحرر نفسي من كلّ ما هو ذابل
من كل ما هو شتاء
من كل ما هو أسود...

الربيع كان تبريراً لأقول لك:
أيها الأكثر رأفة
تعالَ من وراء القضبان
لزيارتي
كان تبريراً
آه...
لأقول:
بلا تبرير أحبك
كانت تحدث ظلها
أشباح من حجر
تطرق أبوابنا ليلاً
حينما تكون معي
لن يكون هنالك خوف
لكني أحارب العتمة وحدي
لأهرب من دهاليز الوحشة
آه...
هنا حيث الهواء مفعم برائحة الغربة
أجلس ساعات
تحت مطر يغسل أكتاف السواحل
مانحة جسدي لسماء ممطرة
أتذكر؟
ذات يوم متعب
على طرق الأسواق القديمة
امرأة أضاعت نفسها
وكانت تحدث ظلها الغريب
لتعود بأكياس خالية
إلا من حفنة قلق
يرحل الخوف حينما تكون معي
وتصير النجمة قمراً أرميه من نافذتي نحوك
أهبه للريح كي يتجول في أزقة المدينة