لعب أوباما الغولف بعد فيديو ذبح فولي رسالة إلى «داعش»

خبراء ومسؤولون سابقون: الرئيس يجب ألا يكون أسير المشاعر والأخبار حتى يتخذ القرارات الصحيحة

الرئيس أوباما خلال مباراة الغولف أول من أمس (أ.ب)
الرئيس أوباما خلال مباراة الغولف أول من أمس (أ.ب)
TT

لعب أوباما الغولف بعد فيديو ذبح فولي رسالة إلى «داعش»

الرئيس أوباما خلال مباراة الغولف أول من أمس (أ.ب)
الرئيس أوباما خلال مباراة الغولف أول من أمس (أ.ب)

كان أوباما قد أغلق لتوه الهاتف بعد مكالمة مع الوالدين المكلومين، قبل أن يتجه للوقوف أمام الكاميرات. أعلن الرئيس باراك أوباما، الذي بدا متأثرا على غير العادة، أنه يشعر بالحزن إزاء جريمة القتل الوحشية التي ارتُكبت ضد الصحافي الأميركي جيمس فولي، وتعهد بعدم اللين في مواجهة المتطرفين الإسلاميين الذين يهددون بقتل أميركي آخر.
ولكن بمجرد أن غادرت الكاميرات، توجه أوباما إلى ملعب الغولف المفضل لديه في جزيرة مارثا فينيارد، حيث يقضي عطلته، ليبدو وكأنه استطاع أن ينحي الجريمة الهمجية بعيدا عن ذهنه. وأمضى أوباما بقية فترة ما بعد الظهيرة في ملعب الغولف، حتى بعد أن انطلقت عاصفة من الانتقادات ضد ما رآه كثيرون لا مبالاة قاسية منه تجاه الجريمة التي أدانها لتوه.
يتعلم الرؤساء تنحية مشاعرهم جانبا، والفصل في حياتهم؛ فهم يتعاملون مع الموت في دقيقة ما، ويسعون إلى الراحة الذهنية والبدنية في الدقيقة التالية. يقول مسؤولون سابقون وحاليون في البيت الأبيض إنه في سبيل اتخاذ قرارات هادئة تحقق أفضل مصلحة للبلاد، ومن أجل إدارة أعباء أكثر وظيفة تتعرض لضغوط على وجه الأرض، يجب أن يحذر الرئيس من أن تستنزفه المشاعر في المواقف التي تواجهه. كما يشتهر عدد من الرؤساء بكونهم أكثر هدوءا وموضوعية في مشاعرهم من أوباما.
ولكن التناقض بين إدانته الغاضبة للإرهابيين، وخروجه للعب الغولف في الأسبوع الحالي أدى إلى نتائج غير مقصودة لهذا الانفصال؛ فإذا كان أوباما يريد أن يوضح لأعداء أميركا أنهم لا يستطيعون إجباره على تغيير مواعيده، فقد أظهر لكثير من أصدقاء أميركا أنه يحتقر سياسة التظاهر. ويقول مساعدو أوباما إنه توقف منذ فترة طويلة عن القلق بشأن ما يقوله المنتقدون، وبعد الغضب الذي أثاره لعب الغولف، يوم الأربعاء الماضي، تحدى أوباما المهاجمين بلعبه الغولف يوم الخميس أيضا، حيث خرج للمرة الثامنة في غضون 11 يوما أمضاها في الجزيرة.
وكان الحدث لافتا للأنظار بسبب قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإلغاء إجازته، بعد أن نشر تنظيم «داعش» فيديو يظهر فيه مقتل فولي، وذلك لأن لهجة القاتل المقنع أشارت إلى أنه جاء من بريطانيا.
وصرح نائب الرئيس السابق ديك تشيني إلى «فوكس نيوز» بأن أوباما كان «يفضل أن يكون في ملعب الغولف على أن يتعامل مع الأزمة».
ولكن لم تقتصر الانتقادات على المعارضين السياسيين المعتادين، حيث أعرب كثير من الديمقراطيين عن عدم موافقتهم على ما عدوه خطأ في التقدير. كتب إزرا كلاين، المدون الصحافي الذي عادة ما يعرب عن تعاطفه مع أوباما، على موقع «تويتر» يوم الأربعاء الماضي قائلا: «إن لعب الغولف اليوم اختيار سيئ». ونشرت «نيويورك ديلي نيوز» على صفحتها الأولى صورة للرئيس المبتسم في سيارة الغولف إلى جانب صورة لوالدي فولي المنهارين، تحت عنوان: «الرئيس في عربة الغولف.. ووالدا فولي حزينان»
وقال جيم مانلي، الخبير الاستراتجي الديمقراطي القديم: «كقاعدة عامة، أعتقد أنه على صواب في عدم بقائه رهينة لدوائر الأخبار. يحتاج الرجل إلى بعض الراحة، ولكن في هذا الموقف تحديدا، أعتقد أن كثيرا من الديمقراطيين انزعجوا بعض الشيء».
أضاف مانلي بأن الفيديو كان «صادما إلى درجة أن فكرة خروجه مباشرة إلى ملعب الغولف كانت أكثر مما تحمله الناس، كانت تفتقر إلى الذوق».
عادة ما يعارض أوباما ما يراه لفتات سياسية فارغة من إلغاء مواعيده فجأة، كرد فعل على إحدى الأزمات. ويقول المساعدون إن لعبة الغولف لم تعكس عمق الحزن على مقتل فولي، مشيرين إلى أن الرئيس كان قد تحدث مع والديه في صباح اليوم ذاته.
وصرحت جينيفر بالميري، مديرة الاتصالات في البيت الأبيض قائلة: «كان قلقه على عائلة فولي وجيم ذاته واضحا لكل من شاهده وسمع خطابه».
ولا يُعد أوباما أول رئيس يقع في ورطة بسبب نادي الغولف المذكور.
في أحد أيام عام 2002 في ملعب الغولف، ألقى الرئيس جورج بوش الابن خطابا حادا أدان فيه تفجيرا انتحاريا وقع في إسرائيل، ومن دون أن يتوقف قليلا قال للصحافيين: «شاهدوا الآن هذه الضربة». لكن بوش صرح بعد ذلك بأن مثل هذه المواقف تعطي رسالة خاطئة، وفي خريف عام 2003. في ظل اشتعال حرب العراق، توقف بوش عن لعب الغولف حتى نهاية فترة رئاسته.
الأمر المهم بالنسبة للمدافعين عن أوباما لا يتعلق بما يفعله الرئيس من أجل تخفيف وطأة التوتر، ولكن ما يفعله تجاه تنظيم «داعش». وطالما دافع مساعدو رؤساء جمهوريين وديمقراطيين بأن القائد الأعلى للقوات المسلحة دائما ما يكون في الخدمة، بغض النظر عن مكان وجوده، وأنه، حتى في الإجازة، يتلقى تقارير موجزة ويجري اتصالات هاتفية ويصدر قرارات.
ويوجد رؤساء آخرون حصلوا على عطلات في أثناء أزمات رئيسة وأوقات حروب. في العام الحالي، قطع أوباما مرارا إجازته الصيفية للتعامل مع شأن العراق والاضطرابات العنصرية في فيرغسون بميزوري.
بالنسبة لأوباما، يُعد فيديو مقتل فولي شأنا شخصيا تماما، نظرا لظهور شخص آخر من بين ثلاثة مدنيين أميركيين محتجزين بوصفهم رهائن، وهو ستيفن سوتلوف، الذي جرت الإشارة إلى أنه سوف يكون القتيل التالي إذا لم يوقف الرئيس عمليات قصف أهداف تابعة للتنظيم في العراق.
قال القاتل الذي كان يرتدي قناعا على وجهه وهو يمسك بقميص سوتلوف البرتقالي اللون الشبيه بزي السجناء: «تتوقف حياة هذا المواطن الأميركي على قرارك التالي، أوباما».
لا يمكن أن يكون هناك موقف أكثر صعوبة قد يواجهه الرئيس. يعد إرسال قوات أميركية في وجه المخاطر أمرا صعبا بما فيه الكفاية، ولكنهم على الأقل متطوعون للخدمة ومدربون على مواجهة المخاطر التي يجدونها. وقد جعلت وسائل التواصل الاجتماعي مثل هذا الابتزاز بالقتل يثير مزيدا من الفزع. وبقدر ما يعرف مساعدو أوباما، لم يشاهد الرئيس الفيديو الذي بثه التنظيم، ولم ير المستشارون أنه يجب أن يشاهده.
قال بيتر دي فيفر، مساعد الأمن القومي السابق في إدارتي بوش وبيل كلينتون، الذي يعمل حاليا بالتدريس في جامعة دوك: «كان هذا سيكون مثيرا لقلق حاد. وهو أمر مختلف عما يشعر به الأميركيون العاديون الذين يشاهدون هذا عبر التلفزيون وهم يعلمون أنه ليس في وسعهم شيء. بالنسبة للرئيس أوباما، يوجد ما يمكنه فعله، ولكنه توصل إلى أنه لا يستطيع القيام به».
وصرح بروس هوفمان، الخبير في شؤون الإرهاب في جامعة جورجتاون، بأنه تنظيم الدولة فيما يبدو أخرج هذا الفيديو لبث أقصى درجات الخوف في أوباما وفي دولة تعتقد أن الحرب أرهقتها. وكان رد فعل أوباما القوي يوم الأربعاء «ضروريا ومهما؛ بأننا لا يخيفنا شيء ولن نتراجع».
أضاف هوفمان بأن ظهور سوتلوف في الفيديو عزز من حجم التهديد المباشر الذي ترسله الجماعة إلى الرئيس.. «لقد أظهروا بشاعتهم ويحاولون تحويل الأمر إلى قضية شخصية».
تعرض رؤساء سابقون إلى مواجهات شخصية مع إرهابيين يهددون حياة أشخاص أميركيين، بداية من الاستيلاء على السفارة الأميركية تحت رئاسة جيمي كارتر إلى اختطاف طائرة (تي دابليو إيه) رحلة رقم 847. واختطاف سفينة «أكيلي لاورو» في عهد رونالد ريغان.كما واجه أوباما أيضا هذا الموقف من قبل؛ حين وجه وارين وينشتاين استشاري التنمية الأميركي، المختطف من تنظيم القاعدة في باكستان، مناشدة مباشرة إلى الرئيس في مقطع فيديو نُشر في نهاية العام الماضي. وفي مايو (أيار)، أمر أوباما بتنفيذ عملية تبادل مع طالبان للإفراج عن الجندي بو بيرغدال، بعد أن توصل إلى أن حياته في خطر.
وصرحت فرانسيس فراغوس تاونسند، مستشارة مكافحة الإرهاب سابقا في إدارة بوش، بأنه من المهم تفادي انغماس الرئيس في المشاعر المتعلقة بمثل تلك المواقف، مضيفة أنها لم تكن لتعرض فيديو «داعش» على أوباما.
وأضافت: «يجب أن تبذل جهدا كبيرا لكي تثبت أنه أمر غير شخصي. ويجب ألا تجعلهم يحققون ذلك. قد يستخدمون اسمك، وقد يحولون الأمر إلى شخصي، ولكنه ليس كذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».