روسيا وتركيا تؤكدان ضرورة تشكيل اللجنة الدستورية السورية

لافروف وجاويش أوغلو بحثا في وضع إدلب والمنطقة الآمنة

نازح من مخيم الهول شرق سوريا (أ.ف.ب)
نازح من مخيم الهول شرق سوريا (أ.ف.ب)
TT

روسيا وتركيا تؤكدان ضرورة تشكيل اللجنة الدستورية السورية

نازح من مخيم الهول شرق سوريا (أ.ف.ب)
نازح من مخيم الهول شرق سوريا (أ.ف.ب)

أكدت تركيا وروسيا ضرورة الإسراع في تشكيل لجنة صياغة الدستور في سوريا، وجددتا التزامهما بتنفيذ اتفاق سوتشي الخاص بإقامة منطقة آمنة منزوعة السلاح في إدلب.
وكشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو عقب الاجتماع السابع لمجموعة التخطيط الاستراتيجي المشتركة التابعة لمجلس التعاون التركي - الروسي رفيع المستوى الذي عقد في مدينة أنطاليا جنوب تركيا أمس (الجمعة)، عن حصول توافق على بعض الأسماء بين الحكومة السورية والمعارضة بشأن اللجنة الدستورية. وأكد لافروف وجاويش أوغلو «ضرورة العمل على إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا وفق القرار الأممي 2254».
وقال لافروف: «إننا نولي اهتماماً للتعاون في سوريا والإسراع في تشكيل اللجنة الدستورية، في حين أن صيغة آستانة تبقى الآلية الوحيدة الفعالة في سوريا رغم محاولات عرقلتها».
وتابع أن موسكو وأنقرة اتفقتا على تسريع عملية تشكيل اللجنة الدستورية السورية بالتعاون مع الأمم المتحدة، وبالتواصل «بالطبع» مع الحكومة السورية والمعارضة، مضيفاً: «نحن على قناعة بأن إنشاء هذه اللجنة سيساعد أخيراً في إطلاق عملية جنيف، التي يكثر زملاؤنا الغربيون وغيرهم من الحديث عنها».
وتحدث لافروف عن صيغة آستانة واعتبرها «الآلية الوحيدة الفعالة التي يمكن أن تحل جميع مسائل سوريا، رغم محاولات عرقلة هذا العمل من جهات مختلفة».
وقال لافروف: «من الضروري تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 وسنعمل بكل ما بوسعنا لكي ينفذ هذا القرار، وفقاً لصيغة آستانة الذي تشارك فيه روسيا وإيران وتركيا».
وحول إدلب، قال لافروف إن موسكو ملتزمة باتفاقها مع أنقرة حول محافظة إدلب السورية، مشيراً إلى أنه رغم صعوبة الوضع هناك بدأ الطرفان باتخاذ إجراءات مشتركة لتنفيذ بنود اتفاق سوتشي الموقع بين الرئيسين الروسي والتركي في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأضاف: «هناك تواصل مستمر بين العسكريين الروس والأتراك، الذين يلعبون دوراً حاسماً في تنفيذ المذكرة الخاصة بإدلب، وأنا على ثقة، رغم الوضع الصعب الذي تشهده تلك المنطقة، أننا سنتقدم خطوة خطوة، بل لقد بدأنا نتقدم نحو تحقيق الهدف الذي حدده الرئيسان الروسي والتركي، وهذا يشمل إقامة 3 مناطق لتسيير دوريات عسكرية كخطوة أولى».
وأشار إلى أنه تم خلال اجتماع الأمس مع جاويش أوغلو التحضير للقاء رئيسي البلدين في روسيا في أبريل (نيسان) المقبل، حيث من المقرر أن يزور إردوغان موسكو في 8 أبريل.
وفي السياق ذاته، أكد جاويش أوغلو أهمية استمرار موسكو وأنقرة في العمل المشترك لتسوية الوضع في إدلب، الذي يعتبر «مسؤولية مشتركة» للطرفين، لافتاً إلى زيادة عدد الاعتداءات وحالات إطلاق النار في إدلب، ما ينعكس سلباً على حياة المواطنين هناك.
كان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان وقعا في سبتمبر 2018، اتفاقاً في «سوتشي» قضى بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب ووقف إطلاق النار الكامل بين النظام السوري والمعارضة، وإخراج المجموعات المتشددة منها، إلا أن الاتفاق لم يوقف قصف قوات النظام على المنطقة، رغم بدء تسيير الدوريات العسكرية من قبل الجيش التركي في المحافظة، التي بلغت 8 دوريات منذ 8 مارس (آذار) الحالي.
وعن الوضع في شمال شرقي سوريا، قال لافروف إن بلاده تتبنى نهجاً مشتركاً مع تركيا في هذا الصدد، وإنه يجب التعامل مع الوضع في إطار احترام وحدة التراب السوري، ومراعاة أمن تركيا. وأضاف: «الولايات المتحدة قالت إنها انسحبت من شرق الفرات... هم لم ينسحبوا بعد، ولكن تجب إعادة الوضع هناك إلى ما كان عليه قبل دخول الولايات المتحدة. يجب أن يعود العرب إلى أراضيهم التي يعيشون فيها تاريخياً».
وتابع أن روسيا تأخذ في الاعتبار اهتمام تركيا بأمنها، مشيراً إلى أن اتفاقية أضنة بين سوريا وتركيا هي أساس جيد لأمن الحدود، وأوضح أن عودة القبائل العربية إلى شرق الفرات هي جزء من القرار الدولي 2254.
من جانبه، أكد جاويش أوغلو أن «تركيا تواصل مباحثاتها مع الولايات المتحدة حول إقامة منطقة آمنة شمال سوريا، بالتوازي مع التنسيق مع الشركاء الروس»، لافتاً إلى أن جانباً من مباحثاته مع نظيره الروسي كان حول المنطقة الآمنة. وشدد على أن تركيا وروسيا ملتزمتان بوحدة حدود وأراضي سوريا.
وتابع: «بعد قرار الانسحاب الأميركي من سوريا، نرى أن الولايات المتحدة لا تمتلك استراتيجية أو خطة عمل بالمنطقة، ما عدا التصريحات المتضاربة الصادرة عنها، وما يهمنا هو عدم استغلال التنظيمات الإرهابية الفراغ الذي سيتشكل بعد الانسحاب، لأن هذا يشكل أهمية بالنسبة لأمن بلادنا وسوريا معاً». وأضاف الوزير التركي: «ما دام أن وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني ينشطان في هذه المنطقة، فإنه لا يمكننا الحديث عن إرساء الأمن في روسيا وتركيا والدول المجاورة وخصوصاً سوريا».
وشدد على أن وحدة سوريا مهددة، لأن هدف الوحدات الكردية هو تقسيم سوريا، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة قدمت كميات ضخمة من الأسلحة لما سماه «تنظيمات إرهابية» (في إشارة إلى الوحدات الكردية) تتعاون معها في سوريا، وقال إن الوحدات الكردية باعت قسماً كبيراً من الأسلحة التي حصلت عليها من واشنطن.
إلى ذلك، انتقد وزيرا خارجيتي تركيا وروسيا قرار الولايات المتحدة بشأن مرتفعات الجولان، وأكدا أنه مخالف للقانون الدولي. وقال جاويش أوغلو: «بالتأكيد لا نعترف بمثل هذا القرار، ومثل هذا التوقيع للرئيس الأميركي دونالد ترمب، لأنه يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. هذه أراضٍ سورية».
وأضاف أن القرار الأميركي لا يسهم في السلام والاستقرار الإقليميين، وعلى العكس من ذلك فهو يخلق اضطرابات وفوضى في المنطقة.
من جانبه، قال لافروف إن روسيا أيضاً لم تعترف بالقرار، قائلاً: «هذا مخالف للقانون الدولي. جميع أشكال القانون الدولي انتهكت».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».