بروفايل: المحامي مصطفى بوشاشي «أيقونة» الحراك في الجزائر

مرشح لنقل البلاد إلى «الجمهورية الثانية» رغم زهده بالسلطة

بروفايل: المحامي مصطفى بوشاشي «أيقونة» الحراك في الجزائر
TT

بروفايل: المحامي مصطفى بوشاشي «أيقونة» الحراك في الجزائر

بروفايل: المحامي مصطفى بوشاشي «أيقونة» الحراك في الجزائر

في عزّ موجة الغضب العارم التي تجتاح الجزائر، منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، قفز إلى ساحة النقاش اسم المحامي الشهير مصطفى بوشاشي، بديلاً محتملاً مؤقتاً أو دائماً للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي تخلى عن رغبته في تمديد حكمه تحت ضغط الشارع. واقترحه ناشطون بالحراك ليقود فترة انتقالية مدتها ستة أشهر، تنتهي بتسليم السلطة إلى رئيس جديد منتخب، في حين يراه آخرون رئيساً بكامل الصلاحيات في انتخابات تنظّم مباشرة، دونما حاجة إلى مراحل انتقالية تحيل الجزائريين إلى نماذج سيئة من تسيير البلاد في تاريخ غير بعيد.

في أحدث تصريحاته للصحافة، رفض بوشاشي كلتا الصيغتين؛ فهو يفضّل - كما قال - أن يظل «مناضلاً بسيطاً يدافع عن الحقوق والحريات». وعلى عكس بعض النشطاء، رفض بوشاشي مقترح الجيش تطبيق المادة 102 من الدستور، التي تتحدث عن عزل الرئيس بسبب مرض خطير ومزمن. وقال بهذا الخصوص: «المطلوب تطبيق المادة 7 من الدستور التي تقول إن الشعب هو مصدر السيادة. فالشعب طالب بالتحرر من هذا النظام، ولا يريده أن يشرف على ترتيبات تخص مستقبله. إن صرخة الشعب وصل صداها إلى كل بقاع العالم، من كندا إلى آسيا، إلا نظام الجزائر الذي يرفض أن يسمعها».
واعتبر بوشاشي أن «الشباب الذين خرجوا منذ 22 فبراير أعادوا لنا الكرامة والعزة التي افتقدناها، وكنا نخجل عندما نتحدث إلى شعوب العالم... يجب علينا جميعا أن نقدّس هذه الثورة السلمية ولا نختزلها في نقاش دستوري ولا في اختيار شخص يقود البلاد... إنها أكبر من ذلك بكثير». لكن هل هذا «الزهد» في المسؤولية، من جانب المحامي والناشط الحقوقي، يبعد عنه ضغط بعض أطراف الحراك الذي يريده رئيساً؟ يرفض بوشاشي الخوض في هذه المسألة نهائياً من منطلق «أنني لا أطلب شيئاً لنفسي وإنما أناضل من أجل أن يحكم بلدي شخص نزيه ونظيف اليد، صارم في تطبيق القانون على الجميع».

- البلد في حاجة إلى آليات وليس إلى أشخاص
يقول أستاذ التاريخ والناشط السياسي المعروف، محمد إرزقي فرّاد: «يمر الشعب الجزائري بمرحلة حاسمة، تتمثل في التحول نحو الجمهورية الثانية التي لا مفر منها، بعد خروجه إلى الشارع بالملايين». وإن كان فرّاد يرى أن بوشاشي «يملك المؤهلات ليكون قائداً للبلاد، لكن هذه المرحلة لا تحتاج إلى أسماء أشخاص، بقدر ما تحتاج إلى إيجاد ميكانيزمات عمل تترجم الانشغالات المطروحة في الشارع إلى خريطة طريق. ومما لا شك فيه أن بناء الجمهورية الثانية مهمة يشارك فيها الجميع، علماً بأن مسيرة 22 فبراير هي ثمرة تراكم نضال أجيال كثيرة، وعليه فمن الخطأ التصور بأن هذه الهبّة الشعبية هي وليدة الساعة. وما دمنا نعيش لحظة حاسمة (ميلاد جمهورية جديدة)، علينا أن نفتح حواراً واسعاً يشارك فيه الجميع بكل أطيافهم السياسية. وعلينا أن نتفادى العزل السياسي إزاء السلطة، اللهم إلا الأسماء التي ذكرت في المسيرات بصفتها رموزا للفساد».
ويعتقد الباحث في قضايا التاريخ أن «الإشكالية المطروحة الآن كالتالي: هل نبحث عن الحل في الدستور الحالي؟ أم نتجاوزه إلى الشرعية الشعبية الممارسة في الميدان؟ إن الدستور الحالي لا يتوافر على آليات تستجيب إرادة الشعب الذي يطالب بالقطيعة مع هذا النظام. لذا؛ أرى أن الحل يكمن في الشرعية الشعبية، وفي هذا السياق أقترح فتح حوار واسع تشارك فيه الفعاليات كافة (أحزاب - نقابات - جمعيات - مؤطرو الحراك - شخصيات وطنية...)، وغايته رسم معالم المرحلة الانتقالية عن طريق تعيين مجلس رئاسي يتولى مهام رئيس الدولة. يقوم المجلس الرئاسي بتعيين حكومة كفاءات لتصريف الأعمال، وتغيير قانون الانتخابات بنية احترام إرادة الشعب. وتشكيل لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات وليس الإشراف عليها فقط. ووضع مجلس تأسيسي يعد مشروع دستور».

- رجل التوافق
عبد الغني بادي، وهو محامٍ وناشط بالحراك، عرف بوشاشي عن قرب واحتك به. يقول عنه: «أعتقد أن الأستاذ بوشاشي، بما يملكه من قبول واسع لدى الرأي العام والطبقة السياسية وداخل النخب، يمكنه أن يلعب دوراً مهماً في مرحلة انتقالية. فالرجل تتوفر فيه مواصفات لا تجتمع عند غيره؛ فهو شخصية توفيقية يقبل جميع الحساسيات، وسبق له أن تفاعل معها، سواء داخل المحيط السياسي أو الوسط الحقوقي... بوشاشي يملك الكاريزما، وقوة الشخصية والكفاءة العلمية ويحظى بالاحترام... وأهم ما يملكه هو أنه يقبل جميع الأفكار ولا يتطرف أو ينحاز إلى لون سياسي معين». ويضيف: «طبعاً يمكنه أن يكون رجل إجماع في هذه المرحلة الحساسة، وبخاصة أن اسمه طُرح بقوة لهذا الدور، كما أن الاقتراب من هذه الشخصية للذين لا يعرفونه من الشباب، ليس أمراً معقداً. كثير من الناس راح يبحث عن تفاصيل تخص بوشاشي في المواقع و(يوتيوب) ومحركات البحث. سياسياً، هو لم يتورّط في أي شيء يخص النظام ورموزه، بل أبان عن موقف تاريخي وهو يستقيل من البرلمان، عندما كان كثيرون من الذين يزعمون أنهم معارضون، يدفعون أموالاً طائلة للحصول على كرسي الحصانة. أعتقد أن بإمكانه أن يؤدي دور رجل التوافق في المرحلة المقبلة».
وبالنسبة إلى الصحافي الجزائري المقيم بتونس، عثمان لحياني، «بروز اسم بوشاشي في صدارة الأسماء الفاعلة في الحراك، يرتبط بعوامل عدة تتعلق برصيده في ساحة النشاط الحقوقي والمدني، ودفاعه منذ عقود عن الدولة المدنية والحريات واستقلالية القضاء... وربما استكملت استقالته من البرلمان، قبل فترة، صورته معارضاً للسلطة من خارج المؤسسات وداخلها. يضاف إلى ذلك أنه ظلّ سياسياً على مسافة واحدة من مجموع القوى السياسية المعارضة، ولم يؤثر ترشحه باسم جبهة القوى الاشتراكية في انتخابات مايو (أيار) 2017 على نضاله وسمعته».
وقال لحياني أيضاً: «مجمل هذه العوامل وتخصصه كحقوقي متزن، وغير انفعالي، وغياب سوابق له في الاحتكاك بالسلطة، تجعله رجلاً محورياً في المرحلة المقبلة. بوشاشي يملك بروفايل رجل تتقاطع عنده قوى المعارضة، بغض النظر عن تباين المرجعيات الآيديولوجية، سواء لرئاسة مؤتمر وفاق وطني، أو عضوية هيئة رئاسية بحسب مخرجات الحراك الشعبي. في المقابل، يجب الانتباه إلى أنه في مراحل الانتقال الديمقراطي التي عرفتها دول شبيهة بالجزائر، يكون المجتمع في حاجة إلى بروفايل قائد مثل ما يتميز به بوشاشي، لكن مع توافر ميزات أخرى كثقافة الدولة التي تكسب الشخص فاعلية في تأطير الانتقال الديمقراطي».

- كانوا يقذفونه بالنفايات من شرفات العمارات
ويعد الحقوقي حسن بوراس من أكثر العارفين ببوشاشي؛ فخلال فترات سجنه كان المحامي الذي دافع عنه والصديق الذي وقف بجنبه. يقول عنه: «حين تقدم مصطفى بوشاشي صفوف المتظاهرين، من أجل الحرية والديمقراطية في فبراير 2011 (مظاهرات في سياق أحداث ما عُرف بـ«الربيع العربي») كان الجنرال توفيق مدير المخابرات في منصبه (تم عزله عام 2015)، وفي كامل سطوته، وبوتفليقة في كامل صحته، وكان الكثير ممن يهاجمونه اليوم ويشوهون صورته يقذفوننا معه بالقمامات من شرفات ونوافذ العمارات بالعاصمة، وبالمفرقعات الحارقة في الشوارع ويهتفون: يحيا بوتفليقة... يحيا بوتفليقة. أتمنى من قلبي ألا تستسلم الجماعة الحاكمة بسهولة، وأن تلجأ إلى القمع والبطش حتى يتم تمحيص هذا الحراك الشعبي وغربلته؛ لأن من سيثبت في آخر المطاف هم أصحاب القضايا العادلة... وبوشاشي واحد منهم بكل تأكيد».
عبد الرحمن صالح، وهو محامٍ من الجيل الجديد، درس الحقوق في الجامعة على يدي بوشاشي. يقول عنه: «عرفته أستاذاً لمادة حقوق الإنسان والقانون الدولي الخاص سنة 1997، كنت آنذاك طالباً في السنة الثالثة حقوق. هو شخص يتمتع بكل مواصفات الأستاذ الجامعي التقليدي، تكويناً وشخصية. ثم جمعنا العمل الحقوقي بعد ذلك، في قضايا عدة منذ 2004. مفهوم الدولة عند مصطفى بوشاشي مثالي، ربما يتفوق على نظرة مونتسكيو وعقده الاجتماعي. الدولة بالأساس هي ضامنة للحريات والقيم. يتفق مع النظرة إلى العدل كحصن الأمة، ودائماً يقول إن الدول الديمقراطية لا تُهزم، معدداً الحروب التي عرفتها الإنسانية منذ البدء؛ إذ لم يحدث أن انهزمت دولة ديمقراطية في حرب ضد دولة ديكتاتورية، بدءاً من حروب أثينا ضد إسبارطة في اليونان القديمة إلى الحرب العالمية الثانية».
وبرأي المحامي، أن «الجزائر لا يمكنها أن تتقدم وتتطور وسط جو قمعي ديكتاتوري مغلّف بقناع ديمقراطي مزيف. إن نظرة بوشاشي إلى المعارضة أنها ظُلمت كثيراً، تحت نظام شمولي منعها من الحركة لدرجة أن هياكلها الداخلية لا تحصل على الرخص اللازمة لعقد نشاطاتها، كما حدث لطلب طلائع الحريات (حزب رئيس الوزراء سابقاً علي بن فليس) الترخيص بعقد دورة استثنائية للجنتها المركزية؛ إذ قوبل بالرفض. فلا مسيرات ولا تجمعات ولا مظاهرات مرخصة، فكيف يمكن للمعارضة أن تعمل باستثناء ما توفر لها من بيانات تصدرها؟ شخصياً، وهذا تقييمي الخاص، الأستاذ بوشاشي يتميز بشخصية غير صدامية، أي أنه يميل إلى المنافسة لا المواجهة. وإذا ما رأى أن الظروف التي تجري فيها المنافسة غير عادلة، لا يتردد في الانسحاب (والاستقالة من البرلمان نموذج لذلك). ومن خلال تكوينه وشخصيته، يمكنه أن يكون رئيساً للمرحلة الانتقالية، حيث يستطيع العمل على إرساء دستور جديد للبلاد وإصلاح الهياكل الموجودة كالمجلس الدستوري وتقليص صلاحيات الرئيس، وتعديل قانون الانتخاب بما يتماشى مع دولة ديمقراطية حقيقية».

- «كأن الجزائر لم تنجب إلا هؤلاء»
على عكس ما ذكر من إشادة ببوشاشي، وقدرته على أن يكون بديلاً لرجال الحكم، يرى أحمد شنّة، أمين عام «أكاديمية المجتمع المدني الجزائري»، منظمة غير حكومية قريبة من الحكومة، أنه «ليس صدفة أبداً أن تكون الأسماء التي يقدمها الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، في صورة الزعامات المثالية للحراك الشعبي، من مدرسة سياسية واحدة، وإن اختلفوا في انتماءاتهم الحزبية والمهنية والمعرفية، وأن يكون أغلب أفرادها من فضاء اجتماعي واحد، وكأن الجزائر لم تنجب إلا هؤلاء!». ويتابع: «الغريب أنهم مثلما هم موجودون في واجهة الحراك، فإنهم أيضاً موجودون في دواليب السلطة، وموجودون أيضاً في أحزاب المعارضة، وموجودون في صف دعاة التقسيم والانفصال! فمتى يفهم هؤلاء الحالمون بقيام وهم الجمهورية الثانية، أن اللعب الآن صار على المكشوف؟ ومتى يدركون أن الشعب الذي لطالما اعتبروه قطيعاً يسوقونه حيثما شاءوا، قد استعاد المبادرة وأمسك بزمام القيادة، ولا توجد اليوم قوة على الأرض ستثنيه عن الشروع في بناء جمهورية ثورة التحرير العظيمة؟».
ويخاطب شنّة، ضمناً، بوشاشي والحالمين برؤيته يوماً رئيساً، بالقول: «لا تفرحوا كثيراً بالزعامات والألقاب الوهمية التي أطلقتها عليكم بعض الفضائيات والمواقع الافتراضية. فالزعامة ليست ظاهرة صوتية أو إعلامية، وليست أيضاً جرأة على الثوابت واعتداء على المقدسات، من دين ولغة وانتماء حضاري، وإنما هي أخلاق وقيم ووفاء لثورة التحرير، قبل أي شيء آخر. وما عدا ذلك، فإنها ودون شك، قبض ريح وباطل الأباطيل!».


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».