وصل ملف مكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية اللبنانية إلى المديرية العامة للجمارك، بعد المعلومات التي تحدّثت عن هدرٍ يوازي مليار دولار سنوياً، ومردّ ذلك إلى مخالفات متعددة، منها ما يتعلّق بالتزوير والتلاعب بقيمة الفواتير وبإدخال بضائع لا تخضع للرسوم الجمركية، وشكّل قرار وزير المال علي حسن خليل، الذي أعطى فيه الإذن لملاحقة عضو المجلس الأعلى للجمارك والمدير العام غراسيا القزّي، والإخبار الذي تقدّم به حزب «القوات اللبنانية» إلى النيابة العامة، دافعاً لتحرك قضائي سريع، للتثبّت من مدى صحّة المعلومات التي تتحدث عن عمليات هدر واختلاس للمال العام في إدارة الجمارك.
وما إن وصلت مذكرة وزير المال إلى قصر العدل، التي تسمح بملاحقة غراسيا القزّي، حتى بدأت الإجراءات بحق الأخيرة، وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «المذكرة التي تتيح ملاحقة القزي وصلت إلى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، أول من أمس وشرعت بدراسة المعلومات المتعلّقة بها». وأكد المصدر أن عون «ستدّعي يوم الاثنين المقبل (بعد غدٍ) على الموظفّة المذكورة، وتحيل ملفها إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور لاستجوابها واتخاذ الإجراء القانوني الذي يقتضيه التحقيق».
ويأتي التحرّك القضائي ضدّ غراسيا القزّي، انطلاقا مما جرى بثّه في برنامج تلفزيوني، تحدث عن الفساد في إدارة الجمارك، وكشف عن أحد المخلّصين الجمركيين المسجّل باسمه عدد من عمليات استيراد البضائع جرى التلاعب برسومها الجمركية، مقابل نقل ملكية عقار عائد له إلى اسم القزّي مقابل مبلغ مالي زهيد يوازي ثلث قيمة العقار، وعلى أثر هذا التقرير تحرّكت القاضية غادة عون وطلبت الإذن للتحقيق مع غراسيا القزي واتخاذ الإجراءات الواجب اتباعها.
إلى ذلك، أحال النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، الإخبار المقدّم من النائبين في كتلة «الجمهورية القوية» (القوات) جورج عقيص وآدي أبي اللمع، إلى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وطلب إجراء التحقيقات الأولية بناء على المعطيات التي تضمنها الإخبار، وإفادته بالنتيجة.
وعلى أثر تقديم «القوات» إخبارها، قرر المدير العام للجمارك بدري ضاهر رفع الحصانة عن نفسه، معتبراً أن حصانته يستمدها من أدائه. وقال: «لا شيء يثنيني عن نهجي المتبع في مكافحة الفساد، وتبسيط الإجراءات الجمركية وميكنتها، لاختصار المراحل وتسريع حركة الاستيراد والتصدير».
وأوضح مصدر في القوات اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، أن النائبين عقيص وأبي اللمع «أرفقا الإخبار بالمستندات المتوفرة لدى الحزب، والتي تتحدث عن مخالفات، يفترض أن يضع القضاء يده عليها، ويلاحق المسؤولين عنها». وكشف المصدر أن «جزءاً من المستندات التي يرتكز إليها الإخبار، تتحدث عن هدر واختلاس للمال العام، بعضها يتعلّق بعدم جباية الرسوم بشكل كافٍ، وبعضها عبر السماح لجهات معينة بإدخال بضائع من دون تسديد الرسوم المتوجبة عليها بحجج وذرائع مختلفة، وبعضها يتعلّق بالتزوير والتلاعب بفواتير البضائع المستوردة، بما يخفف عن المستورد قيمة الضريبة المتوجبة عليه، وهذا كلّه يصب في خانة هدر واختلاس الأموال العمومية».
وعمّا إذا كان الإخبار المقدم من «القوات اللبنانية» جاء رداً على إعطاء الإذن لملاحقة غراسيا القزّي التابعة سياسيا للحزب، شدد المصدر القواتي على أن «غراسيا بريئة حتى يثبت العكس، وهذا الشيء ينسحب على من تقدمنا بالإخبار ضدّهم، حتى وإن كانوا من خصومنا في السياسة». وأكد أن «القوات اللبنانية لا تغطّي أي مرتكب، ومخطئ من يعتقد أننا نغطي أحداً». وقال: «الذي ينتمي إلى (القوات اللبنانية) عليه أن يكون مثل القوات تماماً أو لا يكون فيها، ومن يخطئ فعليه أن يتحمّل مسؤولية خطئه أياً يكن».
القضاء اللبناني يفتح ملفّ الفساد في الجمارك
القضاء اللبناني يفتح ملفّ الفساد في الجمارك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة