«تراكمات ورقية» لخالد فرحان و«لن تصل ما لم تصل» لخليل الهاشمي

تدشين النصب التذكاري للنحات البحريني خليل الهاشمي بـ«حديقة عابد الجابري»
تدشين النصب التذكاري للنحات البحريني خليل الهاشمي بـ«حديقة عابد الجابري»
TT

«تراكمات ورقية» لخالد فرحان و«لن تصل ما لم تصل» لخليل الهاشمي

تدشين النصب التذكاري للنحات البحريني خليل الهاشمي بـ«حديقة عابد الجابري»
تدشين النصب التذكاري للنحات البحريني خليل الهاشمي بـ«حديقة عابد الجابري»

زين فن النحت البحريني مدخل مدينة أصيلة وواجهتها البحرية بعملين فنيين تحت عنوان «تراكمات ورقية» للنحات خالد فرحان، و«لن تصل ما لم تصل» للنحات خليل الهاشمي. ودشن محمد بنعيسى، رئيس منتدى أصيلة الثقافي الدولي، النصبين التذكاريين برفقة مجموعة من الفنانين والنقاد المغاربة والبحرينيين. وتلا ذلك تدشين مشغل الطفل للرسم والإبداع، الذي قدم من خلاله أطفال أصيلة إبداعاتهم الفنية التشكيلية من خلال معرض للرسوم ولوحات راقصة، وكذا نصب تذكاري يعبر عن علاقة الصداقة بين المغرب ودولة البحرين ضيف شرف الدورة الـ36 لـ«منتدى أصيلة».
وقال محمد الخزاعي، وهو ناقد فني بحريني، لـ«الشرق الأوسط» عن النصبين التذكاريين إنهما تجربة خاصة للفنانين البحرينيين، حيث أنجزا كليهما في أصيلة وفي موسم واحد.
وعد الخزاعي أن النصبين التذكاريين هما جزء من مشاركة البحرين الكبرى في موسم أصيلة لهذا العام، «إلا أنهما سيبقيان حاضرين في أصيلة بعد أن ينتهي الموسم، عكس المشاركات الأخرى الموازية له، وهو كذلك رمز للفن البحريني وسط نسيج من الفنون العالمية التي تركت بصمتها في أصيلة على امتداد سنوات تنظيم المنتدى الثقافي».
وأضاف الخزاعي أن منحوتة «لن تصل ما لم تصل» لخليل الهاشمي التي تقع في الواجهة البحرية هي عبارة عن قارب بحري يزيد طوله على 3 أمتار، مصنوع من الرخام، وفي أحد طرفيه مجسم إنسان واقف يراقب الأشياء من موقعه»، وهو ما يدل، حسب الخزاعي، على فكرة أن الشيء لا يمكن عتقه ما لم يجرِ إنجازه، وأنه يحيل إلى تجربة السفر.
العمل كذلك يشكل قراءة جميلة للقاسم المشترك «حكاية البحر» بوصفها وجه طبيعة تجمع البلدين؛ من جهة البحرين لأنها جزيرة بتاريخ عريق ينتمي للغوص واللؤلؤ والبحر، ومن جهة مدينة أصيلة المغربية بوصفها ملامسة للمحيط الأطلسي والقريبة من البحر الأبيض المتوسط والشهيرة بأنها «مدينة الصيادين».
أما العمل الثاني بعنوان «تراكمات ورقية»، الذي نصب في مدخل مدينة أصيلة، فيرى الخزاعي أنه عمل تجريدي عبارة عن صفائح من الحديد الصلب توحي بأوراق متراكمة تتلامس فيما بينها بطريقة فنية مبدعة تاركة أثرها أمام باب المدينة، وملوحة بارتفاع يزيد على 3 أمتار أيضا.
وعن مراحل تشكيل النصبين التذكاريين، قال محمد عنزاوي لـ«الشرق الأوسط»، وهو فنان تشكيلي مغربي وكان المشرف على عمل النحاتين البحرينيين من خلال توفير المعدات والعمال اللازمين لإكمال العملين، إن المواد التي صنع بها النصبان من منتجات مدينة أصيلة بداية بالرخام في منحوتة خليل الهاشمي. وأشرف كذلك على تحضير عمال من مدينة أصيلة الذين يتقنون العمل على الرخام. كذلك الشأن بالنسبة لمنحوتة خالد فرحان؛ إذ عمل عمال مدينة أصيلة على طريق تجهيز صفائح الحديد التي اعتمد عليها الفنان البحريني في تشكيل نصبه.
وأضاف العنزاوي أن المنحوتتين استغرقتا أسبوعين من العمل في الملعب البلدي لمدينة أصيلة قبل أن يجري نقلهما إلى كل من حديقة عابد الجابري بالنسبة لمنحوتة خليل الهاشمي، وإلى مدخل مدينة أصيلة بالنسبة لنصب خالد فرحان، بعد أن اكتمل شكلهما النهائي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».