فرحة في قرية «بطل إيطاليا» المصري بعد منحه الجنسية

تمكن من إنقاذ عشرات الطّلاب باتصال هاتفي

نائب رئيس الوزراء ووزير الدّاخلية الإيطالي ماتيو سالفيني خلال تكريم الطّفل رامي أمس في روما (أ.ف.ب)
نائب رئيس الوزراء ووزير الدّاخلية الإيطالي ماتيو سالفيني خلال تكريم الطّفل رامي أمس في روما (أ.ف.ب)
TT

فرحة في قرية «بطل إيطاليا» المصري بعد منحه الجنسية

نائب رئيس الوزراء ووزير الدّاخلية الإيطالي ماتيو سالفيني خلال تكريم الطّفل رامي أمس في روما (أ.ف.ب)
نائب رئيس الوزراء ووزير الدّاخلية الإيطالي ماتيو سالفيني خلال تكريم الطّفل رامي أمس في روما (أ.ف.ب)

سادت حالة من البهجة والفرح قرية «ميت الكرما» التابعة لمركز طوخ، بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة) بعد إعلان السلطات الإيطالية، منح الجنسية الإيطالية للطالب المصري رامي خالد شحاتة، الذي أنقذ أكثر من 50 طالباً إيطالياً من الموت.
وتشتهر قرية ميت الكرما بوجود عدد كبير من أبنائها في إيطاليا بعد الوصول إليها عن طريق الهجرة غير الشرعية عن طريق عبور مياه البحر المتوسط، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فوالد رامي «البطل المصري» في إيطاليا، هاجر إليها عبر الطريقة ذاتها، في منتصف تسعينات القرن الماضي، وحصل على الإقامة ويعمل هناك في الأعمال الحرة، لكنّه أصبح الآن نجماً لامعاً في الأوساط الإعلامية الإيطالية، نظراً لشجاعة ابنه وتسببه في إنقاذ حياة 51 طالباً من الاختطاف.
وتعيش عائلة «قوشة»، التي ينتمي لها رامي، حالة من البهجة والفخر حالياً بعد اهتمام وسائل الإعلام المصرية به، وبأسرته، بجانب تصدره عناوين الصّحف ووسائل الإعلام في إيطاليا، بل وأوروبا أيضاً بعد شجاعته وفطنته، بينما يعتبر أهالي القرية رامي بطلاً استطاع رفع اسم قريته ووطنه عالياً.
من جهته، قال عبد الحليم قوشة، عم رامي، لـ«الشرق الأوسط»: «ما قام به رامي يدعو للفخر الشديد، والبهجة والسعادة، أنا أتواصل معه يومياً وحكى لي أن وسائل الإعلام الإيطالية مهتمة بقصة شجاعته جداً، وأخبرني أنّه تسلم بشكل نهائي أوراق ومستندات الجنسية الإيطالية كنوع من مكافأته على شجاعته».
وأضاف قوشة: «لم يتوقّع رامي أبدا أن تحتفي به السلطات الإيطالية ووسائل الإعلام بهذا الشكل، إذ يرى أن ما قام به أمر عادي، وليس عملاً خارقاً». ولفت إلى أنّ رامي أخبره هاتفياً أنّ «الشرطة الإيطالية ظنّت في بداية الأمر أنّه يمازحهم ولم تصدق حقيقة الواقعة التي أبلغهم بها، حتى تحدّث إلى والده وأبلغه بما حدث».
وتابع عم رامي: «سنحتفل بشجاعة رامي، ومنحه الجنسية الإيطالية الأسبوع المقبل في القرية على الرّغم من غيابه، لأنّه سوف يأتي إلى هنا في فترة الإجازة الصيفية مثلما اعتاد كل عام».
من جهته، قال وليد قوشة عم رامي في تصريحات صحافية، إنّ شقيقه خالد، والد رامي، هو أكبرهم سناً، وانتقل إلى إيطاليا عام 1996، بعد أن أنهى دراسته وحصل على دبلوم فني صناعي، وقرّر أن يعمل هناك وحصل على إقامة وعمل في إحدى الشركات.
وأضاف وليد: «فور وقوع الحادث لم نكن نعلم أي شيء، وفوجئنا بوالد رامي يرسل لنا صوراً من موقع الحادث ويبلغنا بأنّ سائقا سنغاليا استولى على الحافلة الخاصة بالمدرسة التي يدرس بها رامي، وكان يحاول الانتقام من الطّلبة إلّا أنّ نجله استطاع أن يتصل بوالده عبر الهاتف ويبلغه بتفاصيل ما يجري، كما اتصل بالشرطة التي وصلت إلى موقع الحادث وأنقذت الطلاب من كارثة».
وأكد أمس نائب رئيس الوزراء الإيطالي ووزير الدّاخلية ماتيو سالفيني، أنّ الطّفل المصري رامي شحاتة الذي أنقذ زملاءه من الموت حرقاً داخل حافلة المدرسة سيمنح الجنسية الإيطالية.
ونجا أكثر من 50 طالباً بأعجوبة في إيطاليا الأسبوع الماضي، بعد أن هدّد السائق بإحراقهم داخل الحافلة المدرسية التي تقلّهم، وبالفعل صبّ فيها البنزين مشعلاً النار.
وعثرت الشّرطة الإيطالية على الحافلة قرب مدينة ميلانو (شمال)، وأنقذت جميع الطّلاب، بعدما استخدم رامي البالغ من العمر 13 سنة، هاتفه خلسة للاتصال بالشّرطة.
وقال سالفيني إنّه يجب أن «يكافأ هذا الطّالب على بطولته بإعطائه الجنسية الإيطالية»، وفقاً لوكالة الأنباء الإيطالية. وأضاف: «نعم سيحصل رامي على الجنسية لأنّه بمثابة ابني، وأظهر أنّه يفهم جيداً قيم هذه البلاد».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».