«عطب الذات»: استقراء فشل المعارضة السورية في مواجهة النظام

«عطب الذات»: استقراء فشل المعارضة السورية في مواجهة النظام
TT

«عطب الذات»: استقراء فشل المعارضة السورية في مواجهة النظام

«عطب الذات»: استقراء فشل المعارضة السورية في مواجهة النظام

يحمل عنوان «عطب الذات» إيحاءً واضحاً بمواجهة الشخصية السورية المصابة بعوارض سلبية كثيرة، التي فشلت وهي تنتفض على نظام مستبد في أن تؤلف جسماً موحداً يواجه آلة القتل والدمار التي عملت في جسم الشعب والوطن معاً.
العنوان لكتاب قدم فيه مؤلفه المفكر برهان غليون شهادة على حراك من وحي سنوات الانتفاضة الشعبية السورية، بصفته أول رئيس لجسم أسسته المعارضة السورية في أعقاب الانتفاضة الشعبية عام 2011، وحمل اسم «المجلس الوطني السوري»، هذا المؤسسة التي كانت نتيجة جهود سورية خالصة، بعد ستة أشهر من الحراك السلمي المميز الذي تقدمه الشباب آنذاك، قبل أن تنقلب الأمور إلى تدخلات إقليمية ودولية، أدت إلى تقهقر أجسام المعارضة السياسية أمام عسكرة الثورة.أستاذ علم الاجتماع السياسي لم يكتب «عطب الذات» ليوثق مسار الثورة بعد ثماني سنوات على انطلاقتها، بل لنبش أسباب تراجع الروح الثائرة إلى صراع على المحاصصة والهيمنة على القرار المعارض. كتب غليون عن «نحن» التي نجح الأسد، بفرعيه الأب والابن، بتثبيتها عند نقطة «اللاشعب». ولكي نفهم «النحن» الأخيرة، كان لا بد من التعريج على مساراتها عبر عقود، وهي الموزعة بين يسار وإخوان وقومية عربية.
قدم غليون مقاربته الشخصية للنشاط السياسي في البلاد، قبل انطلاق الثورة بسنوات طويلة، فيحكي عن صدمته بعد حضور عدة جلسات حزبية شيوعية من انعدام حرية الرأي داخل الحزب، حتى أن مسؤوله الحزبي نبه على نشره مقالة، وطالبه بأن يعرضها على المجموعة مستقبلاً، ويأخذ موافقة عليها قبل النشر. كما تحدث عن الصراع بين قطبي المعارضة داخل سوريا، رياض الترك الشيوعي وحسن عبد العظيم الاشتراكي، اللذين عرفهما عن قرب، ولفت إلى انعكاس الخلاف الشخصي بين القطبين على تشتت المعارضة في الداخل. غير أن العوامل الشخصية ظهرت بعد انطلاق الثورة السورية أيضاً ربيع 2011.
يرصد غليون العوائق التي عرقلت عمل المجلس الوطني، وهو المتوقع منه أن يواجه النظام الذي ثار عليه السوريون. ويركز في مذكراته على مناكفات الإخوان المسلمين وإعلان دمشق وتكتلات أخرى، ومحاولة الهيمنة على نصاب المجلس الوطني «في مناورات عقيمة لا مكان فيها للسياسة، ولا للوطنية»، وقد أدرك حينها «الاختلاف الكبير بين ماهية الثورة وديناميتها العميقة، وماهية المعارضة وحساباتها».
ورغم انتقاد «عطب الذات» الذي يسم الشخصية السورية الواقعة تحت هيمنة نظام قمعي كمم الأفواه، فإن المفكر السوري دكتور برهان غليون شدد على حقيقة مهمة، مفادها أن الشعب السوري تمكن من تحطيم نظام الأسد بشكله القديم، وأن الثورة نجحت في إنهاء شرعية الأسد.


مقالات ذات صلة

ملتقى دولي في الرياض يعزز التبادل الفكري بين قراء العالم

يوميات الشرق يجمع «ملتقى لقراءة» محبي أندية القراءة والمهتمين بها لتعزيز العادات والممارسات القرائية (هيئة المكتبات)

ملتقى دولي في الرياض يعزز التبادل الفكري بين قراء العالم

تنظم هيئة المكتبات «ملتقى القراءة الدولي» الهادف لتعزيز العادات القرائية، من 19 إلى 21 ديسمبر (كانون الأول) بقاعة المؤتمرات في «مركز الملك عبد الله المالي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)

سردار عبد الله يحاول ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي

سردار عبد الله يحاول ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي
TT

سردار عبد الله يحاول ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي

سردار عبد الله يحاول ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي

صدر عن دار «نوفل - هاشيت أنطوان» كتاب «موجَز الرحلتَيْن في اقتفاء أثر مولانا ذي الجناحَيْن» للكاتب والسياسي العراقي الكردي سردار عبد الله. في هذا الكتاب، الذي نال تنويهاً من جائزة ابن بطّوطة لأدب الرحلات، يحاول سردار عبد الله، من خلال رحلتين قام بهما في عام 2018 إلى الهند، ملء الفراغ في سيرة الشيخ النقشبندي.

هناك، في مدينة جيهان آباد القديمة، قضى الشيخ خالد النقشبندي عاماً في منتصف القرن التاسع عشر، أسهمت تلك السنة في تعزيز دور الشيخ لإحداث تغييرات بعد عودته؛ إذ تبنى الطريقة النقشبندية التي باتت تسمى فيما بعد باسمه «النقشبندية الخالدية». تقودنا هذه الرحلة إلى أحداث تاريخية مهمة حينها مثل سقوط ولاية بغداد والطريقة الصوفية البكتاشية. فكانت طريقته الصوفية بمثابة البديل الروحي أولاً؛ ما أحدث تحولاً كبيراً في تركيبة الزعامة الكردية، التي انتقلت من طبقة الأمراء والإقطاع إلى رجال الدين المتنوّرين.

اتخذ الكاتب قراراً جازماً بألا يعود من الهند ما لم يعثر على ذلك المكان المجهول، غير أنه في رحلة بحثه تلك، يخوض في التاريخ تارة وفي العجائب والطرائف التي يصادفها في تلك البلاد تارة أخرى.

«كيف لنملةٍ أن تطارد نسراً؟»، يتساءل الكاتب، كيف لمريدٍ أن يقتفيَ آثارَ شيخٍ حملَ الشريعةَ على جناحٍ والحقيقةَ على آخر، وجابَ بهما أصقاع الدنيا مُحلِّقاً؟

في هذه الرحلة الممتعة في الزمان والمكان والروح، يُشاركُ الكاتب قرّاءَه تفاصيلَ رحلتَيْه إلى الهند عام 2018؛ بحثاً عن خانقاه الشاه عبد الله الدهلوي. هناك، في مدينة جيهان آباد القديمة، قضى الشيخ خالد النقشبندي عاماً خلال بدايات القرن التاسع عشر، عاد من بَعدِه إلى كردستان وبغداد والشام، يحملُ طريقةً أحدثتْ تحوّلاً كبيراً في المنطقة، في فترةٍ مهمّةٍ تاريخيّاً شهدتْ سقوط ولاية بغداد، وسقوطَ الإمارات الكُرديّة؛ ما خلق فراغاً رهيباً في السلطة.

في كتابه، الذي يقع في 216 صفحة، يتساءل سردار عبد الله ثانية: «لماذا يثور مَن تتلمذ على يد الشيخ النقشبندي، بدءاً بالشيخ النهري في كردستان وصولاً إلى الأمير عبد القادر في الجزائر، ضدّ المحتلّين؟»، فتأخذ الرحلة بُعداً أعمق...

ويكتشف كاتبُنا. فبعدما اتخذ قراراً جازماً بألّا يعود من الهند ما لم يعثر على المقام المنشود، سيعثر المُريد على كنوز المعرفة ودُرَرِ المشاهَدات وهو في طريقه إلى الوجهة الأساسيّة.

وسردار عبد الله - كاتبٌ وسياسيّ كرديّ ومرشَّحٌ سابق لرئاسة العراق. ترأّس هيئة تحرير مجلّاتٍ وصحفٍ كرديّةٍ عدّة، بعد سنواتٍ قضاها في جبال كردستان ضمن قوّات البيشمركة الكرديّة. له إصدارات عدّة باللغتَيْن الكرديّة والعربيّة. «موجز الرحلتَيْن في اقتفاء أثر مولانا ذي الجناحَين» هو كتابه الثاني الصادر عن «دار نوفل» بعد روايته «آتيلا آخر العشّاق» (2019).