«هدوء مقابل هدوء» في غزة

اتصالات مكثفة ومعقدة رعتها مصر بعد خلاف حول المظاهرات

طفلتان تتفحصان مبنى لـ{حماس} ملاصقاً لمنزلهما الذي دمره الطيران الإسرائيلي (إ.ب.أ)
طفلتان تتفحصان مبنى لـ{حماس} ملاصقاً لمنزلهما الذي دمره الطيران الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

«هدوء مقابل هدوء» في غزة

طفلتان تتفحصان مبنى لـ{حماس} ملاصقاً لمنزلهما الذي دمره الطيران الإسرائيلي (إ.ب.أ)
طفلتان تتفحصان مبنى لـ{حماس} ملاصقاً لمنزلهما الذي دمره الطيران الإسرائيلي (إ.ب.أ)

عادت الحياة إلى طبيعتها في قطاع غزة وفي مناطق غلاف القطاع لكن بشكل حذر، بعد ليلة طويلة وصعبة شهدت قصفاً إسرائيلياً مكثفاً على أهداف في القطاع، قابله إطلاق صواريخ من غزة تجاه مستوطنات وبلدات الغلاف. ووضعت مصر اتفاق تهدئة جديدة في قطاع غزة على قاعدة «هدوء يقابله هدوء»، على أن تستأنف مباحثات هدنة جديدة بعد انتهاء الأزمة.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن اتصالات طويلة ومكثفة ومعقدة أفضت إلى اتفاق «هدوء يقابله هدوء».
وأضافت: «كادت المباحثات تنهار مع إصرار إسرائيل على أن توقف (حماس) جميع أنواع المظاهرات، بما فيها الإرباك الليلي ومسيرات الجمعة، وهو الأمر الذي رفضت (حماس) والفصائل أن يشمله في الاتفاق». وأوضحت المصادر أن «حماس» وافقت على اتفاق فوري، لكنها أبلغت المصريين بأن وقف جميع أشكال المظاهرات مرتبط باتفاق أوسع وأشمل حول رفع الحصار. وبحسب المصادر، بقيت هذه النقطة محل خلاف، قبل أن يقترح المصريون تخفيف ووقف هذه المظاهرات بشكل مؤقت، خصوصاً العنيفة منها، قبل أن تدخل تهدئة غير معلنة حيز الاتفاق فجراً.
وامتنعت إسرائيل عن قصف غزة منذ صباح الأمس، وتوقفت الصواريخ من القطاع بشكل شبه متزامن.
وأكدت حركة حماس التوصل إلى اتفاق. وقال فوزي برهوم، الناطق باسم حركة حماس، إن مصر نجحت في التوصل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بغزة من دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل، وقالت الفصائل الفلسطينية إنها سترد على أي تصعيد بتصعيد. لكن في إسرائيل تجنب المسؤولون تأكيد أنه يوجد اتفاق وألمحوا إلى ذلك ضمنياً.
وبحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن عشرات المواطنين اضطروا لإخلاء منازلهم وسط أجواء البرد والليل والخوف، وفعلياً باتت 13 عائلة قوامها 70 فرداً، منهم 44 طفلا و14 امرأة، بلا مأوى.
وردت الفصائل الفلسطينية في غزة بإطلاق صواريخ وصلت إلى نحو 50 صاروخاً وقذيفة على مناطق: أشكول، شاعار هانيغيف ومركز هانيغيف في محيط القطاع. ولم تؤد الصواريخ إلى إصابات. وانطلقت هذه الجولة الجديدة في أعقاب سقوط صاروخ، تقول إسرائيل إن حماس أطلقته من جنوب قطاع غزة، على منزل في شمال تل أبيب، وهو أبعد مدى يصله صاروخ فلسطيني منذ حرب 2014.
وكان ملاحظاً أن إسرائيل تجنبت إسقاط ضحايا في هجومها على غزة، كما تجنبت حماس إطلاق صواريخ يمكن أن تؤدي إلى إصابات وسقطت معظمها في أماكن مفتوحة. ومع انتهاء الجولة الأخيرة، وصف قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، ما جرى بأنه «كان مجرد لعبة قذرة». وقال الهباش إن «إسرائيل هي المستفيدة في المقام الأول من الوضع الحالي في قطاع غزة، كما أن حماس أيضاً مستفيدة من استمرار هذه اللعبة من الشد والجذب مع إسرائيل، التي يدفع ثمنها المواطن البسيط المسحوق والدم الفلسطيني».
وأكد الهباش في تصريح صحافي، أن نتنياهو لا يريد إقصاء حماس من المشهد في قطاع غزة، وأضاف: «يجب أن نخرج من هذه اللعبة القذرة، وأن نرى نهاية لهذه اللعبة السخيفة بين إسرائيل وحماس، ونهايتها فقط بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأن نذهب جميعاً نحن وحماس وكل الفصائل الفلسطينية إلى معركتنا الواحدة مع الاحتلال الإسرائيلي معركة الاستقلال والحرية الفلسطينية».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).