11 فناناً سعودياً يستخدمون الفن وسيلةً للاستكشاف في معرض «زمكان»

يقيمه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» ضمن فعاليات «موسم الشرقية»

جانب من المعروضات في معرض «زمكان» الذي يُفتتح غداً في متحف «إثراء» بالظهران
جانب من المعروضات في معرض «زمكان» الذي يُفتتح غداً في متحف «إثراء» بالظهران
TT

11 فناناً سعودياً يستخدمون الفن وسيلةً للاستكشاف في معرض «زمكان»

جانب من المعروضات في معرض «زمكان» الذي يُفتتح غداً في متحف «إثراء» بالظهران
جانب من المعروضات في معرض «زمكان» الذي يُفتتح غداً في متحف «إثراء» بالظهران

يقدم «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي» (إثراء)، معرض الفن المعاصر «زمكان» الذي يهدف إلى توضيح مفهوم التكامل بين الزّمان والمكان من خلال استضافة 11 فناناً من السعودية يستخدمون الفن وسيلةً للاستكشاف، وذلك غداً الخميس في متحف «إثراء» المخصص للفن المعاصر.
يأتي معرض «زمكان» ضمن فعاليات «موسم الشرقية 2019»، ويستمر إلى سبتمبر (أيلول) المقبل، حيث يطرح المعرض أسئلة فيما هو المستقبل، وكيف أنّ الزمان والمكان يشكلان منظورهما الفردي الذي يُنتج بدوره صوراً فريدة. كما يشير إلى الثقافة أو البيئة وأساليب الحياة التي تضمّ التحول من جميع الجوانب، على المستويين العالمي والمحلي.
ويستمر الفنّانون في استكشاف موضوعات مثل الهوية الشخصية والتقاليد والتراث والنتيجة والحرية، وما يُدعى بعلم «الميرولوجي»، وهو دراسة العلاقة بين الأجزاء والكل، فالفنان عبد الله العثمان يرى أنّ الفن شكل من أشكال خلاص الذات والتعبير عن النفس، إذ كتب قائلاً: «لا أرى أن الغاية من الفن محصورة في تناول قضية ما أو تطبيق حكمة معينة، بل أسعى أن ينقذني الفن. إذا كانت الحياة مأزقي، فإنّ الفن خلاصي». فمن خلال كلماته وأعماله الملهمة، يفتح العثمان أبواباً بإمكانات لا نهاية لها نحو فن ابتكاري وخلّاق.
فيما تتناول أعمال الفنان أحمد عنقاوي الحالة الإنسانية، مع ميوله القوية نحو الثّقافة والتراث والبيئة، وذلك بسبب التنوع الثّقافي الغني في المنطقة الغربية الذي يتّخذه إلهاماً له وطريقة لدمج ثلاثة عوالم مختلفة في قالب واحد، وهي الفن، والإسلام، والثّقافة.
وتتميز أعمال أيمن زيداني بروحه الباحثة في تخطي حدود المادة غير التقليدية عبر مجموعة من الوسائط والوسائل، بما في ذلك تقنيات البناء، والنحت، والتصوير الفوتوغرافي، والرسم، والوسائط الرقمية. وتُعرف مشروعاته وأعماله بالتجريد وتعقيدات الظّواهر التجريبية، حيث ترصد أعماله تنوع الأفكار المخزونة في التجريب والتكرار، التي غالباً ما تصوّر طبقات جديدة ضمن التقاليد والنّصوص المقبولة.
فيما يعدّ عزيز جمال فناناً متعدد التخصصات تُركِّزُ أعماله على فَنَّي النّحت والرّسم. وتنطوي ممارساته غالباً على مبادئ ظرفية، تنشأ فيها أعماله في كثير من الأحيان بطريقة مرتجلة تتماشى مع سياق اللحظة والمكان الذي تصورت فيه.
ويرتكز عمل دانة عورتاني على الهندسة التقليدية والإنارة ذات الطّراز الإسلامي واستخدامهما بطرق معاصرة، عبر عدد كبير من الأساليب والوسائل كعروض الأداء، حيث تُظهر رمزية أعمالها معنى كبيراً لفنها، وتجعلها أكثر من مجرد قطع فنية جميلة.
وتطرح أعمال الفنانة مها ملوح أسئلة عن موطنها الأم والتغيرات الهائلة التي مرّت بها، منذ أن حولتها الثّروة النّفطية إلى مزيج معقّد من التقاليد والعولمة وثقافة المستهلك التي أضحت عليه اليوم، ما جعلها مؤرخة للحياة السعودية المعاصرة.
ويروي المصور معاذ العوفي حياة المدينة المنورة التي هي بالنسبة له الاستوديو الخاص ومتحفه المفتوح، حيث يوثق تحولاتها الحضارية والمعمارية والإنسانية والثقافية، حتى شملت هذه التوثيقات التغييرات التي طرأت على المدينة في حدودها وقُراها المنسية، وتضاريسها القاحلة المحيطة بهذه المدينة النابضة بالحياة.
ويُقدّم الفنان مهند شونو أعمالاً تتناول علم اللاهوت والثّقافة والأساطير المختلفة. وترتبط أعماله في ظاهرها بالمفاهيم والأفكار والوسائط المفككة، في محاولة لفهم النّصوص والأنظمة البشرية التي نتجمع حولها.
وتهدف أعمال عمر عبد الجواد، من خلال إرباك الأنماط التقليدية، إلى صناعة تأثير اجتماعي على السياق والمجتمع المحلي، كما تساهم أعماله في إطلاق الكثير من المهن الحرة لشباب الأعمال.
وتجمع أعمال سارة عبده بين الأضداد، سواء بين الجمال والقبح، أو الواقع والأحلام، أو الوعي واللاوعي، وذلك بهدف التشكيك في الإرادة الحرة للإنسانية، سواء كنّا أحراراً بلا قيود، أو محكومين بقدر لا مفر منه. ويوازي هذا الاهتمام اهتمامٌ آخر باكتشاف الآليات التي تتشكّل من خلالها هوياتنا.
وترتكز أعمال زهرة الغامدي على اكتشاف الذّاكرة والتاريخ عبر الهندسة المعمارية التقليدية في أسلوب البناء والمواد المستخدمة فيه. ويُظهر عملها الخاص بموقعها مدى العملية الشّاقة والدقيقة التي تجمع فيها جزيئات الأرض والطّين والحجارة والجلد والماء. كما تستعين أعمالها بمفهوم «الذّاكرة المجسّدة» لترجمة وتحديد محاور الهوية الثقافية والذاكرة والخسارة.



بعد 3 أشهر ونصف الشهر من المغامرة... كوسوفي يصل مكة المكرمة بدراجته الهوائية

سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
TT

بعد 3 أشهر ونصف الشهر من المغامرة... كوسوفي يصل مكة المكرمة بدراجته الهوائية

سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)
سيكي هوتي مع دراجته التي قطع بها مسافة 6800 كيلومتر من كوسوفو إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

مدفوعاً برغبة عميقة في تقوية إيمانه وإعادة اكتشاف ذاته قرَّر شاب كوسوفي في العقد الثالث من العمر يدعى سيكي هوتي ترك حياة الراحة والاستقرار خلفه ظهره واستقل دراجته الهوائية لبدء مغامرة استثنائية عابرة للقارات تنطلق من بلدته الصغيرة في جمهورية كوسوفو إلى مكة المكرمة.

وعلى مدار 3 أشهر ونصف الشهر، قطع سيكي أكثر من 6800 كيلومتر، وعبر دولاً عدة، مجابهاً صعوبات لا تُحصى ليصل إلى قلب العالم الإسلامي، «نعيش في عالم مليء بالملذات والماديات، وكثيرون منا ينسون الغاية التي خلقنا من أجلها»، بهذه الكلمات يشرح سيكي لـ«الشرق الأوسط» الدوافع خلف هذه الرحلة التي لم تكن مجرد مغامرة عادية؛ بل هي محاولة جريئة لإعادة الاتصال بروحه والتقرب إلى الله.

إعداد الجسد والعقل

لم يكن الاستعداد لهذه الرحلة سهلاً؛ إذ حرص سيكي على تعلم أساسيات صيانة الدراجات وحمل معه قطع غيار للطوارئ، كما جهز نفسه بمعدات بسيطة للطهي والنوم، بالإضافة إلى ذلك عمل على تقوية عزيمته ليكون مستعداً لما هو قادم، معتمداً بعد الله على قوته البدنية، التي كان يثق بأنها ستعينه على تحمُّل مشاق الطريق، وعن ذلك يقول: «اعتمدت على إيماني العميق وثقتي بأن الله لن يخذلني مهما واجهت من مصاعب. وقطعت على نفسي عهداً بأن أصل إلى وجهتي مهما كانت الظروف».

بعد رحلة دامت 3 أشهر ونصف الشهر وصل هوتي أخيراً إلى مكة المكرمة ليؤدي مناسك العمرة (الشرق الأوسط)

تحديات لا تُنسى

رحلة سيكي هوتي شملت دولاً عدة منها مقدونيا الشمالية، وبلغاريا، وتركيا، وإيران والإمارات العربية المتحدة، حتى وصل إلى المملكة العربية السعودية. وكان لكل محطة تحدياتها الخاصة، ففي تركيا، شكلت التضاريس الجبلية تحدياً له، خصوصاً بعد خروجه من مدينة إسطنبول. فالطرق الوعرة والأمطار الغزيرة جعلت الرحلة مرهقة. لكن وسط هذه الصعوبات، وجد سيكي دفئاً في كرم الناس. حيث استقبله أحد عمال محطة وقود مر عليها، وقدم له مأوى ومشروباً دافئاً. عن تلك التجربة يقول: «في أكثر اللحظات صعوبة، كان لطف الغرباء هو ما يدفعني للاستمرار».

أما إيران، فيتذكر سيكي أنها كانت واحدة من أكثر المحطات إثارة، فحاجز اللغة، واختلاف الثقافة، وصعوبة التعامل مع العملة المحلية، أموراً مزعجة. لكن مع ذلك، قال: «إنه رغم كل الصعوبات، أدركت أن الإنسانية تجمعنا. الابتسامة واللطف كانا كافيين لتجاوز تلك الحواجز».

سيكي هوتي إلى جانب العَلم السعودي بعد وصله مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

وفي الصحراء السعودية، وحين كان على مشارف الطائف، استقبلت سيكي أمطار غزيرة، شكّلت له تحدياً، لكن لحسن الحظ وقبل أن تسوء الأوضاع بشكل كبير التقى مواطناً سعودياً يُدعى فيصل بن مناعي السبيعي الذي مدّ له يد العون وقدم له المساعدة التي يحتاج إليها لمواصلة رحلته إلى خير البقاع. عن تلك التجربة يقول سيكي: «لن أنسى فيصل ما حييت. كان وجوده في ذلك الوقت معجزة أنقذت حياتي. وبفضله تمكنت من الوصول إلى مكة المكرمة».

مكة فرحة العمر

وعند دخوله إلى أم القرى بعد أشهر من مواجهة التحديات، يقول سيكي شعرت بسلام داخلي عميق، وأضاف: «كانت لحظة وصولي إلى مكة المكرمة أشبه بتحقيق حلم العمر. شعرت بالطمأنينة والفرح، توجهت إلى الله بالدعاء لكل من ساعدني في رحلتي ولكل إنسان يحتاج إلى الدعاء».

ولا تتوقف رحلة سيكي هوتي عند مكة المكرمة. فهو يخطط لمواصلة رحلته إلي المدينة المنورة وزيارة المسجد النبوي.

الكوسوفي هوتي حقّق حلم عمره بعد وصوله إلى مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

إندونيسيا وجهة الحب

يقول سيكي: «زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة حلم كل مسلم، وأنا ممتن لله على هذه الفرصة»، لكنه ينوي بعد مغادرة طيبة الطيبة، البدء في رحلة جديدة إلى إندونيسيا، الهدف منها هذه المرة هو التقدم لخطبة المرأة التي يحبها. مدركاً أن هذه الرحلة ستكون مليئة بالتحديات، خصوصاً أن بعض الدول التي سيعبرها لا تعترف بجنسية كوسوفو. إلا أنه عبَّر عن تفاؤله بالوصول إلى وجهته الجديدة قائلاً: «حين يكون لديك إرادة، ستجد دائماً طريقاً لتحقيق حلمك. أنا مؤمن بأن الله سييسر لي هذه الرحلة كما فعل مع رحلتي إلى مكة المكرمة».

نصيحة للمغامرين

رحلة سيكي هوتي ليست مجرد مغامرة بالدراجة الهوائية، بل هي قصة عن الإيمان، والصبر، والإنسانية، تذكرنا بأن الصعوبات ليست سوى محطات تعزز قوتنا، وأن الغاية الأسمى في الحياة هي السعي لتحقيق الاتصال الروحي والسلام الداخلي هذا الشعور دفع الرحالة الكوسوفي لتوجيه رسالة إلى كل من يحلم بخوض تجربة مماثلة مفادها «لا تنتظر أن تشعر أنك مستعد تماماً؛ لأنك لن تصل إلى هذه اللحظة أبداً. ابدأ الآن، ثق بالله، وكن صبوراً ولطيفاً مع الآخرين. العالم مليء بالخير، وستكتشف ذلك بنفسك»