تونس: «الوطني الحر» يتراجع عن الاندماج مع حزب نجل الرئيس

تفاعل قضية مطالبة «النهضة» بتغيير موعد الانتخابات الرئاسية

TT

تونس: «الوطني الحر» يتراجع عن الاندماج مع حزب نجل الرئيس

حسم حزب «الاتحاد الوطني الحر»، الذي أسسه رجل الأعمال التونسي سليم الرياحي، أمر مشاركته في الانتخابات المقبلة، إثر تأكيده التخلي عن الاندماج الذي قرره قبل أشهر مع حزب «النداء»، الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي.
وأكدت يسرى الميلي، المتحدثة باسم «الاتحاد الوطني الحر» (ليبرالي)، في مؤتمر صحافي أمس، فض الشراكة السياسية مع حزب «النداء»، والعودة إلى قواعد الحزب، والإعداد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية في جميع الدوائر الانتخابية بقوائم انتخابية منفردة، كما أشارت إلى أن «الوطني الحر» سيشارك في الانتخابات الرئاسية المبرمجة في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وعن أسباب التخلي عن الاندماج، والترشح ضمن قوائم انتخابية موحدة مع «النداء»، قالت الميلي إن السبب الأكبر والرئيسي هو سقوط لجنة الإعداد للمؤتمر الانتخابي المقرر يوم 6 أبريل (نيسان) المقبل، واستقالة النائب البرلماني عن حزب «النداء»، رضا شرف الدين، رئيس تلك اللجنة.
وفي السياق ذاته، بينت الميلي أن لجنة إعداد مؤتمر حزب «النداء» أصبحت تشتغل بعدد قليل من القيادات السياسية، إثر استقالة نصف أعضائها، وهو ما سيؤثر حتماً على عملها، على حد تعبيرها. واعتبر المصدر ذاته أن المشاكل والخلافات والانقسامات التي عانى منها «النداء»، وشقت صفوف قياداته، كانت سبباً إضافياً للتراجع عن الاتفاق السياسي.
وتابعت الميلي أن لجنة الانتخابات كانت أساسية بالنسبة لحزب «الاتحاد الوطني الحر»، من أجل ضمان مؤتمر ديمقراطي يحفظ حقوقه في الاندماج مع حزب «النداء».
وبشأن إمكانية ترشح سليم الرياحي، الرئيس السابق للحزب قبل قرار الاندماج، قالت الميلي إن الرياحي هو مؤسس هذا الحزب الذي تمكن في فترة وجيزة من الفوز بـ16 مقعداً برلمانياً في انتخابات 2014، وهو يستحق دعم كل هياكل الحزب، في حال قرر الترشح. وأضافت أنه في حال عدم ترشح سليم الرياحي، رئيس الحزب، فسيتم دعم شخصية سياسية أخرى من خارج الحزب.
كان سليم الرياحي قد أعلن اندماج حزبه في حزب «النداء» في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وذلك في محاولة للضغط على حكومة يوسف الشاهد، وضمان أغلبية الأصوات (109) داخل البرلمان، في حال المرور إلى التصويت لفائدة حكومة الشاهد. وتولى سليم الرياحي، رئيس حزب «الاتحاد الوطني الحر»، إثر الاندماج، خطة الأمين العام لحزب «النداء»، قبل أن يفر خارج تونس بسبب ملاحقات قضائية وتهم بالفساد.
على صعيد آخر، انضم كل من «حركة مشروع تونس» التي يتزعمها محسن مرزوق المشارك في الائتلاف الحاكم الحالي، و«حزب تيار المحبة» المعارض الذي يترأسه هاشمي الحامدي، إلى الدعوة التي وجهتها «حركة النهضة» إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، للمطالبة بإدخال التعديلات الضرورية على روزنامتها الانتخابية، لتفادي تزامن تاريخ الانتخابات الرئاسية المقررة في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل مع تاريخ إحياء المولد النبوي الشريف.
وتصاعدت موجات الاحتجاج في مدينة القيروان (وسط تونس) التي عادة ما تحتضن هذه الاحتفالات، وساندت حركة «النهضة» هذه الاحتجاجات، وأعلنت دعمها للجمعيات والمنظمات في مختلف تحركاتها الاحتجاجية، وفي اعتصامها الذي انطلق منذ 21 مارس (آذار) الحالي، بمقر هيئة الانتخابات في القيروان.
وكانت «مؤسسة القيروان» (اجتماعية مستقلة) قد طلبت في وقت سابق من الهيئة تغيير تاريخ الانتخابات الرئاسية لتزامنه مع موعد المولد النبوي الشريف، واستقبال الجهة أكثر من 600 ألف زائر خلال هذه المناسبة.
وراسلت هذه المؤسسة رئيس الجمهورية، طالبة منه التدخل لتغيير موعد الانتخابات الرئاسية، في حين أكد نبيل بفون، رئيس هيئة الانتخابات، أن مواعيد الانتخابات نهائية، مما كان سبباً في ارتفاع منسوب الاحتجاجات، وهو ما سيفرز المزيد من التصعيد في مدينة القيروان.
يذكر أن الانتخابات البرلمانية ستجري في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في حين تنظم الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».