صندوق النقد: الحرب التجارية «أكبر خطر» على الاستقرار العالمي

مليارات الدولارات خسائر متبادلة في «معركة بلا فائز»

قال مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي أمس إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تعد أكبر المخاطر على استقرار الاقتصاد العالمي (أ.ف.ب)
قال مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي أمس إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تعد أكبر المخاطر على استقرار الاقتصاد العالمي (أ.ف.ب)
TT

صندوق النقد: الحرب التجارية «أكبر خطر» على الاستقرار العالمي

قال مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي أمس إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تعد أكبر المخاطر على استقرار الاقتصاد العالمي (أ.ف.ب)
قال مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي أمس إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تعد أكبر المخاطر على استقرار الاقتصاد العالمي (أ.ف.ب)

قال ديفيد ليبتون النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي، أمس (الاثنين)، إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تشكل أكبر خطر على الاستقرار العالمي، مضيفاً أن إرساء الاستقرار المالي ضروري للتعامل مع الصدمات على صعيد الاقتصاد الكلي في أوروبا.
وقال ليبتون خلال مؤتمر في العاصمة البرتغالية لشبونة: «بوضوح، هذا ليس شأن أوروبا وحدها. والولايات المتحدة بحاجة إلى ترتيب بيتها مالياً كذلك. التوترات التجارية الأميركية - الصينية تشكل أكبر خطر على الاستقرار العالمي».
وأثّرت الحرب التجارية الدائرة، والتي بدأت قبل نحو ثمانية أشهر، على تدفق بضائع بمليارات الدولارات بين البلدين.
وفي ختام العام الماضي، قدّر خبراءُ خسائرَ الحرب التجارية «التي لا فائز فيها» بين أميركا والصين بنحو 2.9 مليار دولار لكل منهما جراء الرسوم التجارية المتبادلة وحدها... لكن قبل أيام، قدّر خبراء أن الاقتصاد الأميركي فقد نحو 8 مليارات دولار في العام الأول من اندلاع الحرب التجارية بين واشنطن وأكبر شركائها التجاريين الذين تتصدرهم الصين، حسب دراسة قام بها فريق من الاقتصاديين في أكبر الجامعات الأميركية.
والأسبوع الماضي، كشف تقرير تجاري أميركي أنه إذا استمرت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين لعشر سنوات مقبلة، فإن إجمالي خسائر الاقتصاد الأميركي جراء هذه الحرب ستصل إلى نحو تريليون دولار.
وحذر التقرير الصادر عن غرفة التجارة الأميركية من أن استمرار الحرب التجارية الأميركية الصينية وتصاعد وتيرتها حتى عام 2029 سيكلفان الولايات المتحدة الكثير، خصوصاً فيما يتعلق بتراجع النمو الاقتصادي الأميركي. وتضمنت الدراسة التي أجرتها مجموعة «روديوم» لصالح غرفة التجارة الأميركية، تحليلاً للآثار الاقتصادية المترتبة على 3 جولات من فرض الرسوم الجمركية المتبادلة بين واشنطن وبكين حتى الآن، مع تقدير للخسائر على مدى السنوات العشر المقبلة في حال زيادة واشنطن الرسوم الجمركية بحدود 25% على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار، وهي النسبة التي تبلغ حالياً 10% فقط.
ووجدت الدراسة أن زيادة الرسوم الجمركية على البضائع الصينية ستقلل من إجمالي الناتج المحلي وستؤثر على معدلات البطالة والاستثمارات، كما ستؤدي إلى زيادة أسعار الواردات والصادرات، بالإضافة إلى أن المنتجات الأميركية ستصبح أقل تنافسية وستصبح المنتجات الاستهلاكية أغلى سعراً بالنسبة إلى المتسوقين الأميركيين.
وحسب الدراسة، فإنه خلال السنوات الخمس المقبلة على تطبيق الرسوم الجمركية، سينخفض متوسط إجمالي الناتج المحلي الأميركي بما يتراوح بين 64 و91 مليار دولار؛ أي بنسبة تتراوح ما بين 0.3 و0.5%. ويشار إلى أن حجم الاقتصاد الأميركي مع نهاية العام الماضي وصل إلى 20 تريليون دولار.
وعلى الجانب الآخر، سجلت صادرات الصين ووارداتها تراجعاً أكبر مما كان متوقعاً في فبراير (شباط)، حسب أرقام رسمية نُشرت مطلع الشهر الجاري، وعززت القلق حيال الدولة الآسيوية العملاقة التي تشهد تباطؤاً اقتصادياً.
وتراجعت الصادرات الصينية بنسبة 20.7% في فبراير، بعدما سجلت ارتفاعاً خلال الشهر الذي سبقه، حسبما أعلنت إدارة الجمارك الصينية. وواصلت الواردات انخفاضها الذي بلغت نسبته 5.2%، وهو أكبر مما سُجل في يناير (كانون الثاني). وجاء التراجع في الصادرات والواردات أكبر مما كان متوقعاً. فقد قدّرت مجموعة خبراء استطلعت وكالة «بلومبرغ» آراءهم انخفاضاً بنسبة 5 و0.6% على التوالي.
وقال ريموند يونغ المحلل في مصرف «إيه إن زد»، إن «الأرقام تعزز وجهة نظرنا التي تفيد بأن الانكماش الاقتصادي في الصين بدأ». وأضاف أن «القليل من الأسباب تدفع إلى توقع ارتفاع في الأمد القصير».
من جهة أخرى، سجلت الصين في فبراير فائضاً تجارياً شهرياً منخفضاً بشكل غير معهود، بلغ 4.12 مليار دولار فقط، أي أقل بكثير من الفائض الذي سُجل في يناير البالغ 39.2 مليار دولار.
يأتي ذلك بينما تواجه الصين تباطؤاً في النمو الاقتصادي الذي انخفض العام الماضي إلى 6.6%، وكان الأدنى منذ 28 عاماً. فيما أعلنت الحكومة عن هدف مخفض بشكل طفيف للنمو في 2019 يتراوح بين 6 و6.5%، بينما سجلت الصناعات التحويلية في فبراير أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات. وفي الشهر السابق، كاد مؤشر مهم للأسعار في القطاع الصناعي يصل إلى الانكماش.


مقالات ذات صلة

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الاقتصاد الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة.

هدى علاء الدين (بيروت)
الاقتصاد منظر عام لمدينة أبوظبي (رويترز)

الإمارات توافق على تمديد سداد ملياري دولار لباكستان

قال رئيس وزراء باكستان، شهباز شريف، يوم الثلاثاء، إن الإمارات العربية المتحدة وافقت على تمديد سداد قرض بقيمة ملياري دولار كان من المقرر دفعه هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
الاقتصاد العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

الإيرادات العمانية ترتفع 15 % في 2024 مدفوعة بزيادة أسعار النفط

كشفت البيانات الأولية الصادرة عن وزارة المالية العمانية، الخميس، تسجيل البلاد إيرادات تُقدر بنحو 12.7 مليار ريال عماني (33 مليار دولار) في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق أمام مبنى سكني تضرر ببلدة بوردينكا في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، أن بلاده تلقت دفعة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ستخصَّص لتغطية النفقات الحيوية في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

صندوق النقد: مستعدون لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار عندما تسمح الظروف

قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك اليوم الخميس إن الصندوق مستعد لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار مع المجتمع الدولي.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».