اسكوتلنديارد: لا يوجد مكان في لندن يجب تجنبه

بعد تحذير السياح الإماراتيين من مخاطر أكسفورد ستريت ومنطقتي بيكاديلي وادجوار رود .. {فيزيت بريتن} : لندن مدينة آمنة والسرقات في أدنى مستوياتها

تقاطع شارعي أكسفورد وريجنت في لندن وهما من أهم شوارع التسوق للسياح العرب (غيتي)
تقاطع شارعي أكسفورد وريجنت في لندن وهما من أهم شوارع التسوق للسياح العرب (غيتي)
TT

اسكوتلنديارد: لا يوجد مكان في لندن يجب تجنبه

تقاطع شارعي أكسفورد وريجنت في لندن وهما من أهم شوارع التسوق للسياح العرب (غيتي)
تقاطع شارعي أكسفورد وريجنت في لندن وهما من أهم شوارع التسوق للسياح العرب (غيتي)

على خلفية تحذير وزارة الخارجية الإماراتية لمواطنيها يوم الأربعاء الماضي بتفادي عدد من الأحياء وسط العاصمة بسبب الجريمة، أكدت شرطة اسكوتلنديارد على أن لندن تتمتع بقدر كبير من الأمن وقال ماكدوم تشيستي من شرطة العاصمة في بيان «لا يوجد مكان في لندن يجب الابتعاد عنه.. نتفهم أن الواقعة التي تعرض لها إماراتيون في وقت سابق من هذا العام كانت صادمة ولكنها نادرة للغاية». وأضاف: «لندن من أكثر المدن الكبرى في العالم أمنا وأن معدلات الجريمة فيها تتناقص بشكل عام وفي منطقة ويستمنستر انخفضت نسبة الجريمة إلى 16.4 في المائة».
وأصدر مكتب «فيزيت بريتان» بيانا رسميا في هذا السياق، أكد فيه أن لندن واحدة من أكثر مدن العالم أمنا، بسبب تدني نسبة الجريمة فيها، بما في ذلك عمليات السطو والسرقات، ووصلت نسبة تلك الجرائم إلى أدناها بالمقارنة مع السنوات الماضية.
وشدد البيان أيضا على أهمية لندن كونها «كوزموبوليتانية» وتحوي إثنيات مختلفة، وتتمتع بأكبر فريق شرطة يسهر على أمن وسلامة الشعب في جميع أنحاء العاصمة.
وتُعدّ لندن جاذبا فريدا للسياح من كل بقاع الأرض يزورونها للتمتع بما تزخر به من معالم تاريخية وثقافية مهمة، وأضاف البيان أن السلطات اللندنية تتفهم مخاوف الإماراتيين من المجيء إلى لندن بسبب حادثتين منفصلتين كان ضحيتهما سياحا من الإمارات العربية المتحدة، إلا أنه يجدر التأكيد على أن هذا النوع من الجرائم نادر جدا، كما أن السلطات تعمل جاهدة على تطمين الزوار من الإمارات القادمين إلى لندن على أن العاصمة آمنة، وتأخذ السلطات البريطانية مسألة الأمن على محمل الجد.
وجاء في البيان أرقام تبين أن نسبة الجريمة في لندن انخفضت بواقع 17 في المائة بين عامي 2013 و2014، بالمقارنة مع نسبة الجريمة في عام 2007 - 2008. في حين انخفضت نسبة الجريمة بشكل عام في البلاد العام الماضي بواقع 6 في المائة، وتبين أيضا أن نسبة السرقات والسطو وصلت اليوم إلى أدناها منذ 15 عاما، وبهذا يمكن التأكيد على أن نسبة السرقات اليوم وصلت إلى أدنى مستوى على الإطلاق منذ عام 1974.
ويأتي تحذير وزارة الخارجية الإماراتيه لمواطني الدولة بعد هجومين عنيفين على سياح إماراتيين في العاصمة البريطانية هذا العام وهو ما أثار موجة من الخوف بين مواطني الخليج وراجع البعض خطط العطلة الصيفية ليستبدلوا لندن بأماكن أخرى مثل سويسرا والولايات المتحدة الأميركية. ورغم أن البوليس البريطاني حرص على التأكيد أكثر من مرة أنه قام بالقبض على أربعة أشخاص لهم علاقة بالهجوم على سائحات إماراتيات في فندق كمبرلاند بالقرب من أكسفورد ستريت فإن المخاوف من الهجوم والسرقة ما زالت هاجس الكثير من الزوار.
ولقي التحذير الذي أصدرته وزارة الخارجية الإماراتية ترحيب البعض مثل منى العلي وهي من سكان دبي التي علقت لصحيفة «ذا ناشيونال الإماراتية»: «قد لا يكون (السياح الخليجيون) حذرين بما فيه الكفاية في عدم لبس المجوهرات الثمينة».
وقال إماراتيون أجرت رويترز مقابلة معهم بأنهم لا يهتمون بهذا التحذير. وأشارت خريطة ملحقة بالبيان إلى شارع ادجوير والمنطقة بين ماربل ارك وتوتنهام وشارعي أكسفورد وبوند ستريت كما أوضحت أيضا أن منطقتي شيبردز بوش وكوينزواي من المناطق غير الآمنة. الجدير بالذكر أن تلك الأماكن هي مناطق تعرف بالتجمعات العربية حيث الأسواق الشهيرة والمطاعم ودور السينما وهي أيضا من أكثر المناطق جذبا للسياح من كل الجنسيات.
وقالت فتاة إماراتية تبلغ من العمر 20 عاما بأن هذا التحذير لا يردعها.
وأضافت: «إذا لم أذهب إلى هذه الأماكن فأين إذن يمكنني الذهاب. لندن هي كل هذه الأماكن».
وقالت الطالبة الجامعية آمنة محمد بأن السياح الإماراتيين يجذبون إليهم الأنظار بشكل غير ضروري بارتداء ملابس وإكسسوارات مبالغ فيها.
وأضافت: «سأذهب (إلى هذه الأماكن) لأني أعرفها وأعلم ما يجب أن أرتديه وأنا ذاهبة إلى هناك».
وحذر البيان أيضا من أهمية عدم المبالغة في المظاهر من خلال لبس المقتنيات الثمينة والماركات الغالية التي تشد الانتباه في الأماكن العامة التي يرتادها الناس على مختلف جنسياتهم وقد يقوم بعضهم بالتحايل أو التهديد بغرض السرقة. ويلاحظ المترددون على لندن انتشار مجموعات من المتسولين خاصة حول أماكن وجود السياح العرب في إدجوار رود وأكسفورد ستريت ونايتسبريدغ، وهي ظاهرة لا يراها سكان العاصمة في باقي الأحياء السكنية البعيدة عن وسط المدينة.
كذلك أكد أنه على السياح المقيمين في الفنادق عدم ترك أبواب غرفهم مفتوحة وألا يتركوا أطفالهم وحدهم دون إشراف شخص بالغ. كذلك ينصح المقيمون في الفنادق والشقق المفروشة بأن يتأكدوا من شخصية أي طارق قبل فتح الباب وأيضا تفادي التواجد في شوارع خالية بشكل فردي خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل.
ولندن واحدة من أشهر الوجهات للسياح من دول الخليج العربية الذين يهربون من درجة حرارة الصيف المرتفعة في بلادهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».