قماش ذكي للدفء والتبريد الأوتوماتيكي

باحثون أميركيون يطوّرونه

قماش ذكي للدفء والتبريد الأوتوماتيكي
TT

قماش ذكي للدفء والتبريد الأوتوماتيكي

قماش ذكي للدفء والتبريد الأوتوماتيكي

يقول باحثو جامعة ماريلاند الأميركية إنّ هذه المادة الجديدة يمكن ارتداؤها لتخفيف تكلفة التبريد والتدفئة. وقالوا إن القماش يتجاوب مع جسد مرتديه عبر تنظيم كمية الحرارة التي تمرّ عبره.
- اتساع وانكماش
وشرح الباحثون فكرة عمل القماش: مثلا، في حال كنتم تتعرّقون في يوم صيفي حار، يمنحكم هذا القماش فرصة للتخلّص من هذا الحرّ. ولكن عندما تنخفض درجة حرارة المحيط ويزداد الهواء جفافاً، وتنخفض بالتالي درجة حرارة جسدكم، يزداد ضغط القماش ليحتبس الحرارة في جسد مرتديه. وكانت الورقة البحثية التي تحمل عنوان «التمرير الديناميكي للأشعة دون الحمراء عبر القماش» قد نشرت في دورية «ساينس».
وقال يوهوانغ وانغ، أستاذ محاضر بالكيمياء والكيمياء الحيوية وأحد معدّي الدراسة، إنّه يرى وقتاً ليس ببعيد في المستقبل القريب تتحوّل فيه الملابس إلى «جلد ثانوي» يساعد الناس على الاحتفاظ بالطاقة وتقليل تكاليف التبريد والتدفئة من خلال تقليل الاعتماد عليهما أو الامتناع عن استخدامهما كلياً.
وأضاف وانغ: «ستتيح هذه التقنية لمستخدمها تنظيم محيطه المحلّي وستمنح الناس قدرة أكبر على تحمّل ظروف التدفئة والتبريد في المبنى الذي يوجدون فيه». تفيد وزارة الطاقة الأميركية بأنّ ثلاثة أرباع المنازل في الولايات المتحدة مجهّزة بأنظمة للتبريد التي تستخدم نحو 6 في المائة من إجمالي الكهرباء المنتجة. ويشير تقرير الوزارة أيضاً إلى أنّه وبالإضافة إلى فرضها تكلفة سنوية تصل إلى 29 مليون دولار تموّل من جيوب مالكي المنازل، تنتج المكيفات الهوائية ما يقارب 117 مليون طنّ متري من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. وإلى جانب موضوع تخفيض استهلاك الطاقة، يقدّم البحث فرصة لابتكار ملابس لتبريد مرتديها.
- تطويرات عالمية
وكان باحثون فنلنديون طوروا عام 2015 «وسيلة لإضافة غشاء بلاستيكي يحتوي على قنوات مجهرية تحتوي على مادة سائلة، يدمج في صناعة السترات وغيرها من الملابس». وذكرت الورقة البحثية الفنلندية أن ملء هذه الملابس بالسوائل سيتيح للملابس تبريد مرتديها أو تدفئته.
وفي اليابان، كشف باحثون عن حلول مبتكرة لتقليل استهلاك الطاقة، مثل ملابس مبرّدة مجهّزة بمراوح صغيرة تستمدّ طاقتها من بطاريات، ويقال إنها تنتج هواء بارداً لمدة تصل إلى 11 ساعة في كلّ مرّة.
ولكنّ القماش الذي طوره باحثو ماريلاند لا يعتمد على البطاريات أو السائل.
يُصنع هذا القماش من خيط خاص مغطى بمعدن قادر على توصيل الكهرباء. عندما تكون الحالة المناخية دافئة ورطبة، أي كما تكون عادة أثناء العمل في الخارج والتعرّق الناتج عنها، تشغّل شعيرات الخيط الطبقة الموصلة التي تلتفّ بدورها حول الشعيرات وتقرّبها من بعضها. ويشير الباحثون إلى أنّه وفور حصول هذه العملية، تتفتّح المسام الموجودة في القماش لتسهّل خروج الحرارة. أمّا عندما تكون الظروف المناخية باردة، تكون العملية عكسية، وتبقى الحرارة محبوسة داخل القماش.
لشرح الفكرة القائمة خلف تطوير هذا القماش، يقارن وانغ الجسد البشري بمحرّك يحوّل طاقة الغذاء إلى حرارة.
وقال وانغ: «عندما نكون عراة بالكامل، يكون جسدنا بمثابة مشعاع فعّال يتخلّص من الحرارة بسرعة. يمكن اعتبار معظم ملابسنا على أنّها مشعاعات فعّالة، ولكن لا يمكننا التحكم بها. لذا، أردنا ابتكار آلية للتحكّم بالحرارة التي ينتجها جسدنا».
ولفت وانغ إلى أنه رغم مرور خمس سنوات على السير بتطوير هذا القماش، لا يزال الباحثون في بداية عملية تحويله إلى منتج تجاري، سيكون استخدامه الأول غالباً لصناعة الملابس الرياضية. وأشار إلى أنّ هذا القماش قابل للصبغ بألوان مختلفة، وللحبك والغسل، وله مدّة صلاحية شبيهة بصلاحية الأقمشة التجارية العادية. وأضاف أنه يعتقد أن استخدامات هذا القماش ستتجاوز ملابس راكبي الدراجات الهوائية والمتزلجين مع الوقت. وأخيراً، شدد الباحث على أنّ أداء هذا القماش قد يكون فعالاً للأطفال الذين يحتاجون إلى دفء دائم، وربما لكبار السن أو المرضى.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً