وزير الدفاع اليمني لـ«الشرق الأوسط»: أساليب الحوثيين شبيهة بحروب «حزب الله»

أكد معالجة 90 % من حالات ازدواج أسماء المجندين

الفريق الركن محمد علي المقدشي
الفريق الركن محمد علي المقدشي
TT

وزير الدفاع اليمني لـ«الشرق الأوسط»: أساليب الحوثيين شبيهة بحروب «حزب الله»

الفريق الركن محمد علي المقدشي
الفريق الركن محمد علي المقدشي

استغرق وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محمد علي المقدشي 4 أشهر قبل أن يكسر حاجز الصمت ويقبل إجراء أول حوار معه. المنصب ليس جديداً على الفريق لأنه كان يشغله بالتكليف، وسبق له أن أسهم في بناء أولى لبنات الجيش الوطني اليمني عندما كان رئيساً للأركان.
ولأنه شخصية يدور حولها كثير من المهمات، فإن الحديث معه لم يكن سهلاً، تماماً مثلما يصف جبهة نهم الواقعة شرق صنعاء. كان الفريق دقيقاً وفي الوقت نفسه بسيطاً غير متكلف.
في ذات مساء من مساءات شهر مارس (آذار) وطقسه المتقلب في الرياض، أنهى المقدشي صلاة العشاء في منزله، وكان يرتدي ثوباً كحلي اللون، ويحرص على أن يتناول ضيفه قهوته وأن يتناول قليلاً من المكسرات والزبيب، وأن يشرب قدراً وافراً من الماء، ثم يبدأ حديثه.
لغة الجسد وتبادل المزاح الرصين كان لافتاً في لقاء الوزير، وغزارة المعلومات التي ذكرها، دفعت إلى ضرورة إعادة التأكد من الأجوبة ومراجعتها مع فريق الوزير، الذي أسهب كثيراً ليضع النقاط على الحروف، لا سيما أن الحرب التي بدأها الحوثيون بانقلابهم في سبتمبر (أيلول) 2014 مستمرة، وعلى وزير الدفاع اليمني أن يشرح ويوضح للقارئ اليمني والخليجي والعربي ماذا يدور هناك بالتحديد. وفيما يلي نص الحوار...

> معالي الوزير؛ ما الذي يحدث بالضبط في جبهة نهم، فقوات الجيش اليمني على بعد 50 كيلومتراً من صنعاء، لماذا لا تتحرك هذه الجبهة؟ هل لطبيعة التضاريس دور في بطء حركتها؟ أم أن هناك «فيتو» غير معلن يمنع التقدم في هذه الجبهة كما يشاع لدى بعض المراقبين في الشارع اليمني؟
- إن معركة نهم ليست بالسهولة التي يتوقعها القارئ والمتابع بمجرد مشاهدته خريطة جغرافية على الورق، إذ إن الطبيعة الجغرافية على الأرض تمثل تحدياً كبيراً لقوات الجيش اليمني، إضافة إلى كونها أرضاً مفتوحة على مساحة عرضية تقدر بـ80 كيلومتراً من ميمنة الجبهة التحاماً بمحافظة الجوف إلى قلب الجبهة في سلسلة جبال بران، وصولاً إلى جبال بحرة، وهذه الطبيعة الجغرافية الشاسعة قد زرعها العدو بعشرات الآلاف من الألغام الفردية ومضادات الدروع ولا يوجد سوى طريق واحدة معبدة في كل هذه المساحة، والجبهة أصلاً لم تهدأ يوماً واحداً وكل يوم يتم فيه استنزاف للعدو الذي لا يجب أن ننسى أنه تمكن من نهب كل مقدرات الدولة اليمنية العسكرية التي ظلت الجمهورية تخزنها في معسكراتها طوال 58 عاماً، وأكثر هذا التخزين كان مركزياً في العاصمة صنعاء إضافة إلى الدعم المالي العسكري واللوجيستي لقوى الإرهاب المحلية المتمثلة في المهربين الرئيسيين الذين كانوا وما زالوا يمدون الميليشيات بالسلاح والعتاد عبر دول معروفة مثل إيران، ولذا فإن جبهة نهم تمثل خياراً استراتيجياً للمعركة برمتها التي يوجه الحوثيون فيها كل قدراتهم لأنها تشكل الخطر الأكبر عليهم، فبمجرد دخول العاصمة صنعاء واستعادتها إلى حضن الشرعية سوف يسقط الانقلاب على الفور والميليشيا تدرك هذا الأمر، وعلى العموم نحن بصدد إعداد مفاجآت مقبلة ومبشرة للشعب اليمني الصامد والصابر إن شاء الله بتعاون الإخوة الأعزاء في التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية التي تعتبر قائدة التحالف، وكلنا نعمل في إطار التحالف بما في ذلك مسائل اتخاذ القرار.
> يتداول مراقبون وجود ما يربو على 100 ألف جندي في جبهة مأرب تم إعدادهم بعد الانقلاب الحوثي، لكن ومع ذلك لا تزال مأرب في غير مأمن، إذ لا تزال صواريخ الحوثي (بما فيها قذائف الكاتيوشا) تهدد المدينة، ما العائق حتى الآن دون تحرير صرواح وخنق صنعاء على الميليشيات الحوثية من الجهة الجنوبية الشرقية؟
- أولاً الرقم غير دقيق، وكان التجميع المركزي للجيش في مأرب، حيث تمت عملية التحشيد والتعبئة في مأرب لـ3 مناطق عسكرية ومنها توزيع الجيش على كثير من المحاور ومنها على الحدود السيادية وحماية المنشآت النفطية والهيئات الحكومية التي تنتشر في 6 محافظات؛ وهي المهرة وحضرموت وشبوة ومأرب وصنعاء والجوف، إضافة إلى حرس الحدود، أما بالنسبة لمعركة صرواح فإنها معركة محسومة بإذن الله تعالى، ولدينا في وزارة الدفاع مخططات عسكرية حاسمة لنيل النصر وهزيمة الميليشيا وأتباعها، ولا ننسى أن العدو لا يزال يستخدم حروب العصابات، ومنها أعمال التسلل إلى أماكن معينة وبعربات بدائية مماثلة لحروب حزب الله في لبنان، حيث يقومون بالضرب العشوائي على المناطق الآهلة بالسكان ثم يفرون بعدها، والجيش بالطبع يرد في الفور على مصادر النيران للقضاء على أماكن الإطلاق وملاحقة فلول هذه العصابة الإجرامية، ومثل هذه الأعمال الإرهابية تحدث بالطبع لأننا لا نواجه جيشاً نظامياً، بل مجموعة من الإرهابيين المنقلبين والمدعومين من جماعة الحوثي الانقلابية.
> يردد بعض اليمنيين أسئلة من قبيل أن هناك كثيراً من الألوية القتالية المرابطة في حضرموت وفي المهرة وفي عدن، وحتى الآن لم يستفد منها في المعارك الدائرة مع الميليشيات الحوثية، ما تفسيركم؟
- بالعكس هناك وحدات قتالية مشاركة في معارك الساحل الغربي وتعمل على تكبيد الميليشيا خسائر فادحة كل يوم، إضافة إلى أنها تشارك في معارك صعدة وحرض وميدي وجزء منها موجود أيضاً في محور نهم. الجيش اليمني استطاع خلال مرحلة وجيزة إعادة بنائه والتصدي للعدو، كما أن تلك القوات أيضاً لديها مهام أخرى في محافظاتها وتعمل على التصدي لأي تحركات أو تمديدات إرهابية أخرى وكذلك حرس الحدود، وتقوم بحماية الحدود بين المملكة واليمن، وكذلك مع سلطنة عمان، وكذلك هناك قواعد جوية وخفر سواحل، لأن بعض الناس يظن أن كل الجنود لا بد أن يكونوا في الجبهة ونسوا أن هناك مهمات أخرى.
> تنقلتم في أكثر من موقع قيادي منذ الانقلاب، كيف تقيمون ميزان القوة العسكرية الآن بين من هو في صف الشرعية ومن هو في صف الميليشيا الحوثية؟
- بالطبع يجب أن نكون واضحين؛ إن ميزان القوة العسكرية في صالح القوات الحكومية، وذلك بفضل الله تعالى وتوفيقه وبدعم وإسناد التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تسيطر قوات الجيش اليمني على كثير من المناطق ولا تستطيع قوى الإرهاب الحوثية استعادتها رغم ما توفر لها من دعم وإمكانات وأسلحة وعتاد، وذلك لأن عقيدتهم القتالية باطلة وقائمة على العنصرية العرقية البائدة، وبالتالي فإن كل السيطرة العسكرية الحكومية تتقدم بثبات وبخطوات واثقة نحو النصر الكامل والشامل، مع العلم أنه عندما تم تعييني رئيساً للأركان وخروجي لمنطقة العبر مع مجموعة قليلة من الضباط تواصلنا مع قادة عسكريين وقمنا بتجميع قوة عسكرية هي النواة الأولى للجيش الوطني، وخلال بضعة أسابيع استطعنا تكوين قوة من 18 ألف فرد قمنا بتدريبها وتجهيزها خلال 3 أشهر حتى وصلنا بهذه القوة إلى مشارف العاصمة صنعاء وتحرير أكثر من 80 في المائة بمحافظة الجوف التي تعتبر أكبر جبهة قتالية جغرافياً، وكذلك معظم مناطق محافظة شبوة، وكل هذا خلال فترة وجيزة لا تتجاوز 4 أشهر.
أستطيع القول اليوم إن القوات الشرعية ومن هم بصفها من ضباط وقادة عسكريين سواء من الموجودين في المناطق المحررة أو ممن لا يزالون في المناطق التي تحت سيطرة الانقلابيين وهم في منازلهم أكثر بكثير ممن هم في صف ميليشيات الحوثي.
> لا تزال جبهات كثيرة في إطار المنطقة العسكرية السادسة توصف بأنها راكدة إلى حد ما، هل صحيح ما يقال إن هناك صراع إرادات بين القيادات في هذه المنطقة هو الباعث خلف عدم استكمال تحرير محافظة الجوف والتقدم صوب عمران؟
- لا وجود لنزاع إدارات أو إرادات داخل المنطقة العسكرية السادسة، ولا يجب أن تكون مصادر المعلومة مبنية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إنها اجتهادات لا مسؤولة وانفعالية، أقول لك جازماً إن المنطقة العسكرية السادسة في الجوف متحركة بطبيعتها الجيوعسكرية وتسيطر على مواقع مهمة بين مرحلة وأخرى حسب طبيعة الاستعدادات العسكرية، ومن المهم أن تعلموا أننا لا نخاطر بجنودنا وأبنائنا إلى أتون معارك غير مدروسة كما يفعل العدو الذي يلقي بعناصره الضالة إلى التهلكة ومحارق المواجهات ويزج بالأطفال في مواجهات مع جيش نظامي محترف ومدرب تدريباً عالياً، ولهذا فإن جميع الخطط العسكرية في كل المناطق لا تتحرك إلا وفق خطط علمية وعسكرية مدروسة والمنطقة السادسة كل يوم تحقق انتصارات.
> جبهة دمت تفتقد المساندة من قبل الشرعية وتعاني من تقصير من قبل المنطقة العسكرية الرابعة في عدن، ما مدى صحة هذه الكلام؟
- غير دقيق، وكما أسلفت لا يجب الاستناد إلى أقوال غير صحيحة، وإذا كان قائد محور إب بذاته هو من يقود المعركة، فكيف يمكن تفسير أقوال البعض الذين نعذرهم لعدم معرفتهم بطبيعة المعركة، ولكن لا أخفيك القول إنها لم تحظَ بالدعم الكافي نظراً لكبر الجبهة وقلة الإمكانات.
> مع تعيينكم في منصب وزير الدفاع بعد أن كنتم القائمين فعلياً في المنصب في السنوات الأربع الماضية، ما الذي تحمله أجندة وزارة الدفاع اليمنية بعد أن توليتم المنصب رسمياً؟
- نعمل على استكمال خططنا في استعادة بناء القوات المسلحة لتكون هي الضمان الحقيقي لاستقرار الدولة واستعادة هيبتها والقضاء على أوكار التمرد والإرهاب، بحيث يكون الجيش اليمني قوياً موحداً متماسكاً، لا نهتم بالكم ولكن بالكيف، بحيث لا يكون مصدر تهديد للجيران الذين تم ترسيم الحدود معهم، وإنما يكون عاملاً مساعداً لاستقرار اليمن والمنطقة.
وخلال الأيام القليلة الماضية، دشنت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة العام التدريبي الجديد 2019، ومن برنامجنا أيضاً إنشاء معاهد وكليات عسكرية بما يتناسب مع اليمن الاتحادي الجديد، وقد بدأ التنفيذ من العاصمة المؤقتة عدن بافتتاح كلية عسكرية جديدة، وهذه الخطوات الملموسة تأتي في ظل تحديات كبيرة على الأرض، فنحن نقاتل الميليشيات ونوسع انتصاراتنا ونثبت تقدمنا ونعمل بوتيرة عالية في تحسين وتطوير الأداء في مختلف الهيئات العامة والدوائر والمناطق والوحدات، بحيث يكون جيش يقاتل وجيش يتدرب.
> بصفتكم العسكرية وخبرتكم الميدانية، هل تعتقدون أن الميليشيات الحوثية لديها الرغبة في التوصل إلى سلام حقيقي؟
- السلام مطلب رئيسي لكل اليمنيين، وهو ما يسعى إليه اليمنيون بقيادة فخامة الأخ المشير الركن عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، ونحن نلتزم بتوجيهات القيادة السياسية، ولكن من خلال التجارب السابقة فإن الحوثيين لم يلتزموا بأي عهد أو اتفاق قطعوه سابقاً أو حالياً.
> هل هناك رقم عن عدد قوات الجيش اليمني بحسب الكشوفات الرسمية لديكم؟
- هذه معلومات خاصة بالجيش ولا يمكن الإفصاح عنها.
> يطرح كثير من المنتقدين للجيش الوطني أن هناك كثيراً من الاختلالات والأسماء الوهمية الموجودة في كشوفات الرواتب، ما مدى صحة هذه الانتقادات؟ وهل لديكم خطة معينة نحو الإصلاحات في هذا الباب؟ نأمل أن تحيطوا القارئ الكريم بتطلعاتكم في هذا الصدد...
- للعلم فإن أي بداية تكون فيها مشكلات كثيرة، ونحن بدأنا من الصفر وكان هناك فعلاً بعض الازدواج ولكن تقريباً تم حل معظمها بما يصل إلى نسبة 90 في المائة، ونحن في إطار استكمال ما تبقى وذلك عن طريق البصمة بالتعاون مع الأشقاء في المملكة.
> يراهن كثير من المراقبين على نجاح قوات الجيش في تحرير محافظة البيضاء من قبضة الميليشيات الحوثية باعتبار أن الميليشيات تفتقد للحاضنة الشعبية في هذه المحافظة، لكن منذ أشهر ما زلنا نسمع عن ثبات المعارك في مناطق فضحة والملاجم، كما لا تزال معارك الكر والفر في جبهة قانية على ما هي عليه منذ أشهر، هل من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة عمليات حاسمة في محور البيضاء؟
- الحقيقة أن جبهة البيضاء فتحت منذ وقت قريب، وإن شاء الله نعمل مع التحالف لخطط جديدة للمحافظة وغيرها بما يقلب الموازين، والحوثي ليست لديه حاضنة شعبية، سواءً في محافظة البيضاء أو المحافظات الأخرى بما فيها محافظة صعدة، ولكن توليه على رأس السلطة واستيلاءه على الدولة بما فيها وزارة الدفاع كل ذلك جعله يقاتل بإمكانات الحكومة اليمنية.
> فرضت الميليشيات الحوثية على اليمنيين معركة وجودية، هل لكم أن تحدثونا عن معسكرات الاستقبال ونسبة الملتحقين بها وعن المعوقات التي تحول دون استثمار هذا السخط الشعبي في استقطاب مزيد من الجنود؟
- أنشأنا خلال المرحلة الماضية وعلى مدى 4 سنوات معسكرات استقبال في كل المحافظات المحررة، والملتحقون يتزايدون بكثافة ونحن نعمل وفق خطط التدريب على استيعابهم وتوجيههم ليكونوا سلاح الوطن والجمهورية في مواجهة الانقلاب ومموليه وداعميه، أما عن المعوقات فكما أسلفت لك كان الجانب المالي واستقرار صرف الراتب في موعده من أهم المعوقات، لكن سنتجاوزه بإذن الله ثم بفضل توجيهات القيادة السياسية وتعاون أشقائنا في دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، دون ذلك لا يوجد أي معوقات، فالعنصر البشري لدى الجيش صار قادراً على مواجهة أي أخطار ممكنة وعاقداً الإرادة والتصميم نحو تحرير كل الأراضي اليمنية بالقوة وانتزاع النصر وهزيمة الإرهاب الميليشاوي الحوثي والعناصر الإرهابية الأخرى الرديفة له والمناصرين لهم.
> هناك إجماع دولي يعترف بالشرعية في اليمن، نريد أن تحدثنا في هذا المقام عن حجم الدعم الدولي للجيش الوطني اليمني إن وجد باستثناء الدعم المقدم من الدول الداعمة للشرعية...
- الدعم الدولي يأتي عبر قنوات الحكومة اليمنية والتحالف، ونحن نستقبل على الدوام تقارير مشجعة من الملحقيات العسكرية في سفارتنا بالخارج تؤكد الدعم الدولي المطلق للدولة اليمنية برئاسة المشير الركن عبد ربه منصور هادي ونائبه الفريق الركن علي محسن صالح وكذلك الحكومة، وحقيقة الأمر هناك بعض الدعم المحدود في مجال مكافحة الإرهاب وخفر السواحل، أما بالنسبة للدعم فنحن نعتمد بعد الله على قوة التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية.
> هل لكم في قيادة الجيش الوطني أي اتصالات بالقيادات العسكرية السابقة في الجيش التي ما زالت في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية؟ وهل تتوقعون أن تلعب هذه القيادات أدواراً معينة لمصلحة الشرعية وإنهاء الانقلاب الحوثي؟
- نعم... وبكل تأكيد، لأن الذي عرف الانضمام والانخراط في السلك العسكري يعي جيداً حجم وعظمة مؤسسة الجيش وتواصلنا مع القيادات الوطنية في الجيش السابق مستمر، وهم على تفاعل مستمر معنا وقد انضم كثير منهم إلى صفوف الجيش الوطني وعملنا معاً على إعادة بناء الجيش وفق أسس وطنية، وما يتعرض له من تبقى من القادة العسكريين في مناطق سيطرة الميليشيات الإرهابية العنصرية من امتهان يجعلهم فقط في حالة تأهب واستعداد دائم للانقضاض على هذه الميليشيات في لحظة حاسمة سوف تأتي قريباً، فمن المستحيل أن يتقبل ضابط عسكري تخرج من الكليات العسكرية تلقي توجيهات من مجموعة من العصابات والمشرفين الذين ارتدوا زي الجيش وهم عناصر غير وطنية أو مؤهلة، فكما تعرف أن قيادات الميليشيا التي تحاول الظهور برداء عسكري ليسوا من مؤسسة الجيش ولا ينتمون إليه، وهم مجرد عناصر مأجورة قاتلة وخائنة سوف تطبق عليهم الأحكام وقوانين اللائحة الداخلية لوزارة الدفاع مهما طال الزمن أو قصر. وبالمناسبة أود التطرق إلى نقطة مهمة للغاية يجهلها الكثير حول قيادات الجيش الوطني الذين يترأسون المناصب الرئيسية في الجيش الوطني؛ إنهم يعتبرون من أبناء المؤسسة العسكرية التي كانت في حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح وهم خريجو كليات وأكاديميات عسكرية وتولوا مناصب قيادية كثيرة ولهم تاريخ عسكري قديم.
بعكس ميليشيات الحوثي التي قامت بتعيين أناس أتت بهم من خارج المؤسسة العسكرية بعضهم كانوا يبيعون شجر القات وقامت بتعيينهم في مناصب عسكرية وهمية، سواءً قادة مناطق أو رؤساء دوائر وقادة ألوية، وهم في الحقيقة مجموعات إرهابية ليست لها صلة بالدين أو الوطنية أو العروبة، بل مجموعة أجراء لدى إيران وينفذون مطامعها وأهواءها التي فشلت في اليمن المنتمي إلى عروبته ومجده وحضارته وهويته.


مقالات ذات صلة

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)
خاص باتريك سيمونيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تصوير: صالح الغنام)

خاص الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تساهل مع الحوثيين... وهدفنا عودة اليمنيين للمفاوضات

تؤكد بروكسل أنها لا تتساهل مع الحوثيين، وكل جهودها تنصب لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات وتطبيق خريطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الرئيس رشاد العليمي يستقبل الوزير البريطاني في عدن (سبأ)

وزير بريطاني: شراكتنا مع اليمن «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم

وصف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر الشراكة مع اليمن بأنها «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.