محامو الجزائر ينضمون إلى الحراك للمطالبة برحيل بوتفليقة

استمرار نشاط وزراء أويحيى بسبب صعوبة تشكيل حكومة جديدة

جانب من احتجاجات المحامين وسط العاصمة الجزائرية أمس للمطالبة برحيل النظام (إ.ب.أ)
جانب من احتجاجات المحامين وسط العاصمة الجزائرية أمس للمطالبة برحيل النظام (إ.ب.أ)
TT

محامو الجزائر ينضمون إلى الحراك للمطالبة برحيل بوتفليقة

جانب من احتجاجات المحامين وسط العاصمة الجزائرية أمس للمطالبة برحيل النظام (إ.ب.أ)
جانب من احتجاجات المحامين وسط العاصمة الجزائرية أمس للمطالبة برحيل النظام (إ.ب.أ)

تظاهر، أمس، نحو ألف محامٍ بلباسهم الأسود في وسط العاصمة الجزائرية، للدعوة إلى تغيير النظام، وتنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وتزامنت هذه الاحتجاجات مع احتفال الجزائر، أمس، بـ«اليوم الوطني للمحامي»، الذي يخلّد ذكرى اغتيال المحامي علي بومنجل بعد تعذيبه على يد الاستعمار الفرنسي في 23 من مارس (آذار) 1957 خلال حرب التحرير (1954 - 1962).
ورفع المحامون الذين أتوا من عدة مناطق شعارات كُتب عليها «لا لانتهاك الدستور»، و«المحامون مع الشعب»، وهتفوا بصوت واحد «مللنا هذا النظام»، و«ارحل»، وهم يلوّحون بالأعلام الوطنية، بعد اقتحام طوق للأمن وسط العاصمة.
في غضون ذلك، قررت الرئاسة الجزائرية الإبقاء على الطاقم الحكومي المستقيل في العاشر من الشهر الجاري، لتصريف الأعمال الجارية، بعدما وجد رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي صعوبة كبيرة في تشكيل حكومة، وذلك بسبب رفض رموز من المعارضة، ومن الحراك الشعبي المعارض لاستمرار بوتفليقة في الحكم، تولي وزارات ومسؤوليات حكومية.
وقالت مصادر قريبة من الحكومة إن بدوي اجتمع الخميس الماضي بالفريق الذي كان يقوده أحمد أويحيى، وطلب من أعضائه مواصلة العمل إلى غاية تشكيل حكومة جديدة. ونقل عن بدوي قوله إن «شؤون البلاد لا ينبغي أن تتوقف خصوصاً أن شهر رمضان على الأبواب، ولا بد من التحضير له كما تعودت الحكومة على ذلك كل سنة».
وطلب بدوي من الوزراء عدم النزول إلى الميدان، تفادياً لاستفزاز الشارع الغاضب على السلطة ورموزها. ومن الوزراء الذين يثيرون حساسية كبيرة لدى جل الجزائريين، وزيرة التعليم نورية بن غبريت، المتهمة بـ«علمنة وتغريب المدرسة الجزائرية»، ووزير التعليم العالي الطاهر حجار، الذي قرر في بداية الحراك تسبيق عطلة الطلبة لوقف حركات الاحتجاج ضد النظام داخل الجامعات، ووزير العدل طيب لوح، الشديد الولاء للرئيس، والذي عاقب قضاة بسبب مشاركتهم في مظاهرات في الشارع ضد السلطة. زيادةً على وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، الذي فرض على مئات الأئمة خطب جمعة مضادة لمطلب رحيل بوتفليقة عن الحكم.
واللافت أن مواكب الوزراء الطويلة، التي تنطلق بسرعة صباحاً من منتجع «نادي الصنوبر» بالعاصمة، حيث يقيم غالبية المسؤولين المدنيين والعسكريين، اختفت عن أنظار سكان المدينة. وشوهد عدة وزراء يلتحقون بمكاتبهم من غير التدابير التي تواكب عادةً أنشطتهم وتنقلاتهم. وقد غاب وزير الشباب والرياضة محمد حطاب، عن مقابلة كرة القدم التي جمعت منتخب الجزائر بنظيره الغامبي، أول من أمس. وكان مشجعو الفريق عازمون على إبلاغه مطالب الحراك بـ«الرحيل جميعاً وفوراً». لكن رغم غيابه فقد رددوا الأغاني المألوفة عن بوتفليقة ورجاله.
وفي ظل استقالة حكومة أويحيى، يُمنع على الوزراء اتخاذ القرارات المهمة، كالإنفاق على مشاريع، أو إجراء تعيينات في مناصب، أو إقالة مسؤولين حكوميين. لكن رغم ذلك، ذكر «نادي القضاة»، وهو نقابة مهمة، أن الوزير لوح أحال 80 قاضياً إلى مجلس التأديب، بعد أن رفضوا محاكمة ناشطين بالحراك، تم اعتقالهم بتهمة «التجمهر غير المرخص».
وحول هذا الموضوع، وجه الناشط السياسي والمحامي المعروف مقران آيت العربي، «نداء» إلى القضاة، جاء فيه «إن ما تقومون به اليوم عمل تاريخي لا مثيل له في تاريخ الجزائر المستقلة. لقد عبرتم عن رفضكم الإشراف على الانتخابات في حالة ترشيح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة. وقررتم خلال مظاهرتكم أمام محكمة الجزائر رفض التعليمات الفوقية، وناديتم بتطبيق القانون في صالح وضد الجميع دون أي تمييز».
وذكر آيت العربي، الذي كان مدير حملة المرشح الرئاسي اللواء المتقاعد علي غديري، أن «معظم زملائكم القضاة كانوا يطبقون التعليمات الوزارية باسم الشعب، دفاعاً عن السلطة، وخوفاً من بطشها لأنكم كنتم وحيدين. وقد قررتم اليوم تطبيق القانون باسم الشعب خدمةً للشعب. وهذه القرارات تشرفكم، وستسجَّل بحروف من ذهب في الصفحات التاريخية التي تفتخر بها الجزائر».
وبخصوص الجدل الذي يثيره فراغ الدستور، في حال تمديد الرئيس ولايته، كما هو جارٍ حالياً، تساءل المحامي والناشط في الحراك عبد الرحمن صالح: «هل يستطيع الدستور الحالي توجيه وتأطير المرحلة الحالية والانتقالية؟ ليس من مهمة الدساتير عادةً توقُّع حالات انتقالية للحكم، باسثتناء ما تعلق بشغور منصب الرئيس، وحتى في هذه الحالة فالدساتير لا تهتم إلا بحالة الشغور نتيجة لاستقالة الرئيس، أو العجز بسبب المرض أو الوفاة. وبعض الدساتير حاولت تلافي فراغ دستوري عن طريق استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، وبعضها لم يكتفِ بذلك، بل نص على نائبين أو ثلاثة للرئيس، مع صلاحيات محدودة في الغالب. وفيما يخص الدستور الجزائري لسنة 2016، فزيادةً على القصور في هذا الجانب، يضاف إليه تلاعب بوتفليقة المستمر به من خلال التشريع بمراسيم رئاسية للالتفاف عليه.
ويمكن القول إن هذه الممارسات عطّلت الدستور بشكل كامل، لدرجة أنه خرج عن مساره السيادي ليصبح غير قابل للتطبيق».
وأضاف المحامي أنه بعد تدخل الجيش لإلغاء نتائج انتخابات البرلمان، التي فاز بها الإسلاميون عام 1991، «تم خرق الدستور بتعمد اتخاذ إجراءات للوصول إلى حالة حكم غير دستورية، ولا ينظمها أي تشريع. وخلال تلك الفترة، سلم المجلس الدستوري السلطة للمجلس الأعلى للأمن، الذي قام بتشكيل المجلس الأعلى للدولة، برئاسة المرحوم محمد بوضياف، الذي أوكلت إليه صلاحيات رئيس الدولة. والجميع يعرف ما حدث فيها بعد»، في إشارة إلى اغتيال بوضياف في صيف 1992، عندما كان يلقي خطاباً بشرق البلاد.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».