وزير الخارجية الأميركي يحرج باسيل بهجومه العنيف على «حزب الله»

TT

وزير الخارجية الأميركي يحرج باسيل بهجومه العنيف على «حزب الله»

أحرج وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو نظيره اللبناني جبران باسيل بهجومه غير المسبوق على «حزب الله» خلال المؤتمر الصحافي المشترك في وزارة الخارجية. واستعمل بومبيو عبارات من خارج اللغة الدبلوماسية وقريبة من الخطابات السياسية، وتضمّن بعضها تهديدا مبطنا للحكومة اللبنانية.
وتجنّب بومبيو الإدلاء بتصريح في القصر الجمهوري وعين التينة (مقر الرئيس نبيه بري) وفي السراي الحكومي. وعقد مؤتمرا صحافيا مع باسيل نسف فيه الاجتهاد الذي صاغه رئيس «التيار الوطني الحر» لإثبات «لبنانية (حزب الله)» وأنه مكّون من لبنانيين حملوا السلاح لتحرير الأرض المحتلة من إسرائيل، وهي لا تزال كذلك في أجزاء قليلة منها. وخلص اجتهاد باسيل إلى أن «الحزب ليس إرهابيا كما تعتبره بعض الدول»، من دون ذكر أميركا بالاسم.
وما لفت نظر باسيل والدبلوماسيين اللبنانيين والصحافيين اللهجة التي استعملها الوزير بومبيو في إطلاق التهديدات ضد الحزب، عندما قال إن «(حزب الله) يقف عائقا أمام أحلام الشعب اللبناني لـ34 عاماً»، ووضعه في «خطر بسبب قراراته الأحادية غير الخاضعة للمحاسبة المتعلقة بالحرب والسلام والحياة والموت سواء من خلال وعوده السياسية أو من ترهيبه المباشر للناخبين». وسأل: «كيف يمكن لصرف الموارد وإهدار أرواح البشر في اليمن والعراق وسوريا أن يساعدا مواطني جنوب لبنان أو بيروت أو البقاع؟».
أما الجديد الذي كشف عنه بومبيو فهو أن بلاده قررت «الضغط غير المسبوق على إيران حتى توقف سلوكها، بما في ذلك الحزب ونشاطاته ووقف تخزين الصواريخ وتعطيل شبكات تهريب المخدرات الإيرانية ومحاولات تبييض الأموال».
واستغربت جهات دبلوماسية في بيروت تصريحات بومبيو، لا سيما دعوته من يعارض إيران والحزب للوقوف في وجههما في لبنان. ولاحظت أن وزير خارجية أميركا أمضى يومين كاملين أجرى خلالهما اجتماعات رسمية، إلى جانب لقاءاته التي وصفت بأنها إدارية، منها ما هو عسكري وإداري وأخرى مع رجال دين.
إلا أن الجانب الإيجابي في محادثات بومبيو في لبنان فهو تأكيده وحدة الشعب والاستقرار، وأن واشنطن لا تزال تمول برامج للنازحين السوريين في لبنان، ومساعدته على ترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل بالتعاون مع الأمم المتحدة لإقناع إسرائيل بالحفاظ على الثروة النفطية وعلى آبار الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة حتى لو بدأت إسرائيل التنقيب قبل لبنان.
واختصر مسؤول لبناني شارك في المحادثات مع بومبيو، أجواءها، بالقول إن الإيجابيات تطغى على السلبيات لأن الوزير الأميركي يعلم أن معالجة الملف العسكري للحزب تتجاوز المسؤولين اللبنانيين، وأن الجهة الوحيدة القادرة على تحقيق ذلك هي إيران التي يشكل الحزب جزءا من استراتيجيتها في الإقليم.
وظهرت ردود فعل من مسؤولي «حزب الله» ونواب «حركة أمل» رفضت وانتقدت هجوم بومبيو على الحزب. واللافت أيضا أن ما سمي الخطأ البروتوكولي مع بومبيو أثناء وصوله ومغادرته القصر الجمهوري، حرصت دوائر القصر على نفيه. وأكد مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أنه «قد طبقت كل المراسم المعتمدة في استقبال وزير الخارجية الأميركية، ولم يحصل أي تأخير للقائه مع رئيس الجمهورية»، وأشار إلى أنه «وفقا للأصول البروتوكولية صافح الرئيس الوزير الضيف والسفيرة الأميركية في بيروت التي رافقته. وبعد انتهاء اللقاء، صافح سائر أعضاء الوفد الأميركي المرافق للوزير بومبيو، كما هي العادة مع جميع الوفود الرسمية».
ولفت إلى أن «توقيع سجل الشرف في القصر الجمهوري يعود لرغبة الضيف، وقد تم تجهيز السجل عند مدخل القاعة وفقا للأصول، لكن امتداد اللقاء إلى أطول من الوقت الذي كان مخصصا له، ونظرا لارتباط الوزير بومبيو بموعد تأخر عنه نحو ثلاثين دقيقة، فقد غادر القصر من دون التوقيع على السجل».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.