عون: العلاقات مع سوريا مطبّعة وسنشارك في إعادة إعمارها

اتهم المجتمع الدولي بأخذ النازح رهينة «ليقبض ثمنه»

الرئيس ميشال عون خلال حواره مع مراسلي وسائل الإعلام الروسية (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال حواره مع مراسلي وسائل الإعلام الروسية (دالاتي ونهرا)
TT

عون: العلاقات مع سوريا مطبّعة وسنشارك في إعادة إعمارها

الرئيس ميشال عون خلال حواره مع مراسلي وسائل الإعلام الروسية (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال حواره مع مراسلي وسائل الإعلام الروسية (دالاتي ونهرا)

قال رئيس الجمهورية ميشال عون عشية زيارته إلى روسيا في 25 و26 مارس (آذار) الحالي، حيث سيلتقي نظيره فلاديمير بوتين، إن «العلاقات مع روسيا تاريخية ونسعى لتطويرها على مختلف الأصعدة»، معتبرا أن المجتمع الدولي يسعى لأخذ النازح رهينة ليقبض ثمنه في الحل السياسي، وأكد أن العلاقات مع سوريا «مطبعة» ولبنان يريد المشاركة في إعادة إعمارها.
وجاءت مواقف عون في حوار أجراه مع مراسلي وسائل الإعلام الروسية في القصر الرئاسي.
وقال حول ملف النازحين، إن «لبنان يأخذ علما بالشروط الدولية لكنه سيتصرف وفق ما تمليه عليه مصلحته العليا، فالمجتمع الدولي لا يساعده، في حين يساعد هو السوريين على العودة بحيث بلغ عدد العائدين من لبنان 172 ألف نازح حتى اليوم»، لافتا إلى أن «المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أبلغنا أن وضع هؤلاء جيد وهم يعيشون هناك بارتياح».
وعن العلاقات مع سوريا، أكد عون أنها «مطبّعة» والعلاقة تتميز بوجود سفراء في البلدين، وهي ليست مقطوعة. وأضاف: «إذا تطلب الأمر زيارة فسيتم ذلك، أما إذا لم يتطلبها، فبإمكان السفراء والوزراء والمجلس الأعلى القائم بين البلدين البحث بالقضايا ذات الصلة».
وبينما كشف عن رغبة لبنان بالمشاركة في إعادة الأعمار في سوريا، قال إن الضغوط تمارس على الجميع لعدم المشاركة في هذه العملية في ظل ربط المجتمع الدولي الإعمار وعودة النازحين بالحل السياسي، مضيفا أن «المجتمع الدولي يسعى لأخذ النازح رهينة كي يقبض ثمنه في الحل السياسي».
واعتبر عون أن الحصار على «حزب الله» يصيب كل اللبنانيين، قائلا إن «لبنان يعيش ضمن الحصار المفروض على المنطقة، لا سيما أنه لا يستطيع العمل مع سوريا، كما أن (حزب الله) محاصر مالياً. فأصبحنا بذلك محاصرين عالمياً، لأن التأثير السلبي للحصار على (حزب الله) يصيب كل اللبنانيين، كما المصارف اللبنانية».
وعما إذا كان سيبحث في موضوع الخلاف اللبناني - الإسرائيلي حول الحدود البحرية وملفي النفط والغاز مع الرئيس بوتين وإذا كان يمكن لروسيا أن تقوم بدور الوسيط، قال الرئيس عون إنه لا شيء يمنع من ذلك، لافتا إلى أن هذا الموضوع سيتم بحثه مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو غدا (اليوم) خلال زيارته للبنان، وعلى ضوء ما يمكن أن نستنتجه نبني على الشيء مقتضاه.
وعما يتردد عن انزعاج أميركي من التقارب اللبناني - الروسي والضغوط التي تمارس لكبحه، أوضح رئيس الجمهورية أن ما يجمع لبنان وروسيا اعتراف متبادل وعلاقات تاريخية تميزت حتى في أيام الاتحاد السوفياتي السابق والتوتر بينه وبين الولايات المتحدة، بالمحافظة على التمثيل الدبلوماسي رغم محدودية العلاقات آنذاك. «إننا في لبنان لا نتأثر بالخلافات بل نقيّم الأمر على ضوء مصالحنا وصداقتنا مع الشعوب». «فلبنان بلد محايد وقد اقترحت جعله مركزا عالميا لحوار الثقافات والحضارات والأديان والإثنيات.
وليس بإمكان أحد حجبنا عن أي بلد في العالم. صحيح أننا لا نتدخل بمشاكل الآخرين ولكننا نريد المحافظة على شخصيتنا».
وسئل رئيس الجمهورية عن الهواجس اللبنانية من قبول الهبات العسكرية الروسية، فأكد أن الأسلحة التي بحوزة القوى العسكرية اللبنانية تختلف عن الأسلحة الروسية حاليا، ولبنان يقوم باستقدام التجهيزات من الولايات المتحدة، في حين يتطلب استعمال الأسلحة الروسية تغيير نظام الأسلحة المستخدم، لافتا إلى أن لبنان بحاجة إلى مصدر أسلحة، وفي المستقبل لا نعلم كيف يتطور الوضع.
وعما إذا كانت اتفاقية التعاون اللبناني مع شركة روسية نفطية تعد بداية لتعاون أوسع بين البلدين، قال الرئيس عون إن التعاون مع روسيا بدأ قبل ذلك، فهناك كونسورسيوم إيطالي فرنسي روسي، ونوفاك من ضمنه، وقد حاز بالتزام التنقيب عن النفط وسيبدأ العمل في العام الحالي.
وفي موضوع الكهرباء والاستعانة بالخبرات الروسية، أوضح عون أن النظام اللبناني حر، ويجب طرح أي التزام على المناقصات، لافتا إلى أنه لا شيء يمنع أن تتقدم روسيا إلى مناقصات فتحصل على الالتزامات إذا كانت عروضها أفضل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.