«توجس» البنوك المركزية يحبط الأسواق

«الفيدرالي» لن يرفع الفائدة هذا العام... و«البريطاني» يترقب «بريكست»

«الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي)
«الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي)
TT

«توجس» البنوك المركزية يحبط الأسواق

«الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي)
«الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي)

رغم أن قرارات كل من مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) ونظيره البريطاني بنك إنجلترا، بتثبيت معدل الفائدة لكليهما في ختام اجتماعيهما للشهر الحالي كانت متوقعة على نطاق واسع... فإن التوجهات المستقبلية لكلا البنكين، ورؤيتهما المتشائمة التي تظهر قلقاً واسعاً حيال الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، أصابت الأسواق بالإحباط.
وفي ختام اجتماعه مساء الأربعاء، أبقى «الفيدرالي» على أسعار الفائدة من دون تغيير، ونبذ صانعو السياسة النقدية توقعات لمزيد من زيادات الفائدة هذا العام، مع تحذير البنك المركزي الأميركي من تباطؤ متوقع في اقتصاد الولايات المتحدة. وفي تغيير رئيسي لنظرته، يتوقع «الفيدرالي» الآن أيضاً رفع تكاليف الاقتراض مرة واحدة فقط حتى عام 2021، ولم يعد يتوقع الحاجة إلى درء التضخم من خلال سياسة نقدية متشددة.
كما خفض البنك توقعاته للناتج المحلي الإجمالي إلى 2.1 في المائة في عام 2019، مقابل توقعات سابقة عند 2.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. قال رئيس الفيدرالي جيروم باول: إن الاقتصاد الأميركي في وضع جيد، وإن سوق العمل قوية للغاية، إلا أن الاقتصادات الصينية والأوروبية التي تباطأت بشكل كبير تقف رادعاً ضد النمو في الولايات المتحدة.
وبعد اجتماع استمر يومين للجنته للسياسة النقدية، قال المجلس أيضاً، إنه سيبطئ الخفض الشهري لحيازاته من سندات الخزانة من نحو 30 مليار دولار، إلى ما يصل إلى 15 مليار دولار اعتباراً من مايو (أيار) المقبل. وأضاف، إنه سينهي خفض ميزانيته العمومية في سبتمبر (أيلول)، شريطة أن يتطور الاقتصاد وأوضاع سوق المال وفقاً للتوقعات.
وقال المجلس في بيان، إنه أبقى سعر الفائدة القياسي للإقراض لليلة واحدة، أو سعر فائدة الأموال الفيدرالية، في نطاق من 2.25 في المائة إلى 2.50 في المائة، وإن «نمو النشاط الاقتصادي تباطأ من وتيرته القوية في الربع الرابع»، مشيراً إلى أن «أحدث المؤشرات تشير إلى تباطؤ نمو إنفاق الأسر والاستثمار الثابت للشركات في الربع الأول... وإجمالي التضخم تراجع».
وقال باول، في المؤتمر الصحافي بعد الاجتماع: إن الاقتصاد الأميركي «في مكانة جيدة»، مشيراً إلى «الأسس الاقتصادية الأساسية القوية»، حيث معدل البطالة أقل من 4 في المائة، والتضخم أقل من 2 في المائة. وأضاف: إن النظرة المستقبلية للجنة السوق المفتوحة في المجلس «إيجابية» بالنسبة للعام الحالي، لكنه أشار إلى تباطؤ الاقتصاد منذ أواخر العام الماضي. وتابع: «ما زلنا نتوقع استمرار نمو الاقتصاد الأميركي بوتيرة جيدة خلال 2019 رغم التباطؤ المحتمل مقارنة بالنمو القوي في 2018»، مشيراً إلى أن «أياً من البيانات الاقتصادية الصادرة لا تشير إلى احتمال اتجاه المجلس نحو زيادة أسعار الفائدة».
وبدوره، قرر بنك إنجلترا، أمس، تثبيت معدل الفائدة عند مستوياتها نفسها البالغة 0.75 في المائة، والإبقاء على مشترياته من السندات بالوتيرة نفسها، في خطوة وافقت توقعات المحللين. وصوّت جميع أعضاء البنك التسعة بالكامل لصالح تثبيت معدل الفائدة.
وكشف بيان السياسة النقدية للبنك، أمس، عن أنه قرر الاستمرار في مشتريات السندات الحكومية وديون الشركات عند مستويات 435 ملياراً، و10 مليارات جنيه إسترليني على الترتيب. وأوضح البيان، أن توقعات الاقتصاد ستستمر في اعتمادها بشكل كبير على طبيعة وتوقيت الخروج من الاتحاد الأوروبي، والاتفاقيات التجارية الجديدة بين الاتحاد وبريطانيا. كما توقع «المركزي» البريطاني أن يبقى معدل التضخم في المملكة المتحدة عند مستويات قريبة من 2 في المائة على مدار الأشهر المقبلة.
لكن البنك أظهر قلقاً بالغاً، حين حذر من أن حالة عدم اليقين بشأن «بريكست» كانت أكبر من أن تقدم دليلاً بشأن التوقعات الاقتصادية؛ ما تسبب في بقائه في وضع «الانتظار والترقب» خلال اجتماع مارس (آذار) بشأن معدلات الفائدة. كما أظهر البيان، أن غالبية الشركات تعتقد أنها مستعدة لخروج المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي دون صفقة، وأن استثمارات الشركات يبدو أنها تتعرض إلى ضربة أخرى.
وأشار صناع السياسة في بريطانيا إلى أن حالات عدم اليقين بشأن «بريكست» تستمر كذلك في التأثير على الثقة والأنشطة الاقتصادية على المدى القصير. وبحسب البيان، فإن «قيام الشركات والأسر بعمليات التخزين استعداداً لـ«بريكست» الفوضوي قد يؤدي إلى تقديم البيانات الاقتصادية على المدى القصير إشارات أقل من المتعاد بشأن توقعات النمو الاقتصادي على المدى المتوسط».
وأدت التقارير المتوجسة لكلا البنكين إلى حالة من الإحباط في الأسواق، وفتحت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة وول ستريت على تراجع الخميس. وهبط المؤشر داو جونز الصناعي 57.23 نقطة، أو ما يعادل 0.22 في المائة، مسجلاً 25688.44 نقطة. ونزل المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 4.51 نقطة، أو 0.16 في المائة، إلى 2819.72 نقطة. وانخفض المؤشر ناسداك المجمع 23.54 نقطة، أو 0.30 في المائة، إلى 7705.43 نقطة. وفي أوروبا، انخفضت أسواق الأسهم عند الفتح، أمس، حيث طغى تأثر البنوك برسالة التيسير النقدي من مجلس الفيدرالي على أثر أي دفعة تلقتها المعنويات عموماً من تخلي «المركزي» عن رفع أسعار الفائدة مجدداً هذا العام.
وتراجع المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 0.3 في المائة، مدفوعاً بانخفاضات في باريس ومدريد وفرانكفورت، على العكس من رد الفعل القوي في الأسواق الآسيوية على بيان «المركزي» الأميركي ومؤتمره الصحافي.
وتصدّر المؤشر «داكس الألماني» التراجعات بانخفاض نسبته 0.5 في المائة متأثراً بتراجع أسهم البنوك واحداً في المائة. وكان المؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني الوحيد الذي خالف الاتجاه العام بصعوده 0.3 في المائة مع استفادة شركات التعدين من ارتفاع أسعار النحاس بفعل تراجع الدولار.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة لدعم «رؤية 2030»، التي تركز على تنويع مصادر الاقتصاد، موضحاً في الوقت ذاته أن السياحة والثقافة والرياضة تُشكِّل محركات رئيسية للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.

جاء ذلك في أعمال النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات (IMS24)، التي تنظمها الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات في الرياض خلال الفترة من 15 إلى 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمشاركة أكثر من 1000 من قادة قطاع المعارض والمؤتمرات في العالم من 73 دولة.

وأبان الخطيب في كلمته الرئيسية، أن السياحة تسهم بدور محوري في دعم الاقتصاد السعودي، بهدف الوصول إلى 150 مليون سائح بحلول 2030، ما يعزز مكانة البلاد بوصفها وجهةً عالميةً.

وافتتح رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات، فهد الرشيد، أعمال النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات، موضحاً في كلمته أن هذا القطاع بات محركاً رئيسياً للتقدم في ظل ما يشهده العالم من تحولات عميقة، وهو ما يبرز أهمية القمة بوصفها منصةً عالميةً جاءت في توقيت بالغ الأهمية لقيادة هذه المنظومة.

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد يتحدث للحضور في القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات (الشرق الأوسط)

وأشار الرشيد إلى أنَّ تطوير القطاع يأتي لتوسيع آفاق ما يمكن لصناعة الفعاليات تحقيقه، من خلال تغيير مفهوم اجتماع الناس وتواصلهم وتبادلهم للأفكار، مشيراً إلى أنَّ القمة ستمثل بداية فصل جديد في عالم الفعاليات.

وتعدّ القمة، التي تستمر على مدار 3 أيام، بمنزلة الحدث الأبرز في قطاع المعارض والمؤتمرات لهذا العام، وتضم عدداً من الشركاء المتحالفين، هم الاتحاد الدولي للمعارض (UFI)، والجمعية الدولية للاجتماعات والمؤتمرات (ICCA)، والجمعية السعودية لتجربة العميل، وهيئة الصحة العامة (وقاية)، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.

ويتضمَّن برنامج القمة عدداً من الفعاليات المكثفة، وتشمل تلك الفعاليات جلسات عامة ولقاءات حوارية، ومجموعات للابتكار، كما تشهد إعلان عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تهدف إلى تحويل صناعة الفعاليات العالمية.

وتشمل الفعاليات أيضاً اتفاقات استثمارية جديدة وشراكات تجارية، وإطلاق عدد من المشروعات التوسعية داخل السعودية؛ بهدف تعزيز دور السعودية في إعادة تشكيل مستقبل قطاع المعارض والمؤتمرات العالمي.