سلامة: الملتقى الوطني الجامع سيعقد في غدامس منتصف أبريل المقبل

مجلس الأمن يرحّب ويطالب بـ«الانخراط بحسن نية» للتوصل إلى تسوية شاملة

غسان سلامة خلال مخاطبته أعضاء مجلس الأمن أمس (الشرق الأوسط)
غسان سلامة خلال مخاطبته أعضاء مجلس الأمن أمس (الشرق الأوسط)
TT

سلامة: الملتقى الوطني الجامع سيعقد في غدامس منتصف أبريل المقبل

غسان سلامة خلال مخاطبته أعضاء مجلس الأمن أمس (الشرق الأوسط)
غسان سلامة خلال مخاطبته أعضاء مجلس الأمن أمس (الشرق الأوسط)

حسم المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، مؤخراً، الجدل بشأن المؤتمر الليبي الجامع، عبر إعلانه أمس أنه سيعقد في مدينة غدامس، الواقعة جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس في منتصف أبريل (نيسان) المقبل، بهدف وضع «خريطة طريق» لإخراج البلاد من أزمتها العميقة.
وجاء الإعلان في وقت يعتزم فيه أنصار الجيش الوطني الليبي تنظيم مظاهرات حاشدة في عدة مدن ليبية الجمعة المقبل، وذلك بالتزامن مع معلومات عن حالة قلق تسود الميلشيات المسلحة، التي تسيطر على العاصمة بقوة السلاح منذ نحو خمس سنوات.
وكشفت مصادر مطلعة عن مفاوضات سرية تجريها أطراف غربية مع قادة هذه الميلشيات بهدف إقناعها بعدم عرقلة محاولة التوصل إلى تسوية سياسية، يبدو أن البلاد متجهة إليها هذا العام، مشيرة إلى أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش، يسعى في المقابل إلى تحييد هذه الميلشيات قبل تنفيذ خطته الطموح لاجتياح العاصمة.
وتحدث مسؤول ليبي رفيع المستوى أمس لـ«الشرق الأوسط» عما وصفه بسباق مع الزمن بين هذين الاتجاهين، لافتا إلى أن ثمة ضغوطا غربية على المشير حفتر للتخلي عن دخول طرابلس عسكريا. لكن الأخير ما زال يتمسك بهذا الخيار في حال فشلت المساعي الأممية لإيجاد حل سلمي، على حد تعبيره.
ووفقا لما أعلنه سلامة في مؤتمر صحافي عقده أمس بمقره في طرابلس، فإنه سيناط بهذا الملتقى الوطني تحديد تاريخ الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي سبق أن أعلن سلامة عن إجرائها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفقا لما تم الاتفاق عليه في اجتماع أبوظبي، الذي حضره أخيراً بين المشير حفتر وفائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة.
وقال غسان: «سندعو (للملتقى) جميع الأطراف السياسية الليبية بلا استثناء»، معتبرا أنه جاء نتيجة سلسلة طويلة من المشاورات والاجتماعات التحضيرية، التي نظمت في 57 مدينة ليبية، مضيفاً أنه يأمل بأن يكون المؤتمر، الذي سيشارك في أعماله ما بين 120 إلى 150 شخصية على مدى يومين بين الرابع عشر والسادس عشر من أبريل المقبل، فرصة جديدة لاستقرار ليبيا، لافتاً إلى أن المؤتمر «سيكون ملتقى لليبيين، ولن يكون بديلاً عن الأجسام القائمة؛ بل وسيلة للضغط عليها للسير بالبلاد نحو خيار الانتخابات»، الذي رأى أنه خيار الغالبية الصامتة من الشعب الليبي.
وأضاف سلامة أن «أكثر من 85 في المائة من الليبيين، وهم الغالبية الصامتة، يريدون الانتخابات، وهذا ما أثبتته لنا كل استطلاعات الرأي... لذلك علينا احترام رغبتهم... ونحن نقوم أيضا بمساعدة المفوضية العليا للانتخابات».
مبرزا أنه يعتزم أن يطلب من المؤتمر الجامع تحديد تاريخ إجراء الانتخابات، والطريقة التي سوف تتم بها، ومشيرا إلى أنه «ستكون هناك مهلة زمنية أمام مجالس الرئاسي والنواب والدولة لتنفيذ مخرجات هذا المؤتمر، وإذا لم تنفذ هذه الأجسام المطلوب منها فسنبحث عن بديل لها». وفي هذا السياق كشف سلامة النقاب عن أنه سيتقدم إلى الملتقى بمقترحين أو ثلاثة اقتراحات، لم يحددها. لكنه قال إن دور المجتمع الدولي سيقتصر على دعمها وتأييدها «لأنها ستمثل رأي الليبيين»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، اعتبر سلامة أن المؤتمر الجامع «سيكون ملتقى، وليس بديلاً عن الأجسام القائمة لأن هناك ما يكفي منها وأكثر من اللازم»، مؤكدا أن تعطيل المسار التشريعي، خاصة الانتخابات «ليس من مصلحة أحد لأن غالبية الليبيين تؤكد رغبتها في إجرائها كخيار لخروج البلاد من أزمتها».
رحّب مجلس الأمن بإعلان المبعوث الخاص إلى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم (أنسميل)، غسان سلامة، أن المؤتمر الوطني العام للأطراف المختلفة سيُعقد من 14 أبريل (نيسان) المقبل إلى 16 من الشهر ذاته، في مدينة غدامس، داعياً جميع الليبيين إلى المشاركة بـ«حسن نيّة» من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، تتضمن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين حضروا الجلسة المغلقة أن سلامة عبّر عن «تفاؤل حذر» بإحداث اختراق لإنهاء الفوضى التي تعمّ البلاد منذ سقوط حكم العقيد معمر القذافي قبل ثماني سنوات. وأكد أحدهم أن رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر سيشاركان في هذا المؤتمر.
وأفاد رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر، بعد جلسة مغلقة تبعت الإحاطة العلنية، بأن أعضاء المجلس «يكررون تأييدهم التام للمبعوث الخاص للأمين العام غسان سلامة، ويدعون المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم لخطة عمل الأمم المتحدة». وأضاف أن الأعضاء «يرحّبون بإعلان المبعوث الخاص أن المؤتمر الوطني سيُعقد من 14 أبريل إلى 16 منه في غدامس»، معتبرين أنه «يوفر فرصة لليبيين كي يجمعوا شملهم كجزء من عملية بقيادة ليبية وملكية ليبية، بغية التوصل إلى تسوية سياسية جامعة». وجددوا تأييدهم «بشكل كامل لالتزام (أنسميل) بضمان المشاركة الواسعة لليبيين في المؤتمر الوطني»، داعين جميع الذين سيحضرون إلى أن «يأتوا وينخرطوا بحسن نيّة».
بدوره، ناقش أمس فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق، باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي مع الفريق محمد الشريف، الرئيس الجديد للأركان العامة للجيش الليبي، الخطوات التي تم اتخاذها والخطوات المقبلة فيما يتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية. وقال مكتبه في بيان إنه تم أيضا استعراض، وتحديد احتياجات القطاعات العسكرية المختلفة، وسبل رفع كفاءة الجيش الليبي وتحديثه، مع تجهيز المعسكرات بما يلزم لتوفير التدريب والإعداد اللازم.
في المقابل، قال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، إن روسيا أكدت له أن كل ما يشاع عن دعمها لحفتر «هو ادعاء ومجرد دعاية محلية»، يسوقها إعلامه. كما أكدت إيقافها طباعة العملة لصالح المصرف الموازي والتزامها بقرارات مجلس الأمن.
وواصل المشري هجومه اللاذع ضد المشير حفتر، وقال في تصريحات لوسائل إعلام روسية إن الموقف الفرنسي، الذي يعتبر حفتر قائداً للجيش، يتعارض تماما مع اتفاق الصخيرات المعتمد دولياً، والذي ينص على أن كل المناصب العسكرية والأمنية تعتبر شاغرة. معتبرا أن فرنسا «تنحاز إلى تيار العسكرة، وهي تسعى لاستعادة نفوذها في المنطقة الجنوبية»، لافتا إلى ما وصفه بالعلاقة الشخصية القديمة بين وزير خارجية فرنسا لودريان وحفتر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».