حاكم الشارقة يشدد على أهمية تطوير أداء المؤسسات الحكومية بما يسهم في ريادة الخدمات

سلطان القاسمي أكّد أنّ الترابط بين القطاع العام والمجتمع علاقة متبادلة

الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة خلال افتتاح منتدى الاتصال الحكومي أمس (الشرق الأوسط)
الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة خلال افتتاح منتدى الاتصال الحكومي أمس (الشرق الأوسط)
TT

حاكم الشارقة يشدد على أهمية تطوير أداء المؤسسات الحكومية بما يسهم في ريادة الخدمات

الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة خلال افتتاح منتدى الاتصال الحكومي أمس (الشرق الأوسط)
الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة خلال افتتاح منتدى الاتصال الحكومي أمس (الشرق الأوسط)

شدّد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشّارقة، على أهمية تطوير أداء المؤسسات الحكومية من خلال خدماتها والبنى التحتية التي توفرها والتشريعات الملائمة التي تقرّها، ومبادراتها الاستراتيجية، بما يسهم في تحقيق ريادة الخدمات الحكومية.
وقال الشيخ سلطان بن محمد القاسمي إنّ رسالة المنتدى الدّولي للاتصال الحكومي تأتي في هذا السياق، مشيراً إلى أنّ فكرة تنمية القطاع الحكومي وتطبيق النّظم التكنولوجية ليست بالفكرة الحديثة، إلّا أنّها كانت محصورة في بعض الدُّول، وأصبحت في السنوات الأخيرة أحد الموضوعات المثيرة للنقاش من حيث كيفية تطبيقها والاستفادة منها في المنطقة.
وجاء حديث حاكم الشارقة ذلك، خلال الكلمة التي ألقاها أمس، في حفل افتتاح الدّورة الثامنة من المنتدى الدّولي للاتصال الحكومي، الذي يعقد تحت شعار «تغيير سلوك... تطوير إنسان»، بمشاركة عدد من الخبراء وممارسي الاتصال الحكومي الدوليين.
وأوضح الشيخ سلطان بن محمد القاسمي أنّه عند بداية تطبيق النّظم الحديثة سعياً لتطوير العمل الحكومي، حدثت أخطاء كثيرة بسبب التطور السّريع للتكنولوجيا وتنوع طرق التواصل فيها وقلة المتخصصين والعارفين بها، لافتاً إلى أنّ الترابط بين المؤسسات الحكومية وأفراد المجتمع في علاقة متبادلة، حيث إن الموظف فيها هو جزء من المجتمع، وخدمات المؤسسات تقدم لأفراد المجتمع، ومشيراً إلى أنّ تطوّر المؤسسات الحكومية وخدماتها يأتي بتطور موظفيها الذين يجيدون التعامل مع التقنيات الحديثة.
وكان حفل الافتتاح قد انطلق بعرض فيلم سلّط الضوء على رؤية المنتدى ورسالته في دورته لهذا العام، وأهميته في ظل متغيرات العصر الرّاهن، وأثره على تحوّل سياسات التنمية المجتمعية، والتحول في مسلكيات الأفراد داخل بلدانهم.
وخلال الحفل ألقى الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مجلس الشّارقة للإعلام، كلمة أشار فيها إلى أنّ الجميع يعلم كيف أن الاتصال الحكومي بات القلب النابض للعمل الحكومي، وذلك نظراً للتّطور في طريقة التواصل البشري، كما أنّه بات معياراً من معايير نجاح العمل الحكومي، مبيناً أنّ هناك عددا من المؤسسات الدّولية التي بدأت ربط نجاح الحكومات بجودة وقوة تواصلها مع جميع أفراد جمهورها.
وفيما يخصّ التساؤلات الكثيرة التي وردت بشأن شعار المنتدى لهذا العام «تغيير سلوك... تطوير إنسان»، قال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي إنّه «عندما نقول: (تغيير السلوك) فإنّنا حتماً لا نقصد التدخل في حياة الناس، أو إصدار الأحكام المسبقة على طريقة حياتهم، فتغيير السّلوك الذي نقصده ونطمح لتحقيقه من خلال برامج الاتصال الحكومي يكمن في ثلاث خطوات هي: العمل على فهم الإنسان ونفسيته وعقليته وتأثير محيطه على سلوكه بطريقة علمية مدروسة، وتوعية الإنسان بالخيارات السلوكية المتاحة أمامه في مختلف المسائل، التي تعترض حياته وتؤثر فيها وفي المجتمع كله، والسّعي لتحفيز هذا الإنسان وإلهامه لاختيار السلوك الداعم لمصلحته ومصلحة مجتمعه».
وأكّد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، أنّ الدّورة الثامنة من المنتدى ستسعى للإجابة عن عدد من الأسئلة حول الذي يمكن أن يفعله الاتصال الحكومي لفهم الإنسان بشكل أعمق، ولتحفيزه من الدّاخل على المساهمة في التصدي لتحديات المستقبل في جميع المجالات، لافتاً إلى أنّ الاستثمار في الإنسان النّاجح المتقدم هو هدفٌ سامٍ تسعى إليه كل الحكومات المخلصة لشعوبها.
تضمن الحفل عرض فيديو تسجيلي للإعلامي الأميركي لاري كينغ، الذي كان من المقرر أن يوجد في المنتدى، إلّا أنّه اعتذر لظروف صحية، حيث تطرّق من خلال مشاركته إلى تجربته المتعلقة بدور الاتصال الحكومي في إحداث التغيير الإيجابي عند الإنسان، وخبرته في الاتصال والإعلام الجماهيري عموماً، وكيفية تعامله مع آلاف الشخصيات التي حاورها، ونظرته إلى التأثير الكبير الذي تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي في سلوكيات الأفراد والجماعات والمؤسسات.
وركز كينغ في حديثه على الأدوار التي أصبحت تلعبها منصات التواصل الاجتماعي في الفضاء الإعلامي، مؤكداً أنّها باتت تساعد الأشخاص في التعبير عن آرائهم، وباتت أيضاً منصة لإطلاق الشّائعات والأخبار الزائفة، لافتاً إلى أنّ الأخبار الزائفة ليست وليدة اللحظة، وأنّه عايش كثيرا من النماذج لأخبار زائفة خلال فترة الحرب الباردة.
وأوضح أنّ هذه الظّاهرة آخذة في التصاعد والانتشار بسرعة تفوق سرعة الضوء وذلك بسبب التقنيات الحديثة، مبيناً في الوقت ذاته أنّها ستظل موجودة في المستقبل، وداعياً الحكومات لمزيد من التواصل والشفافية مع مواطنيها وتوجيههم نحو الأفعال البناءة حتى يتسنى لها التصدي للتّحديات التي تفرزها الأخبار الزائفة.
وتطرق المشاركون في جلسة «الإنسان المسؤول: مفتاح الحلول لتحديات المستقبل»، إلى دور تربية النشء والإعلام ومهمة الحكومات والنّخب في جعل الإنسان مسؤولاً، حيث قال الشيخ سلطان بن سعود القاسمي المحاضر والباحث في الشؤون الاجتماعية والسياسية والثّقافية في دول الخليج العربية: «إذا أردنا أن نصل إلى إنسان مسؤول ومؤمن بهويته ومجتمعه وبلاده يجب أن ننتبه للطفل، علينا أن نحترم الأطفال وألا نتحدّث معهم بشكل ثانوي، فتمكين المواطن منذ النشأة غاية في الأهمية، لكون الدور قد جاء ليكون الفرد منا مواطناً واعياً مسؤولاً يخدم وطنه - وليس في كونه موظفاً حكومياً أو فرداً عادياً - تلقى على عاتقه مسؤولية كبيرة جداً، وعلى الجميع أن يثق بقدراته».
من جهته، تحدث الدكتور نبيل الخطيب المدير العام لقناتي «العربية» و«الحدث»، عن دور الإعلام في بناء إنسان عربي مسؤول، إذ أشار إلى أنّ الإعلام مجال حيوي يتفاعل فيه جميع الأطراف على اختلافهم للوصول معا إلى هدف أو توجه ما.
وعن الدور الذي يلعبه الإعلام في تعزيز الهوية العربية، تطرّق الخطيب للحديث عن وجود 16 قناة إخبارية متخصّصة ناطقة باللغة العربية تستهدف الجمهور العربي، موضحاً أنّ 4 منها فقط مملوكة للعرب والباقي لجهات خارجية، لافتاً إلى أنّ تلك الجهات تلعب دوراً في تمرير برامجها ورؤيتها وهذا عامل يؤثر على الهوية الثّقافية العربية.
وأضاف الخطيب: «إذا لم تكن المؤسسة مصدراً مقنعاً للأخبار، فهناك بدائل كثيرة سيتوجه لها الجمهور الذي يبحث عن إثراء معارفه وثقافته، لذا علينا أن نصنع بدائل طوعية لتلك القنوات، حيث يتسنى للفرد الذي يشعر بالفخر بثقافته أن يرى تعبيراً عنها وأنا لا أستطيع أن أروّج بشكل جذّاب للفنانين التشكيليين العرب على سبيل المثال، وهذا يعكس ضعف حضورهم وقلة شهرتهم، بينما في المقابل هناك من روّج لفنانيه ومبدعيه بشكل أكبر وأكثر كفاءة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».