من «السلاملك» حتى «الحرملك».. كتاب يوثق لـ« قصور وحدائق المنتزه»

أصدرته مكتبة الإسكندرية

قصر المنتزه من الجو ({الشرق الأوسط})
قصر المنتزه من الجو ({الشرق الأوسط})
TT

من «السلاملك» حتى «الحرملك».. كتاب يوثق لـ« قصور وحدائق المنتزه»

قصر المنتزه من الجو ({الشرق الأوسط})
قصر المنتزه من الجو ({الشرق الأوسط})

تتجمل «قصور وحدائق المنتزه» إحدى البقاع السحرية في الإسكندرية، عروس المتوسط، وتفصح عن أسرار مفاتنها في كتاب موسوعي جديد أصدرته مكتبة الإسكندرية للمعماري الدكتور محمد عوض؛ مستشار مدير مكتبة الإسكندرية.
يقدم الكتاب عبر 250 صفحة توثيقا تاريخيا وعمرانيا لموقع المنتزه والقصور المتناثرة داخله، ويقودك، بخبرة المعماري المتخصص وخيال الشاعر، في تطواف سياحي شيق، تتعرف من خلاله على ما يحتويه المكان من كنوز عمرانية وآثار تاريخية ومواقع طبيعية ومنشآت ترفيهية وسياحية، يدعمها بمجموعة متميزة من الصور النادرة والرسوم والمخططات والخرائط التي توثق لتاريخ المنتزه وقصوره وحدائقه، التي لا تزال تفيض بالجمال وهي تطل على صفحة البحر المتوسط.
يضم الكتاب خمسة فصول تقدم نبذة تاريخية عن الموقع وأبرز ما يحتويه من القصور والحدائق والمتنزهات، ومنها: قصر «السلاملك»، وقصر «الحضرة الخديوية»، و«الحرملك»، والمقر الصيفي الملكي، ثم فندق فلسطين الذي استضاف أول قمة عربية تعقد في الإسكندرية، بعد ثورة 23 يوليو (تموز) 1952.
في مقدمته للكتاب يقول الدكتور محمد عوض إن قصور وحدائق المنتزه من أجمل المواقع التاريخية والسياحية في مدينة الإسكندرية بإطلالتها على البحر المتوسط. عرف الموقع منذ إنشاء المدينة في العصور البطلمية وما بعدها، وأعيد إحياؤه في أواخر القرن التاسع عشر عندما اختاره الخديوي عباس حلمي الثاني لبناء أحد القصور الخديوية (السلاملك)، وجرت إضافة قصر الحرملك ومبان أخرى مكملة في عهد الملك فؤاد الأول والملك فاروق ليكون المقر الصيفي للأسرة الملكية.
وبعد ثورة 1952 فتحت القصور الملكية والحدائق للشعب وعهد إلى شركة إيطالية بعملية التطوير والاستفادة من الموقع الفريد فأضيفت كبائن للاصطياف وتحولت القصور إلى كازينوهات وكان من أهم الإضافات في الستينات إضافة فندق فلسطين وتحويل قصر السلاملك إلى فندق سياحي فئة الخمسة نجوم.
ويوضح الفصل الأول أن الشواهد الأثرية المكتشفة في المنتزه تبين أن الموقع كان يستخدم منذ العصور اليونانية الرومانية؛ حيث كان هذا الموقع يعرف بـ«تابوزيريس ميكرا» وكان مقابلاً شرقا لموقع تابوزيريس ماجنا في المنطقة المعروفة الآن ببرج العرب. ويعتقد أيضا أنه كان يضم مقبرة لأوزوريس في مواجهة مقبرة لإيزيس في موقع أكرا لوخياس (منطقة السلسلة الساحلية الآن).
ويخصص الكاتب الفصل الثاني من الكتاب لقصر السلاملك، ويروي أن الخديوي عباس حلمي الثاني قد عهد إلى مهندس القصور الخديوية حينذاك اليوناني الأصل ديمتري فابريشيوس باشا بناء القصر. وقد شرع فابريشيوس باشا في تصميم القصر على ربوة، وانتهى البناء عام 1892، واستوحى تصميمه من الطرز النمساوية السائدة في القرن التاسع عشر إرضاءً لرغبة الخديوي وصديقته الكونتسية ماري تورك فون زندو والتي أصبحت فيما بعد زوجته. وتميز القصر بإحياء الطرز التاريخية للعمارة القوطية وعمارة عصر النهضة واستخدام الأبراج والقباب المتعددة.
وكانت غابة الجزويرينا أهم ما يميز حدائق القصر بالإضافة إلى إطلالتها على سواحل من الصخور والرمال والجزر والخلجان الطبيعية جعلها ذات طابع فريد في جمالها بالمقارنة بالقصور الأخرى في مصر المحروسة. واحتوى القصر على ثلاثة طوابق؛ خصص الطابق الأرضي لمكتب الخديوي وقاعات الاستقبال والطعام، وخصص الطابقان التاليان لحجرات النوم والمعيشة الخاصة لإقامة الأسرة.
وقد أطلق على القصر اسم «السلاملك» أي مكان للاستجمام والراحة باللغة التركية، وبعد فترة قصيرة أقام الخديوي مسكنًا للحريم، وكان عبارة عن فيلا من طابق واحد خصصت لإقامة أفراد الأسرة وتم إزالتها في عصر الملك فؤاد لبناء قصر عرف فيما بعد بـ«الحرملك».
وعهد الملك فؤاد إلى أحد المهندسين الإيطاليين أرنستو فيروتشي بك مهندس القصور الملكية حينذاك ببناء القصر الجديد وتنسيق الموقع حوله، وكان الإيطاليون محاطين بحاشية الملك وكان لهم تأثير قوي في بلاطه ومجريات الأمور بصفة عامة، وقد تمكنوا واستحوذوا على صناعة وتجارة البناء في مصر وبناء وتجديد القصور الملكية لأفراد الأسرة العلوية في أنحاء مصر.
ومن أهم خصائص التصميم الداخلي لقصر الحرملك الحوش الداخلي المسقوف بالزجاج الملون، والذي يجمع حوله الفراغات والسلالم الداخلية لعناصره، وتبرز التراسات الخارجية والسلالم والأبراج في تشكيلات بارزة في الواجهات الخارجية مع التنوع في استخدام طوب السورناجا والبياض وكذلك القيشاني الملون، ومن تفاصيل دقيقة ومتنوعة من الزخارف والعناصر المعمارية القوطية والتي تشكل العمارة المميزة للقصر. وقد عهد ببناء القصر إلى شركة دي فارو الإيطالية، وقامت الشركة أيضا بتنسيق الموقع، ومن أبرز معالمه الميناء الملكي وحدائق الصبار وحوش الغزال التي أحاطت بالقصر.
وفي عهد الملك فاروق عهد إلى المهندس المعماري المصري البارز مصطفى باشا فهمي بإنشاء كوبري يربط جزيرة الشاي بالقصور الملكية، كما قام مصطفى باشا فهمي بتصميم والإشراف على تنفيذ «كشك الشاي» على الطراز الكلاسيكي وإضافة السينما الخارجية ومكتب الملك إلى قصر السلاملك، كما قام بتصميم كثير من المباني الخدمية الملحقة بالموقع مثل برج المياه ومحطة القطار الملكية ومكاتب الإدارة والركائب الملكية.
وعندما حلت ثورة 23 يوليو 1952 آل القصر وملحقاته وحدائقه وبساتينه إلى الشعب وفتحت أبوابه لأفراده للاستمتاع وقضاء أوقات الفراغ والاستجمام على شواطئه.
ويضم الكتاب مجموعة كبيرة من الصور والرسوم والمخططات؛ ومنها: صورة للخديوي عباس حلمي الثاني وهو يتجول في الموقع في قطاره الخاص، ورسم منظوري لمنطقة قصر المنتزه عام 1900 بواسطة الأمير النمساوي سلفادور، وصور قصر السلاملك، قصر الحرملك، وصالونات الاستقبال الرئيسة المصممة على طراز الباروك، والملكة نازلي مع أطفالها في نزهة بـ«الكارتة» الملكية، والملك الشاب فاروق الأول في مكتبه بالمنتزه، والقوات المسلحة أمام بوابة قصر المنتزه في 23 يوليو، وزيارة الرؤساء لفندق فلسطين، وغيرها.
ويوضح الفصل الأخير الموقع العام للمنتزة ويقدم صور الحدائق والشواطئ وتنسيق الموقع، وفيلا الشاي والكوبري، ومرسى اليخوت والفنار، والصوبة الملكية، والمباني والخدمات الترفيهية، ومباني الإدارة والورش، ومحطة القطار الملكية والجراج، والبوابة الرئيسية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».