«طماطم»... مبادرة ريادية أردنية لتعريب تطبيقات الألعاب

بدأت بموظفين اثنين واستطاعت إطلاق 45 لعبة لأكثر من 60 مليون مستخدم

فريق العمل بمقر الشركة التي انطلقت عام 2013 في عمّان
فريق العمل بمقر الشركة التي انطلقت عام 2013 في عمّان
TT

«طماطم»... مبادرة ريادية أردنية لتعريب تطبيقات الألعاب

فريق العمل بمقر الشركة التي انطلقت عام 2013 في عمّان
فريق العمل بمقر الشركة التي انطلقت عام 2013 في عمّان

أصبحت منطقة الشرق الأوسط على مدى السنوات الأخيرة أكثر مواكبة للتطور التكنولوجي. اليوم، يستخدم أكثر من 360 مليون شخص في المنطقة هاتفاً ذكياً. المحتوى المستهلك ليس بهدف التواصل ومواكبة الأحداث فحسب؛ بل أصبح جزء منه مكرساً لتطبيقات الألعاب. ورغم ذلك الاهتمام، فإن المحتوى العربي على الإنترنت لا يتعدى «واحداً» في المائة.
استدركت شركة «طماطم» هذا حتى أصبحت مهمتها زيادة المحتوى العربي من خلال التطبيقات، واختارت الخوص في عالم الألعاب لسد تلك الفجوة.
ومن مكتب في العاصمة الأردنية عمّان، انطلقت «طماطم» في عام 2013، بعد أن أصبح رئيسها التنفيذي، حسام حمو، أول عربي ينضم إلى برنامج «500 ستارت أبس» في وادي السيليكون بكاليفورنيا.
سرعان ما جمعت «طماطم» 1.5 مليون دولار من مستثمرين في الولايات المتحدة خلال جولتها الأولى من الاستثمار، وأبرمت شراكات مع مطورين من جميع أنحاء العالم لجعل ألعابها ذات صلة ثقافية باللاعب العربي.
بدأت الشركة بوصفها مبادرة شبابية من موظفين اثنين فقط، وخلال السنوات الست الماضية قامت بتوظيف 50 موظفاً؛ 75 في المائة منهم إناث في مناصب إدارية، ونشر 45 لعبة حصلت على أكثر من 60 مليون تحميل.
نمت «طماطم» بنسبة 200 في المائة سنوياً منذ تأسيسها، كما قامت بتأمين استثمار من الفئة «أ» من شركة «ومضة كابيتال» بشكل رسمي، بالإضافة إلى مستثمرين آخرين من السعودية وإندونيسيا. كما قامت شركة «أبل» العملاقة بإدراج ألعاب «طماطم» ضمن قائمة الألعاب الأفضل لعام 2014، وتصدرت الألعاب قائمة الأكثر تحميلاً في متجري «أبل» و«غوغل».
تؤكد جوانا صوالحة، مديرة العلاقات العامة لدى «طماطم»، على أن الشركة اختارت عمّان لتحتضن مقرها الرئيسي، لأن الأردن يضم أفضل المواهب في قطاع التقنية وصنع المحتوى الإلكتروني في المنطقة، وأضافت في حوار مع «الشرق الأوسط»: «ويضم أيضاً كمّاً هائلاً من محبي الألعاب، ومطوريها، إلى جانب الفنانين المبدعين في المجال».
في الوقت الحالي، ينصب تركيز «طماطم» على 4 من ألعابها. الأولى «VIP بلوت»، لعبة الورق المعربة، وتستهدف بشكل أساسي المستخدمين في السعودية، حتى أصبحت الأكثر لعباً في المنطقة بـ600 ألف مستخدم نشط شهرياً من الخليج. اللعبة الثانية هي «مدينة الطائرات» التي أنتجت بالتعاون مع شركة «غيم إنسايت» الروسية. أما اللعبة الثالثة «غضب الشجعان» فتركز على القتال، وجرى تعريبها بالتعاون مع شركاء «طماطم» بالصين. والرابعة أيضاً لعبة ورق، حيث جرى تطوير «VIP طرنيب» بالتعاقد مع شركة بلغارية لتصبح اللعبة من أفضل تطبيقات ألعاب الورق في السعودية والإمارات ومصر والأردن.
عن آلية إصدار هذه الألعاب، تقول صوالحة: «تعريب الألعاب لا يقتصر على تغيير اللغة فقط، بل شمل تغييراً كاملاً لشخصيات اللعبة والموسيقى والقصة والقوانين بهدف جعلها مألوفة ومحببة أكثر لمستخدمي المنطقة». وأشارت إلى أن «المستخدمين في المنطقة، خصوصاً من الخليج، مرتبطون جداً بلغتهم وثقافتهم، لذا يفضلون تحميل الألعاب ذات الصلة بهويتهم، ونحرص على تأمين ذلك لهم».
وتقوم «طماطم» في الوقت الحالي بتعليم طلاب الجامعات والمدارس في الأردن كيفية الالتحاق بمجال صنع الألعاب والاستعداد للمستقبل، بالإضافة إلى تثقيفهم حول صناعة ألعاب الجوال. وعن ذلك تقول صوالحة: «من المتوقع أن تصل قيمة سوق ألعاب الهواتف الجوالة في منطقة الشرق الأوسط إلى 2.3 مليار دولار بحلول عام 2022، ونأمل أن نكون جزءاً من هذا النمو». كما كشفت عن أن «طماطم» تعمل على إطلاق 4 ألعاب جديدة في العام الحالي.
يذكر أن «طماطم» ضمن نحو ألف مشروع ريادي مسجل في عمّان؛ حيث تستقطب العاصمة الأردنية هذا النوع من المشروعات لتوفيرها بيئة مناسبة للعمل، وكوادر مؤهلة. وتشير آخر الإحصاءات إلى أن 38 في المائة من تلك المشروعات تديرها نساء. ويتطلع الأردن لزيادة هذا النوع من المشروعات في السنوات المقبلة لتشجيع الشباب على دخول سوق العمل من باب الريادة والابتكار.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».