السيسي يطرح محددات لتكامل عربي ـ أفريقي بينها آلية لمكافحة الإرهاب

اعتبر الاستقرار هدفاً قارياً استراتيجياً... وطالب بمواقع تواصل اجتماعي منضبطة

TT

السيسي يطرح محددات لتكامل عربي ـ أفريقي بينها آلية لمكافحة الإرهاب

طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، محددات لتحقيق تكامل عربي - أفريقي واسع، بينها وضع آلية لمكافحة الإرهاب، باعتباره أحد أبرز التحديات التي تواجه المنطقة، وتنفيذ بعض المشروعات التنموية. وقال الرئيس المصري، خلال مشاركته في المائدة المستديرة «التكامل العربي - الأفريقي»، ضمن فعاليات الملتقى العربي - الأفريقي، المنعقد بمدينة أسوان، إنه يمكن تحديد 4 أو 5 نقاط فقط للعمل عليها، مثل وضع آلية عربية - أفريقية لمكافحة الإرهاب، وإنشاء صندوق عربي - أفريقي لتطوير مشروعات محددة، خصوصاً المتعلقة بالبنية الأساسية، وإنشاء سوق عربية - أفريقية مشتركة.
وأضاف: «يمكن أن ننشئ صندوق تمويل عربي - أفريقي مع مؤسسات التمويل الأخرى بتكلفة مالية محددة لمشروعات بعينها، والتركيز على النقاط التي تصل بعضنا ببعض كالسكة الحديد، والطرق، وشبكات الربط الكهربائي».
وطالب السيسي بوضع آليات تحافظ على الدول وأمنها واستقرارها، معتبراً الاستقرار فرصة للتجهيز الجيد، وذلك بالتنسيق مع دول الخليج والاتحاد الأفريقي.
وأكد السيسي ضرورة التعاون العربي - الأفريقي والتركيز على البنية الأساسية «لأنها تخلق فرص استثمار»، ولفت إلى أنه يمكن عرض الإجراءات في القمة العربية - الأفريقية المقبلة، ليكون هناك وقت كافٍ للتفكير والتخطيط بشكل جيد.
وقال الرئيس المصري إن الإرهاب من أهم المخاطر والتحديات التي تواجه دول القارة، لافتاً إلى أن «أكبر حجم من العناصر المنخرطة في الجماعات الإرهابية يمكن أن تكون موجودة في أفريقيا»، وأكد أن ذلك «يؤثر على مستقبل استقرار الدولة الوطنية». وأضاف: «بعد الإرهاب يأتي خطر الفساد، والصراعات الداخلية وعدم الاستقرار، إذا لم نستطع التواصل مع شبابنا لتوعيتهم بمخاطر الظروف التي نعيشها سنقع في مشكلة، حدثت طفرة في وسائل الاتصال والتواصل، ويبدو أننا لم نكن مستعدين لتداعياتها أو نتائجها، أو على الأقل يمكن القول إننا مش منضبطين في استخدام هذه المواقع».
وتابع السيسي: «أي أزمة في أي دولة تؤثر على باقي الدول، الاستقرار في كل الدول هدف قاري واستراتيجي، لا بد أن يؤخذ المستوى نفسه من الاهتمام والجهود في دول المنطقة العربية، لا بد من توعية شعوبنا بالآمال التي يطلبونها وإمكانية تحقيقها، إذا لم ندرك الظروف المحيطة قد يصابون بالإحباط، الاستقرار فرصة وإحنا بنتكلم على الفرصة، اوعوا تهدروها، قبل ما نتكلم على التواصل لا بد من تحقيق الاستقرار».
وتحدث السيسي عن تمكين المرأة، مؤكداً أنه «يحتاج إرادة الحاكم والمحيطين بيه، بتتحول لمسارات يتم تنفيذها من خلالها».
وأضاف: «حجم الشباب والمرأة في الوزارات وإن كان لا يلبي طموحاتها، إذا توافرت الإرادة السياسية يتحول إلى إجراءات أخرى، كل ما التعليم هيتقدم هنقدر نتجاوز كتير من اللي بنتكلم فيه، وهتجد وسائل الإعلام تتحدث عن هذا الموضوع وآليات الدولة تعمل على ترسيخ فكرة التمكين للشباب والمرأة».
ودعا الرئيس المصري لتجاوز أي صورة ذهنية سلبية تم تشكيلها على مدار السنوات الماضية، بحزمة برامج متكاملة للتواصل بشكل مستمر، ومواقع منضبطة للتواصل الاجتماعي. وأكد أن مصر، التي تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي العام الحالي 2019، «تضع هذا الأمر نصب أعينها»، كما استنكر إطلاق لقب «الشمال العربي والجنوب الزنجي» في القارة الأفريقية، مؤكداً أنه «لا يصح». وتابع: «تم تشويه صورة العلاقة بين العرب وأشقائهم في أفريقيا على مدار سنوات».
وقال السيسي إن الحديث عن التكامل العربي - الأفريقي أمر رائع، لكن لا بد من وضع هذا الكلام في سياق يساعد هذه الدول، «نتكلم عن التاريخ المشترك بين كل الدول العربية والأفريقية، الفكرة دي موجودة من الآباء المؤسسين للاتحاد الأفريقي، وتم عقد 4 قمم خلال الـ40 عاماً الماضية، وأول قمة تمت في مصر»، مشيراً إلى أن القرارات التي تخرج من تلك القمم «أحلامها كبيرة جداً».
وأكد الرئيس أن القارة الأفريقية تمتلك كثيراً من الفرص، ولكن لا يمكن أن تترجم لمشروعات مشتركة تحقق ربحاً للجميع.
وقال إن هناك كثيراً من جهات التمويل، والمؤسسات الدولية مستعدة لتمويل أي مشروع مضمون نجاحه. ودعا للتكامل بين الدول العربية والأفريقية، قائلاً: «ملناش غير بعضنا، محتاجين نتعاون مع كل الدول الأفريقية اللي ممكن تدر علينا إحنا الاثنين مكسب، إحنا بنتكلم في أرقام ضخمة، ممكن تمولها بعض الدول في المنطقة مثل أشقائنا في الخليج». وأكد: «معاً نستطيع التحرك في مسار للتعاون، وإذا نجحنا في مشروع يمكننا البدء في مشروع ثانٍ وثالث ورابع».
وكان الرئيس السيسي قد استقبل على هامش الملتقى أمس، موسى فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. وأكد السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أن الرئيس السيسي أعرب عن تطلع مصر لاستمرار التعاون والتنسيق الوثيق مع فريق العمل بالمفوضية لدفع عجلة العمل الأفريقي المشترك في مختلف المجالات خلال الرئاسة المصرية للاتحاد، بما يخدم مصالح القارة الأفريقية على نحو فعال.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.