آفاق علمية: دراسة تكشف آلية عمل «الرجل الحديدي» في جهاز المناعة

آفاق علمية: دراسة تكشف آلية عمل «الرجل الحديدي» في جهاز المناعة
TT

آفاق علمية: دراسة تكشف آلية عمل «الرجل الحديدي» في جهاز المناعة

آفاق علمية: دراسة تكشف آلية عمل «الرجل الحديدي» في جهاز المناعة

كشفت دراسة أسترالية عن آلية عمل «الخلايا التائية المساعدة» في جهاز المناعة، لدعم الخلايا التائية القاتلة، في مكافحة الالتهابات الفيروسية والأمراض التي تهاجم الجسم.
والثابت أن الذاكرة المناعية التي تمكن الخلايا التائية القاتلة من التصدي لأي عدوى، لا يمكن أن تنشأ بدون خلايا مساعدة تعرف باسم (CD4)، ولم يكن معروفاً بالضبط الآليات التي تمكنها من توفير الدعم اللازم، وهو ما تمكن فريق بحثي من معهد الطب الحيوي (BDI) بجامعة «موناش» الأسترالية من التوصل إليه في الدراسة التي نشرت يوم 19 فبراير (شباط) الماضي بدورية (PNAS).
ويشبه الفريق البحثي في تقرير نشره موقع الجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة الخلايا المساعدة بـ«الرجل الحديدي»، الذي يعمل كقائد مساعد في فريق «المنتقمون الجدد». وقالوا إن «جهاز المناعة يشبه لحد كبير فريق المنتقمين، فأعضاء الفريق يقومون في الواقع بعمل أفضل الأفلام عندما يجتمعون معا».
ووصفوا الخلية التائية المساعدة (CD4)، بأنها تشبه الرجل الحديدي (Iron Man) في أعضاء الفريق والذي لا يمكن الاستغناء عنه، وبدونه لا يمكن للخلايا التائية القاتلة الحصول على استجابة مناعية جيدة لمواجهة الالتهابات الفيروسية والأمراض.
ووفق ما جاء في الدراسة، فإن الفريق البحثي تتبع آلية عمل الخلايا المساعدة من خلال استخدام تسلسل الحمض النووي الريبوزي، والمعروف باسم «RNA»، وقارنوا بين المواصفات الوراثية للخلايا التائية التي تلقت الدعم من الخلايا المساعدة، وتلك التي لم تتلق المساعدة.
ووجد الفريق البحثي أنه من دون مساعدة في بداية الإصابة بالفيروسات، وليس في مراحل لاحقة، لم تكن الخلايا التائية القاتلة في الحالة غير المتعاونة تمتلك المسارات اللازمة لتوليد الطاقة للاستجابة للعدوى، حيث بدت غير قادرة على التوسع بسبب عدم القدرة على الوصول للوقود اللازم لتوليد استجابة مناعية قوية.
يقول ستيفن تيرنر، الباحث الرئيسي بالدراسة لـ«الشرق الأوسط»: «ما توصلنا إليه سيفيد في تحسين العلاجات المناعية للسرطان». ويوضح أن «علاجات السرطان الجديدة تعتمد استراتيجيات تهدف لإعادة تنشيط الخلايا التائية القاتلة التي أصبحت مهترئة، وأصبحت غير مناسبة لقتل الخلايا السرطانية، لكن دراستنا تقول إنه ربما يمكن تحسين هذه العلاجات من خلال تنشيط الخلايا التائية المساعدة في نفس الوقت للمساعدة في تحسين وظيفة الخلايا التائية القاتلة، وإعداد ذاكرة مناعية أفضل ضد السرطان للمساعدة في التعافي».
والخطوة التالية التي سيعمل عليها الفريق البحثي هو اختبار فاعلية خلايا تسمى NKT، والتي تتصرف مثل الخلايا التائية المساعدة، ويمكن تنشيطها من خلال مركبات مختلفة. يقول تيرنر «الشيء الرائع في تلك الخلايا أنه يمكن تفعيلها بطريقة سهلة، وهذا يعني أننا لسنا بحاجة للعثور على الأهداف التي تنشط الخلايا التائية المساعدة (CD4s)، ونحن الآن بصدد اختبار ما إذا كان تفعيل خلايا NKT يمكن في الواقع أن يحل محل الحاجة إلى الخلايا التائية المساعدة لإنشاء مناعة فعالة من الخلايا التائية القاتلة».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصاعد فضائية لرحلات جماعية إلى القمر

رسم تخيلي للمصعد القمري
رسم تخيلي للمصعد القمري
TT

مصاعد فضائية لرحلات جماعية إلى القمر

رسم تخيلي للمصعد القمري
رسم تخيلي للمصعد القمري

حتى مع انخفاض أسعار رحلات الفضاء بشكل كبير في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين المقبلة، فإن التكاليف البيئية والمالية المترتبة على استخدام الصواريخ المعبأة بوقود كيميائي للإفلات من جاذبية الأرض، كانت سبباً في إعاقة التوسع البشري إلى القمر وما بعده. كما كان هناك أيضاً غضب واسع النطاق من أن استكشاف الفضاء أصبح حكراً على الأغنياء، ما أدى إلى الرغبة في إضفاء «الطابع الديمقراطي» على الوصول إلى الفضاء.

مصاعد فضائية

كان الحلم، منذ قرون، أن نبني مصعداً فضائياً لنقلنا من الأرض إلى الفضاء من دون استخدام الصواريخ. ولكن كيف يمكن بناؤه، وأين؟ كانت التحديات الهندسية، جنباً إلى جنب مع العقبات السياسية، بالغة الضخامة. وكانت الإجابة تتلخص في قلب الفكرة وبناء خط واصل من سطح القمر إلى مدار الأرض... كل ما عليك فعله هو أن تنتقل من الأرض إلى نهاية الخط الواصل ثم القفز إلى ترام يعمل بالطاقة الشمسية والتحرك على طول المسار إلى القمر.

لكن تظل هناك حاجة إلى الصواريخ للوصول إلى النهاية المتدلية للخط الواصل، ولكن بما أن تلك الصواريخ لن تضطر إلى الإفلات تماماً من جاذبية الأرض، فانها ستحتاج إلى وقود أقل بكثير.

وكتب روان هوب في مجلة «نيو ساينتست» العلمية، وعلى عكس التصميمات التقليدية للمصاعد الفضائية، أن الخط الذي تسير عليه لم يكن بحاجة إلى ثقل موازن عملاق، يكون الضغط على الكابل أقل بكثير، وتكون المواد اللازمة لجعل هذا الأمر حقيقة متاحة، وأصبحت الفكرة قابلة للتطبيق بحلول عام 2040.

بمجرد بنائه، يصبح من الممكن نقل البشر والبضائع من الأرض بواسطة الصواريخ إلى الخط الواصل ثم إلى القمر، مع خفض إجمالي كمية الوقود اللازمة لنقل شيء ما من عالمنا إلى القمر الطبيعي بمقدار الثلثين. وأدى انخفاض الأسعار الناجم عن ذلك إلى تغيير جذري فيما يمكن القيام به في الفضاء ومن يمكنه أن يذهب من البشر.

خط قمري

يتم تصميم قاعدة أول خط قمري واصل بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، على الجانب القريب من القمر، حيث يجري إنشاء العديد من القواعد القمرية في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين للاستفادة من الضوء شبه الثابت في القطب الجنوبي والاحتياطيات الكبيرة من المياه المتجمدة في فوهة «شاكلتون».

على عكس قواعد القمر، التي ترتبط بالشركات الخاصة والدول على الأرض، يعد المصعد مورداً مشتركاً. وقد تم بناؤه بموجب قوانين وضعتها المنظمات غير الحكومية مثل مؤسسة «من أجل كل أنواع القمر» For All Moonkind ومؤسسة «القمر المفتوح» Open Lunar Foundation، والمنظمات المناظرة في المناطق المساهمة الرئيسية (الهند، واليابان، والصين، والاتحاد الأوروبي).

إن الخط الواصل يتصل بالقمر عبر نقطة «لاغرانج» القمرية «إل 1». هذه هي المناطق في الفضاء حيث تتوازن الجاذبية للقمر والأرض، ولا تكون هناك حاجة إلى الوقود للحفاظ على موضع الجسم.

في الواقع، فإن هذه النقطة هي عبارة مواقف سيارات في الفضاء، ومن ثمّ فهي مواقع مفيدة للغاية للمستودعات والموانئي الفضائية. الخط الواصل - أو السلم القمري Lunar Ladder، أو الممشى القمري MoonWalk، أو «عصا الجبن» Cheese Stick، كما كان يُطلق عليه بشكل مختلف - تم بناؤه في وقت واحد من مستودع فضائي في «إل 1» والقاعدة على سطح القمر. وتم اختيار البوليمر الاصطناعي فائق القوة «إم 5» كمادة، لتسليم آلاف الأطنان منه إلى «إل 1» للبناء.

كل ما عليك فعله هو الانتقال من الأرض إلى نهاية الخط الواصل والقفز إلى الترام الشمسي والتحرك على طوله إلى القمر.

تطورات المصعد القمري التاريخية

أثار هذا المشروع عدة تطورات مفيدة. كانت الصواريخ الكيميائية، التي توفر قوة دفع كافية للخروج من سطح كوكب، لا تزال قيد الاستخدام للوصول إلى مدار الأرض المنخفض، ولكن بعد ذلك، انضمت المحركات الأيونية إلى المصعد، ثم استُخدمت بعد ذلك للتحرك في جميع أرجاء النظام الشمسي. تولد هذه المحركات قوة دفع عن طريق تسريع الذرات المشحونة كهربائياً عبر حقل كهربائي، وكانت تعمل بالطاقة الشمسية، ولقد سمح هذا باستكشاف الكون الواسع على نحو أقل تكلفة وأكثر عمقاً.

يرجع أول اقتراح للمصاعد الفضائية إلى عام 1895، في تجربة فكرية ابتكرها رائد الفضاء الروسي «كونستانتين تسيولكوفسكي». كتب تسيولكوفسكي في عام 1911 يقول: «الأرض مهد الإنسانية، ولكن البشرية لا يمكن أن تبقى في المهد إلى الأبد». وقد أجري أول اختبار لهذه التكنولوجيا عام 2018، مع ظهور مشروع «STARS - Me»: القمر الاصطناعي الآلي المستقل المربوط بالفضاء - المصعد المصغر».

حدث هذا بجوار محطة الفضاء الدولية، باستخدام تصميم من قبل الباحثين في جامعة شيزوكا في اليابان. ويتكون من قمرين اصطناعيين صغيرين متصلين بكابل طوله 11 متراً مع زاحف يتنقل بينهما.

في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين، عندما تبدأ بعثات «أرتميس» إلى القمر، سيتم بناء محطة «البوابة الفضائية» في المدار القمري، وأصبح هذا حجر انطلاق لمستودع «إل 1».

إن الخط الواصل يلعب دوراً محورياً في إضفاء الطابع الديمقراطي على الفضاء، إذ يصبح الذهاب إلى القمر للعمل أو قضاء وقت الفراغ شيئاً يمكن لأي شخص تقريباً فعله إذا أراد. ويتبع ذلك تحقيق اختراقات علمية من إنشاء قاعدة أبحاث في «إل 1»، ويتم نقل العمليات المدمرة - مثل التعدين - خارج كوكب الأرض. فقد تم نقل جزء كبير من البنية الأساسية الصناعية الملوثة للأرض - لا سيما منشآت الخوادم التي تدعم الطلب على الكومبيوترات - إلى القمر، حيث يمكن استخدامها بكفاءة أكبر بواسطة الطاقة الشمسية.