«متحف الموضة» في تشيلي... قصة حب عائلية حقيقية

يعد «متحف الموضة» في تشيلي من أهم معالم الجذب السياحي في العاصمة سانتياغو، وهو لا يعتبر جهة مرجعية للموضة مع معروضات خاصة بمشاهير المصممين فحسب، وإنما هو رحلة عبر تاريخ الموضة، وانعكاس أكيد للمجتمع هناك. ويعرض المتحف تاريخ الموضة خلال القرون الثلاثة الماضية.
أقيم «متحف الموضة» في عام 1999 على أيدي خورخي يارور باسكونيان لمحةَ وفاء وعرفان بالجميل إزاء والديه. وهو ينحدر من أصول فلسطينية، ولقد هاجر أجداده إلى أميركا اللاتينية في عام 1914. ويقول المتحدث باسم المتحف: «ينبع المتحف من رؤية خورخي لإنشاء متحف خاص في المبنى الذي كان من قبل منزلاً لعائلته، وحيث يمكنه اختيار إرث والده من المنسوجات ورؤية والدته للموضة والأزياء». وكانت القطع الأولى المعروضة في المتحف مستمدة من خزانة ملابس والدته الخاصة.
ولم تكن هذه الصناعة جديدة على خورخي. فقد كانت عائلته من الرواد في قطاع النسيج في تشيلي منذ عام 1934. ويقع المتحف داخل منزل فسيح ورائع ومفعم بالذكريات. وهو متحف، كما نتوقع جميعاً، أنيق للغاية ومزرد بديكورات داخلية راقية، مع تصميم محلي حديث، فضلاً عن حديقة غناء فسيحة توفر المهرب المثالي من ضوضاء المدينة وصخبها.
يقول المتحدث باسم المتحف: «يضم المتحف 20 ألف قطعة في مجموعة المنسوجات، والفنون الزخرفية، والمحفوظات الوثائقية، والأرشيف الرياضي لكرة القدم والتنس، ما يسمح بمعرفة قصة الموضة من خلال تاريخ الملابس المعروضة».
ويمكن اعتبار هذا المتحف فريداً من نوعه في قارة أميركا اللاتينية، نظراً لتنوع المعروضات فيه، حيث جرى ترتيب تاريخ الموضة عبر الطوابق، اعتباراً من القرن الرابع عشر الميلادي بعرض قطع أصلية مطرزة يدوياً.
يبدأ بالصدرية الرجالية من عام 1660، ومجموعة كاملة التمثيل من الفساتين النسائية من القرن الثامن عشر (من الأزياء الفرنسية والإنجليزية والبولندية)، مع مجموعة كبيرة من الصدريات الرجالية من القرن نفسه، ومجموعة تمثيلية من ملابس الأباطرة والوثائق التي ترجع إلى القرن التاسع عشر. وهناك أيضاً مجموعة مهمة من ملابس النساء في الفترة بين عام 1850 وحتى 1870، فضلاً عن ملابس النساء من العصر الفرنسي الأنيق.
ومن بين المجموعات الرفيعة هناك رسومات تخطيطية من تصميم «شانيل»، وهناك فساتين للممثلة مارلين مونرو، والأميرة ديانا، والممثلة إليزابيث تايلور، وماريا كالاس، وفرانك سيناترا، وجون لينون، وميك جاغر، وجيمي هندريكس، ومايكل جاكسون، وكيرت كوبين، ومادونا، وإيمي واينهاوس، وغيرهم كثير.
ومن أبرز نجاحات المتحف كان المعرض المخصص للأميرة ديانا، وهي أيقونة الموضة والأزياء العالمية من دون شك. ويمكن هنا الاستمتاع بمشاهدة ثوبها الأسود الرائع الذي ارتدته في حفل أثناء زيارتها لواشنطن.
إن معرض الأميرة ديانا في المتحف يعد تكريماً لائقاً لهذه السيدة الفريدة، التي بسحرها وبساطتها وإنسانيتها أحيت التقاليد الملكية في بريطانيا وقربتها إلى الشعب الإنجليزي وإلى العالم بأسره. ولقد نجحت في الإعراب عن مشاعرها من خلال خزانة ملابسها، ما جعلها أيقونة الموضة العالمية التي تتحدد الاتجاهات وفق الفساتين المصممة خصيصاً لها مع الجينز والقمصان البيضاء.
وأضاف المتحدث الرسمي: «يملك المتحف أكبر مجموعة خاصة من فساتين الأميرة ديانا في العالم، ما يعكس أغلب فترات حياتها بين 19 و36 عاماً من عمرها. وتعكس هذه القطع مدى تطورها بشكل جيد، ومدى قربها إلى الناس، ورؤيتها للكيفية التي ينبغي لها أن تخدم بلادها بها، وأن تتحول إلى رمز من رموز بلادها حول العالم. ويسمح المعرض مراحل تطور حياتها كامرأة، منذ ذلك الظهور الأول تحت مراقبة الرأي العام في سن 19 عاماً، عندما كانت فتاة صغيرة، ثم المرور بمختلف المراحل حتى بلوغ مرحلة الأمومة، ثم المرأة العاملة، على وعي وإدراك منها بدورها الاجتماعي المميز، وكيف تمكنت من توجيه صورتها العامة صوب الخدمات الخيرية التي كانت تدعمها». يضم المتحف كذلك قطعاً حصرية وفريدة من نوعها لأسماء بيوت أزياء عالمية مثل «هيرميس» و«شانيل» و«جيفينشي» و«كريستيان ديور» و«إيف سان لوران» و«إيميليو بوشي» و«جيورجيو أرماني» و«جياني فيرساتشي» و«بيير بالمان».
مع ذلك، وفي الآونة الراهنة، هناك نقاش كبير في جميع أنحاء العالم بشأن الموضة، وهل لا تزال فناً من الفنون، أم صارت شكلاً من أشكال الاستهلاك التجاري الهادف لبيع المزيد ثم المزيد تحقيقاً للمكاسب المادية البحتة.
ويوضح المتحدث الرسمي ذلك الأمر بقوله: «الموضة هي فن من الفنون، لأنها تعكس جزءاً أساسياً من الوجود، وهي نوع من الاستهلاك في الوقت نفسه، خصوصاً في أيامنا التي توسع الإنتاج فيها بشكل كبير. ولكن قبل كل شيء، فإن الموضة تعد انعكاساً للمجتمع. وهي تعتبر صدى للواقع الجاري عبر الأزياء، وصوتاً لمن يستخدمها، وبالتالي فهي نمط من أنماط التعبير الاجتماعي والثقافي».
والموضة هي انعكاس للمجتمع بأي طريقة سهلة وذكية وبسيطة. ولا شك في أن هذا المتحف هو من الطرق الرائعة للتعلم بمختلف الوسائل. ويمكننا أن نرى من خلال الموضة والأزياء تعبيراً عن الوضع الراهن اجتماعياً وسياسياً وثقافياً، حيث يقدم من يستخدم الموضة والأزياء «بياناً» عن ذلك، حتى وإن لم يكون يقصد فعل ذلك. وتعكس الملابس التغيرات داخل القصة المروية، وأنها أمر ثقافي بالمقام الأول. وكانت فرنسا قد فرضت الموضة والأزياء في العالم منذ الملك لويس الرابع عشر وحتى الآن، من خلال صناعة الملابس الهائلة هناك، كما أوضح المتحدث الرسمي باسم المتحف.
وسوف يتعاون «متحف الموضة» في تشيلي خلال العام الحالي مع «قصر كينسينغتون»، ومتحف «فيكتوريا آند ألبرت» في لندن، وكذلك مع متحف «متروبوليتان» في نيويورك.