أبو الهول يبدأ رحلة العلاج من خطر المياه الجوفية

مشروع مصري - أميركي لحماية الأثر البارز

الزحف العمراني يهدد منطقة آثار أهرامات الجيزة
الزحف العمراني يهدد منطقة آثار أهرامات الجيزة
TT

أبو الهول يبدأ رحلة العلاج من خطر المياه الجوفية

الزحف العمراني يهدد منطقة آثار أهرامات الجيزة
الزحف العمراني يهدد منطقة آثار أهرامات الجيزة

تعد المياه الجوفية خطراً يهدد الآثار المصرية في مختلف المناطق، خصوصاً في منطقتي الدلتا والجيزة، والتي تختلط فيها المياه الجوفية في بعض المناطق بمياه الصرف الصحي الناتجة عن التعديات السكانية على حرم المنطقة الأثرية. وتنفذ وزارة الآثار المصرية حالياً مشروعاً لخفض منسوب المياه الجوفية، وحماية الآثار، أسفل تمثال أبو الهول الشهير، بمنطقة أهرامات الجيزة، الذي عانى على مدار عصور متتالية من خطر المياه الجوفية نتيجة وقوعه في منطقة منخفضة من هضبة الأهرامات، وزادت حدة المشكلة مع التعديات السكانية على حرم المنطقة الأثرية.
ولحل هذه المشكلة نفّذت وزارة الآثار المصرية مشروعاً لخفض منسوب المياه الجوفية أسفل أبو الهول بالتعاون مع هيئة المعونة الأميركية، مؤكدةً أن التمثال الآن أصبح آمناً بشكل كامل. وأوضح المهندس وعد أبو العلا، مدير قطاع المشروعات بوزارة الآثار المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «تم التعاقد بين الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي، و(شركة المقاولون العرب) في فبراير (شباط) عام 2011، لتنفيذ مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية بهضبة الأهرام، بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، بتكلفة تقترب من 25 مليون جنيه مصري».
وقال أبو العلا، إن «المشروع يستهدف حماية المنطقة الأثرية المنخفضة حول تمثال أبو الهول، ومنطقة مقابر العمال من ارتفاع منسوب المياه الجوفية، من خلال حفر 18 بئر نزح جوفية، مزودة بطلمبات بقدرات مناسبة، ليتم تجميع المياه من الآبار، عبر شبكة من خطوط الطرد، بطول 2.2 كم، يتم تصريفها في ترعة المنصورية»، مشيراً إلى أن «المشروع يتضمن 30 بئراً لمراقبة منسوب المياه بالمنطقة».
وأضاف أبو العلا أن «هيئة المعونة الأميركية موّلت أعمال التشغيل والصيانة في المشروع لمدة عام بمعرفة (شركة المقاولون العرب)، وتتولى (شركة المقاولون العرب) الآن أعمال التشغيل والصيانة الدائمة للمشروع».
الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الذي كان مديراً لمنطقة آثار الهرم عند تنفيذ المشروع، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تمثال أبو الهول هو أقدم مريض في العالم، حيث عانى من خطر المياه الجوفية على مر العصور بسبب الكثافة السكنية، في منطقة نزلة السمان، إضافة إلى وقوع التمثال في منطقة منخفضة من هضبة الجيزة».
وأضاف أن «المشروع الأخير لخفض منسوب المياه الجوفية بالتعاون مع هيئة المعونة الأميركية، تصدى لهذه المشكلة إلى الأبد، وأعاد الابتسامة إلى وجه أبو الهول، والتمثال الآن آمن بشكل تام، حيث تم تخفيض منسوب المياه لمسافة 6 أمتار أسفل التمثال، حيث لا يمكن للمياه أن تهدد التمثال مرة أخرى»، مشيراً إلى أن «ضخ المياه أسفل التمثال يتم باستمرار حتى لا تتراكم، ويتم توجيهها إلى ترعة المنصورية».
وتعود قصة المياه الجوفية أسفل تمثال أبو الهول إلى عام 1988 عندما سقط حجر من جسد أبو الهول، وهي الواقعة التي أدت إلى إقالة الدكتور أحمد قدري، رئيس هيئة الآثار في ذلك الوقت، وتبيّن من الدراسات أن سبب سقوط الحجر هو ارتفاع منسوب المياه أسفل التمثال.
وأكد عبد البصير أن «أبو الهول يحتاج إلى صيانة دورية، وإلى متابعة على مدار الساعة، وهو ما يتم حالياً»، مشيراً إلى أن «التمثال يتكون من 3 طبقات جيولوجية وهي الرأس والجسم، والطبقة الثالثة السفلى، وهي الأكثر عُرضة للخطر سواء بعوامل طبيعية أو بشرية»، لافتاً إلى أنه «تم تنفيذ أكثر من مشروع ترميم لجسد التمثال على مدار التاريخ، كان آخرها وأهمها عام 1998»، ويعود تمثال أبو الهول إلى عهد الملك خفرع، وهو مصنوع من الحجر الجيري، وقال عبد البصير إن «التمثال يصوّر خفرع وهو يتعبد إلى والده خوفو إله الشمس».
ولا تقتصر مشكلة المياه الجوفية على أبو الهول فحسب بل يمتد تأثيرها إلى هضبة الأهرامات كلها، بسبب الكثافة السكانية في المنطقة المحيطة بالهرم، ولكن أبو الهول كان الأكثر تضرراً لوقوعه في منطقة منخفضة من الهضبة.
وأكد عبد البصير أن «مشكلة المياه الجوفية قائمة في مصر منذ بناء السد العالي، وزادت مع زيادة الكثافة السكانية، وهي تهدد جميع الآثار في منطقة الدلتا وهضبة الأهرامات، ولا بد من التعامل معها باستمرار، على عكس الآثار الموجودة في الصعيد لأنها في مناطق مرتفعة نسبياً»، وقال إن «كل مشروعات تخفيض منسوب المياه الجوفية هي خطط لدرء الخطر».
واتفق معه تشارلز كوبلاند، خبير دعم البرامج والتوعية العامة بهيئة المعونة الأميركية، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشكلة المياه الجوفية مشكلة قائمة ومستمرة، ولا بد أن نستمر في ضخ المياه بعيداً عن الآثار لحمايتها، وإلا تراكمت المياه الجوفية أسفل التمثال مرة أخرى».
ومنذ عام 1995، قدمت هيئة المعونة الأميركية نحو 100 مليون دولار، كمساعدات للحفاظ على الآثار المصرية من مختلف الحقب التاريخية، بدءاً من العصر الفرعوني، حتى الدولة العثمانية، وساهمت هيئة المعونة الأميركية في برامج ترميم الآثار، وتدريب الأثريين بهدف تنشيط السياحة.


مقالات ذات صلة

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

يوميات الشرق اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

أعلن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، الأربعاء، عن اكتشاف بقايا معبد الوادي للملكة حتشبسوت بالأقصر (جنوب مصر)، مع عدد من الاكتشافات الأثرية الأخرى.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الغرابة (SWNS)

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
يوميات الشرق المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثّل في مصطبة لطبيب ملكي بالدولة المصرية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.