انطلاق معرض «مَنشَر صور 3» في «بيت بيروت»

يحتفي بالمرأة العاملة في زراعة التبغ والتنباك

تعدّ المرأة العاملة عنصرا رئيسيا في زراعة التّبغ
تعدّ المرأة العاملة عنصرا رئيسيا في زراعة التّبغ
TT

انطلاق معرض «مَنشَر صور 3» في «بيت بيروت»

تعدّ المرأة العاملة عنصرا رئيسيا في زراعة التّبغ
تعدّ المرأة العاملة عنصرا رئيسيا في زراعة التّبغ

في عام 2016 أطلقت إدارة «الريجيه» (حصر التبغ والتنباك اللبنانية) ﺿﻤﻦ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ المستدامة، مسابقة بعنوان «منشر صور». وهي تهدف إﻟﻰ اﺣﺘﻀﺎن المبدعين ودعم الطّاقات اﻟﻔﻨﻴﺔ والفكرية والمواهب التصويرية لدى الهواة والمحترفين على السواء، كما تعمل على تعزيز قدرات اﻟﺸﺒﺎب وتسليط الضوء ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ القطاع الزّراعي اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً. وتتيح هذه المبادرة التعرّف على زراعة التبغ والغوص فيما وراء الصورة وعدسة المصورين، باعتبار هذه الزراعة أحد أشكال التراث الثقافي الذي يجب أن يوثّق.
خلال العام الجاري، وبعد تقديمها نسختين من «منشر صور» في معارض سابقة، قرّرت واحتفاء بالمرأة العاملة في زراعة التبغ والتنباك إقامة مسابقة تصويرية تتناول فقط عمل المرأة في هذا المجال لتمكينها من ناحية وتقديرا لمهامها من ناحية ثانية. ويفتتح معرض «منشر صور3» في «بيت بيروت» اليوم الجمعة برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري.
ويتضمن هذا المعرض الذي يشارك فيه نحو 55 مصوراً فوتوغرافياً من أصل 150 من هواة ومحترفين تقدموا إلى المسابقة، 24 صورة تظهر المرأة المزارعة خلال تأدية عملها في سهول منطقة الجنوب وبالتحديد في قضاء بنت جبيل وتبنين.
«هي مبادرة نهدف من خلالها إلى تسليط الضوء على الدور الرئيسي الذي تلعبه المرأة اللبنانية في مجال زراعة التبغ والتنباك». تقول رنا كمال الدين إحدى المشرفات في «ريجيه لبنان» على المسابقة التصويرية هذه السنة في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «في هذا المضمار تعمل المرأة اللبنانية مع زوجها وأولادها من هم فوق عمر الـ18 سنة، مما يسمح بتسمية أدائهم مجتمعين بـ«عمل عائلي». فهي تلعب الدّور الأكبر في زراعة وحصد المحصول منذ زمن وحتى اليوم».
فهذا العمل يلزمه الإتقان والدّراية والتنظيم بدقة وهي مهام تجيدها ربّة المنزل اللبنانية بشكل عام. وللتشجيع على المشاركة في هذه الزراعة أقامت إدارة «ريجيه لبنان» دورات تدريبية للفتيات بنات مزارعي التبغ والتنباك في منطقتي الشّمال والجنوب. «هذه الدّورات شملت نحو 100 فتاة من محافظات مختلفة بين أعمار الـ18 و25 سنة ليتعرّفن إلى طبيعة عمل أهاليهن. كما يشجعهن على الانخراط به في حال لبّى تطلعاتهن المستقبلية»، توضح رنا كمال الدين في سياق حديثها.
أمّا المشاركون في مسابقة تصوير «منشور 3»، فقد واكبوا الأعمال الزّراعية للتبغ التي تقوم بها المرأة مباشرة من على أرض الواقع. فأمضوا 48 ساعة متتالية في منطقة الجنوب يراقبون النساء المزارعات ليلتقطوا لهن صورا فوتوغرافية تؤلف الموضوع الرئيسي للمسابقة.
«إنّنا من أصل 55 مشاركا نختار ثلاثة فائزين ليحصلوا على ثلاث جوائز مالية مع كاميرا تصوير محترفة». تقول رنا كمال الدين التي تشير إلى أنّ المبالغ التي يحصلون عليها تتراوح ما بين 5000 و2000 دولار.
وسيتاح لزوار معرض «منشر صور 3» التعرّف على المراحل التي تمرّ بها زراعة التبغ والتي تجري عادة في شهر فبراير (شباط) من كل عام ليتم قطفها وحصادها بعد نحو 9 أشهر.
وتتضمن الصّور المعروضة المرأة المزارعة في مشاهد تظهرها تتحمل أشعة الشّمس القوية وتقوم بقلب التراب وتحضيره لزراعة هذه النبتة، ومن ثمّ تقسيمه في الأثلام التي تزرع فيها بطريقة فنية جميلة تؤلّف لوحة طبيعية بحد ذاتها.
والمعروف أنّ المراحل الأخرى التي تلي زراعة التبغ تتألّف من القطاف والتجفيف وشكّ التبغ على حبال خاصة كي يصبح جاهزاً لإرساله إلى مرحلة الصناعة.
وتعدّ زراعة التبغ والتنباك من المجالات الأساسية في إعالة العائلات اللبنانية الموجودة في مناطق الزّرع أو على مقربة من سهولها. وهي ساهمت في الحدّ من هجرة أهل الريف إلى المدينة وكذلك في تمكين المرأة وزيادة مهاراتها في مجال العمل الذي يؤمن لها لقمة عيشها.
وكانت في سبتمبر (أيلول) الفائت قد شاركت إدارة «ريجيه لبنان» في معرض «بيروت آرت أفير» وسط بيروت، من خلال صور معرضيها الأول والثاني (منشر صور 1 و2). وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه المبادرة تنقلها إدارة التبغ والتنباك من خلال البرنامج البريطاني «سبرينغ بورد» بعد أن أخذت على عاتقها تطبيقه لأول مرة في لبنان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».