{وهج تاريخي} يُضاف للعاصمة السعودية بافتتاح «القصر الأحمر»

شرّع أبوابه للزوار للاطّلاع على مقتنياته وتصميمه المميّز

القصر الأحمر كما يبدو من الخارج
القصر الأحمر كما يبدو من الخارج
TT

{وهج تاريخي} يُضاف للعاصمة السعودية بافتتاح «القصر الأحمر»

القصر الأحمر كما يبدو من الخارج
القصر الأحمر كما يبدو من الخارج

يعدّ «القصر الأحمر» الواقع في حي الفوطة بالعاصمة الرياض، شاهدا مكانيا وموقعا يروي مسيرة البلاد وقراراتها، ورمزية الأحداث التي مرّت بالسعودية، يضاف لها تميزه البنائي والمعماري الفريد في عصره وحتى يومنا هذا.
ويجاوز القصر ما يقرب من ثمانين عاما على تشييده، حين أمر الملك عبد العزيز ببنائه عام 1942 لابنه الأمير (الملك) سعود بن عبد العزيز، بعد أن احترق قصره عندما كان ولياً للعهد آنذاك.
وأعيد افتتاح القصر وشرع أبوابه أمام الزوار ليكون متاحاً للجميع بكل كنوزه التاريخية والأثرية، وهو يعدّ أحد التحف المعمارية الفريدة والمتميزة في تاريخ العاصمة السعودية الرياض. ويكتسب مكانته التاريخية أيضاً كونه أول مبنى شُيّد بالإسمنت والحديد في العاصمة، وبعد انتقال الملك سعود إلى قصره في الناصرية عام 1956.
أصبح «القصر الأحمر» مقراً لمجلس الوزراء، واستمر إلى عام 1988. كما أنّ هذا القصر المكون من 16 جناحاً اكتسب اسمه من لونه المائل للحمرة. ولا يزال تحفة معمارية واقفة بشموخ، وهو شاهد على الكثير من القرارات السياسية والتحولات التاريخية في المنطقة. كما كان شاهدا على قرارات مهمة مثل قطع العلاقات مع كل من فرنسا وبريطانيا في العام 1956، ووقف تصدير النفط، وغيرهما من المواقف التي كان لها تأثير في مجريات الأحداث حينها. وكان مجلسا للوزراء في عهد الملك فيصل والملك خالد وسنوات من عهد الملك فهد.
وهو شاهد على استقبال الملوك ورؤساء الدُّول والحكومات، من أبرزهم جمال عبد الناصر، وشكري القوتلي، وأنور السادات، ونهرو وغيرهم.
ومن المنتظر أن يعرض القصر عدداً من المقتنيات التاريخية لملوك السعودية على فترتين يومياً على امتداد أكثر من شهر، في الفترة من 13 مارس (آذار) وحتى 20 أبريل (نيسان) المقبل.
وأوضح المؤلف عبد الله اليامي الذي أصدر كتاباً بعنوان «القصر الأحمر»، عن دار جداول، أنّ القصر «يحتوي على مصاعد كهربائية، وسلالم تصل إلى بقية الأدوار، ويمتاز بأعمال الديكور الدّاخلي ونقوشه الخارجية الفريدة. وتحيط به شرفات من جميع أجزائه تطل على حدائق غنّاء موزعة في مقدمة القصر وباحته الخلفية».
وفيما يتعلّق بتصميم القصر ذكر المؤلف أنّه يعدّ تحفة معمارية من حيث المساحة والتصميم الفريد والتنفيذ المتقن، ويضمّ بأجنحته كل التقنيات المتطوّرة حينها، والمراوح السقفية، إضافة إلى نظام إضاءة نهاري نادر، تمثل في وجود مناور مربّعة مفتوحة في معظم أجزاء القصر، تسمح بدخول أشعة الشمس إلى معظم أجزاء القصر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».