المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر في «شطب الأحزاب العربية»

TT

المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر في «شطب الأحزاب العربية»

وسط أجواء صاخبة وتوتر شديد، باشرت المحكمة العليا الإسرائيلية، أمس الأربعاء، أبحاثها في قرار لجنة الانتخابات المركزية لانتخابات الكنيست الـ21 شطب ترشح الدكتور عوفر كاسيف، المتحالف مع العرب ضمن قائمة «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» برئاسة أيمن عودة و«العربية للتغيير» برئاسة أحمد الطيبي، والقائمة العربية الأخرى المؤلفة من «الحركة الإسلامية الجنوبية» برئاسة منصور عباس، و«التجمع الوطني» برئاسة مطانس شحادة.
وانتهت الجلسة دون إصدار قرار فوري، ومن المقرر أن تصدر المحكمة قراراتها حتى يوم الأحد المقبل.
وكانت لجنة الانتخابات المركزية، وهي لجنة حزبية بالأساس يسيطر فيها اليمين، قد شطبت، يوم الأربعاء قبل الماضي، ترشح كاسيف لانتخابات الكنيست، في أعقاب طلب تقدّم به أعضاء كنيست من اليمين المتطرف وأتباع حزب «كهانا» المحظور، وكذلك القائمة العربية الأخرى. وحسب القانون الانتخابي، يجب أن تصادق المحكمة العليا على القرارات حتى تصبح نافذة وقابلة للتطبيق.
وستنظر المحكمة نفسها اليوم في الاعتراض الذي قدمته أحزاب اليسار، ومنها «العمل» و«ميرتس»، ضد ترشيح أشخاص من حزب «كهانا». وشهدت المحكمة نقاشات حادة وصراخاً شديداً وتوتراً وتبادلاً للاتهامات، بين النواب العرب وبين ممثلي اليمين. وقال كاسيف إنه مستعد للاعتذار عن بعض تصريحاته إذا اعتذر رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»؛ أفيغدور ليبرمان، عن أقواله المعادية لمواطني إسرائيل العرب (فلسطينيو 48). ورد ممثل حزب ليبرمان قائلاً إنه «من غير المعقول أن يدخل الكنيست شخص يدّعي أن إسرائيل دولة نازية، وأن المساس بجنود جيش الدفاع الإسرائيلي أمر جائز وليس عملاً إرهابياً».
ويمثل الأحزاب العربية الثلاثة مركز «عدالة» القانوني، الذي طالب بسحب صلاحية شطب ترشيح قائمة أو شخص من لجنة الانتخابات المركزية، عادّاً هذه الصلاحية غير دستورية ويجب ألا تمنح لها من الأساس.
وأكد «تحالف الموحّدة والتجمّع» أنه «يرفض قرار لجنة الانتخابات المركزية، المُشَكّلة من ممثلي الأحزاب، لأنه قرار سياسي لا يستند إلى حقائق؛ بل إلى افتراءات وتحريض، ويهدف إلى ضرب الحركة الوطنية والتيار الإسلامي لشعبنا ونزع الشرعية عن ممثليه». وعدّ «التحالف» أن «من يجب أن يحاكَم ويخرج من الساحة السياسية والقانونية تماماً، هم العصابات العنصرية التي تتغذى على الأجواء العنصرية، والتحريض على العرب لإقصائهم عن العمل السياسي».
وأكد التحالف أن «كل محاولة لضرب التمثيل السياسي للحركة الوطنية ستزيدها قوة، فنحن نمثل نضالاً عادلاً، هو النّضال الوحيد الذي يستند إلى مبادئ العدل التاريخي والسياسي، وإلى مبادئ المساواة القومية والمدنية، ولهذا السبب بالذات هو يهدد ليس فقط أحزاب اليمين، إنما أيضاً المنظومة السياسية الإسرائيلية برمتها». وختم «تحالف الموحدة والتجمع»: «نحن لا نأخذ شرعيتنا لا من أحزاب اليمين ولا من الإجماع الصهيوني؛ بل من شعبنا ومن تاريخه ومن حقه في وطنه، ونحن متمسّكون بطرحنا وبمواقفنا وبمبادئنا العادلة والديمقراطية، واضعين نصب أعيننا هموم وقضايا شعبنا اليومية والقومية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».