رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف: سنتقاسم لقمة العيش

وزيرا الخارجية والمالية يلتقيان أبو الغيط لتفعيل «شبكة الأمان المالية»

TT

رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف: سنتقاسم لقمة العيش

قال رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، محمد أشتية، إنه سيعمل على تقاسم لقمة العيش بين الجميع في الأزمة المالية الحالية، متعهدا أن يضع خطة حكومية للتعامل مع هذه الأزمة.
وأضاف أشتية وهو عضو لجنة مركزية لحركة فتح: «أدرك صعوبة الظرف السياسي والاقتصادي، في ظل الحرب المالية التي تشنها لولايات المتحدة وإسرائيل ضدنا لدفعنا لقبول مسار سياسي لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال، هذه الحرب عنوانها الابتزاز، ولكن نحن لن نقبل الابتزاز المالي بأي شكل من الأشكال».
وتابع في حديث للإذاعة الرسمية: «مثلما هزمنا نتنياهو في بوابات القدس، فنحن قادرون على أن نصبر قليلاً كي نخرج من عنق الزجاجة، وقدرنا أن نصبر على هذه الأرض وألا نستسلم».
وأكد أشتية مجددا أن السلطة أعادت إلى إسرائيل جميع أموال العوائد الضريبية بعدما اقتطعت جزءا منها، وهو ما تسبب في أزمة حادة للسلطة. وأردف: «الأمر غير متعلق بحجم الأموال، إسرائيل تجبيها عنا، ولا يحق لها اقتطاع أي قرش».
وكانت السلطة الفلسطينية ردت هذا الشهر جميع أموال المقاصة إلى إسرائيل وتقدر بنحو 800 مليون شيقل بعد خصم إسرائيل 42 مليون شيقل مقابل الأموال التي تدفع لعائلات الشهداء والأسرى.
ورفضت السلطة القرار ودفعت هذا الشهر أموالا لعائلات «الشهداء والأسرى» وقالت إنها لن تتخلى عنهم نهائيا ثم دفعت نصف راتب للبقية.
ويعد الوضع المالي التحدي الأول أمام حكومة أشتية التي انطلقت مشاوراتها فورا
ويفترض أن تكون اللجنة المركزية لحركة فتح اجتمعت مساء أمس من أجل مناقشة أمر الحكومة. وقال أشتيه إن المشاورات ستشمل الجميع، والحكومة للكل الفلسطيني، وستشمل القطاع الخاص والمجتمع المدني والفصائل وحركة فتح وكل من له علاقة بالكل الوطني، والأبواب مفتوحة للجميع للمشاركة.
وتشكل أموال المقاصة الدخل الأكبر للسلطة، ما خلق أزمة مالية حادة. ويتوقع أن تستمر أزمة تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل بعد الانتخابات البرلمانية التي تجرى في العاشر من أبريل (نيسان) المقبل. ويحتاج تشكيل الحكومة إلى أسابيع طويلة بعد ذلك.
ويقول الفلسطينيون إن القرار الإسرائيلي سيؤثر على الالتزامات المالية للسلطة، وسيرفع العجز في موازنة السلطة من 450 مليون دولار إلى 600 مليون دولار. ويفترض أن تبدأ السلطة سلسلة إجراءات لمواجهة العجز المحتمل تتعلق بصرف جزء من الرواتب وإطلاق خطة تقشفية.
وإضافة إلى الخطوات المالية، طلبت السلطة من الجامعة العربية تفعيل شبكة الأمان المالية المقدرة بقيمة مائة مليون دولار، ومقاطعة البضائع الإسرائيلية والعمل مع فرنسا لتعديل أو إلغاء اتفاق باريس الاقتصادي إضافة إلى الذهاب للمحاكم الدولية لمحاسبة إسرائيل على سرقة أموال الضرائب.
وبدأت وزارة المالية الفلسطينية تطبيق خطة تقوم على الاقتراض من البنوك وزيادة الإيرادات المحلية، إضافة إلى ترشيد الإنفاق. والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس البنك الإسلامي للتنمية في عمان كما التقى وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة محافظ البنك المركزي الأردني، بصفته مشرفا على نحو 7 بنوك عاملة في الأراضي الفلسطينية.
والتقى بشارة أمس كذلك أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط إلى جانب وزير الخارجية رياض المالكي. وأطلع بشارة، الأمين العام على الأرقام المالية الخطيرة في فلسطين، بعد اقتطاع أموال المقاصة من الجانب الإسرائيلي.
وطالب المالكي بضرورة تنفيذ قرارات القمم العربية السابقة والاجتماعات الوزارية بتفعيل شبكة الأمان المالية العربية، مؤكدا ضرورة أن تكون جادة وأكثر التزاما في هذه المرحلة من قبل الدول للإيفاء بالتزاماتها حيال شبكة الأمان المالية نتيجة قرصنة إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية.
وأكد المالكي أن الأمين العام أبو الغيط سيرسل رسائل إلى وزراء الخارجية ووزراء المالية العرب، ليحثهم على الالتزام والوفاء بتغطية الشبكة المالية، بالإضافة إلى إرسال رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية، لوضعهم في صورة خطورة ما تقوم به إسرائيل والآثار المترتبة على هذه الخطوات.
إلى ذلك, أكد وزير الخارجية، ضرورة التواصل مع الأردن، والمغرب، ومنظمة التعاون الإسلامي والدول الأخرى في المرحلة المقبلة، لكي تأخذ مواقف حيال ما تقوم به إسرائيل من الدفع تجاه حرب دينية والاعتداءات على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، مضيفا أن اللقاء مع الأمين العام تطرق أيضا للاجتماعات التحضيرية للقمة العربية المقبلة في تونس نهاية الشهر الحالي، وضرورة أن تكون تلك الرسائل مسبقة من أجل أن يحضر وزراء المالية والخارجية العرب ويكون لديهم ردود بخصوص تلك المطالبات على أن يتم رفعها للقمة القادمة.
وأضاف: «هناك مشاريع قرارات سترفع للقمة بشأن تلك المطالبات ومداخلة الأمين العام ستكون واضحة ومهمة حيال تلك القضية، وبالتالي سنحاول العمل جاهدا خلال قمة تونس على البعد الفلسطيني والقضية الفلسطينية وما آلت إليه الأوضاع الأخيرة، ويجب التأكيد على أن تلك الخطوات تأتي في سياق ما يتم التحضير له بما يسمى بصفقة القرن وما تمارسه إسرائيل الآن هو تسويق لها وهي في غاية الخطورة».
ولفت المالكي إلى أن الرئيس محمود عباس وجه الدعوة للرئيس البرازيلي لزيارة فلسطين، مشيرا إلى أننا لا نعتقد أن يقدم الرئيس البرازيلي على خطوة نقل السفارة، خاصة أن هناك الكثير من الجهات البرازيلية ذات العلاقة بما فيها وزيرة الزراعة، ورجال الأعمال، الذين أشاروا إلى خطورة اتخاذ القدوم بتلك الخطوة في نقل السفارة البرازيلية من تل أبيب إلى القدس وتداعياتها على العلاقات العربية في البعد التجاري، مؤكداً على ضرورة أن يقوم وزراء الخارجية العرب بإرسال رسائل إلى الجانب البرازيلي لحثهم على الالتزام بالشرعية الدولية والقانون الدولي.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.