الجزائر: بوتفليقة يستنجد بالإبراهيمي لإنجاح «الندوة الوطنية»

استمرار الحراك الشعبي... ورئيس الجمهورية يريد تسليم السلطة على طريقة تسلمها من زروال عام 1999

محتجون في العاصمة الجزائرية طالبوا أمس بتغيير سياسي فوري (رويترز)
محتجون في العاصمة الجزائرية طالبوا أمس بتغيير سياسي فوري (رويترز)
TT

الجزائر: بوتفليقة يستنجد بالإبراهيمي لإنجاح «الندوة الوطنية»

محتجون في العاصمة الجزائرية طالبوا أمس بتغيير سياسي فوري (رويترز)
محتجون في العاصمة الجزائرية طالبوا أمس بتغيير سياسي فوري (رويترز)

بينما رجحت مصادر حكومية جزائرية اختيار الدبلوماسي الدولي المتقاعد الأخضر الإبراهيمي رئيساً لـ«ندوة وطنية» ينتظر أن ينبثق عنها تاريخ الانتخابات الرئاسية الجديدة، استمر أمس بالعاصمة وفي الكثير من الولايات الحراك الشعبي المعارض لرئيس الجمهورية، وتحديداً ما فُهم بأنه سعي منه إلى تمديد ولايته الرابعة إثر إعلان عدوله عن الخامسة. وعلى رغم استمرار هذه التحركات الشعبية في أكثر من منطقة أمس، فإن قياس مدى رفض الشارع الجزائري أو قبوله بمقترحات الرئيس يمكن أن يظهر في شكل أوضح بعد غد الجمعة، وهو يوم اعتاد المحتجون على حشد قواهم فيه على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية.
واستقبل بوتفليقة الإبراهيمي، وهو مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا سابقاً، بقصر الرئاسة أول من أمس، واقترح عليه الإشراف على «ندوة وطنية» تعقد قبل نهاية العام، كان الرئيس قد تعهد بها في «رسالته إلى الأمة» في وقت سابق. وقالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن الإبراهيمي أعطى موافقته المبدئية على إدارة أشغال «الندوة» التي ستكون مفتوحة لأحزاب السلطة والمعارضة وتنظيمات المجتمع المدني، بحسب ما تعهد به بوتفليقة، في «رسالة» إعلان تخليه عن «العهدة الخامسة».
وأوضحت المصادر نفسها أن اختيار الإبراهيمي لهذه المهمة «يستجيب لشروط موضوعية، أهمهما سمعته الطيبة في الأوساط السياسية والشعبية بالبلاد، ما يمنحه مصداقية لدى ناشطين وقياديين سياسيين، ممن لا يثقون في إجراءات السلطة وتعهداتها». ويفهم من ذلك أن الرئيس بوتفليقة يدرك أن وعوده بتنظيم رئاسية مسبقة، وتعديل الدستور عبر الاستفتاء الشعبي (كان وعد به مرات عدة في السابق ولكن من دون تنفيذه)، قد لا تقنع الطبقة السياسية وبخاصة المعارضة، وعلى هذا الأساس تم الاستنجاد بالإبراهيمي، المقيم بفرنسا، ليكون ضمانة لتنفيذ مشروع «فترة انتقالية» قصيرة، تنتهي بتسليم السلطة لرئيس جديد. ويشار إلى أن الإبراهيمي كان وزيراً للخارجية مطلع تسعينيات القرن الماضي.
غير أن قطاعاً من المراقبين يأخذون عليه «قربه الشديد» من الرئيس، واستعداده المحتمل لـ«أداء أدوار لفائدة السلطة عندما تواجه مأزقاً». وأكثر ما يحفظ له الجزائريون، في السنين الأخيرة، تنقله من فرنسا إلى الجزائر عدة مرات ليظهر مع الرئيس على شاشات التلفزيون، في مسعى اعتمدته السلطة للدلالة على أن بوتفليقة «لا يزال بصحته وقادراً على أداء مهامه». وكانت تلجأ إلى هذا التصرف، كلما راجت شائعات عن تدهور صحته. وأول من أمس، صرح الإبراهيمي بأنه «جاء ليطمئن على صحة الرئيس».
ويعتقد بأن الرئيس، عندما أعلن تخليه عن الترشح من دون الانسحاب من الحكم، يريد أن يرتّب بنفسه عملية تسليم السلطة لرئيس جديد، وأن يتفادى خاصة الخروج من «الباب الضيق» أو من «تحت الباب» بحسب تعبير ناشط سياسي، تماماً كما جرى عام 1999 عندما سلمه الرئيس اليامين زروال الحكم، بعد أن اختصر الأخير ولايته بسبب خلافات حادة مع رجال السلطة.
وكان بوتفليقة أعلن أول من أمس عن سبعة قرارات، بينها تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة يوم 18 أبريل (نيسان) المقبل، وعدم ترشحه لعهدة خامسة. ووعد بوتفليقة بمرحلة انتقالية تقودها حكومة كفاءات، وعقد ندوة وطنية مستقلة تعد لإصلاحات ستشكل «أساساً لنظام جديد» للبلاد. ومن المفترض أن تشرف على الندوة المرتقبة «هيئة تعددية برئاسة شخصية مستقلة»، على أن تنهي أعمالها قبل نهاية العام الحالي. كما يفترض أن تعد الندوة الوطنية لمشروع دستور يعرض على الاستفتاء الشعبي، وإجراء انتخابات رئاسية جديدة. وأقال بوتفليقة رئيس الوزراء أحمد أويحيى، وعيّن بدلاً منه وزير الداخلية نور الدين بدوي في المنصب، وكلفه بتشكيل طاقم حكومي جديد. وقال بدوي أمس أثناء عملية تسليم وتسلم المهام مع أويحيى، إن «الجزائر تعيش مرحلة خاصة في تاريخها. الجزائريون ينتظرون تجسيد كل الطموحات التي عبروا عنها خلال الأيام والأسابيع الماضية»، مشدداً على أن «الوقت والثقة ضروريان لتجسيد كل هذه الطموحات التي ينتظرها الشعب الجزائري، بكل فئاته وخاصة الشباب». وأكد أن «الوقت الراهن يتطلب الالتفاف حول هذه الطموحات التي توجت بخارطة طريق وإصلاحات عميقة وكبيرة ستعرفها الجزائر الجديدة».
وأضاف: «تعهدت خلال لقائي مع رئيس الجمهورية بالعمل بجد وإخلاص من أجل مرافقة ومواكبة الإصلاحات والعمل على تجسيدها ميدانياً، وأتعهد أمام الشعب الجزائري على أن أكون في الاستماع إليه وخدمته والتقرب منه، خاصة من خلال النداءات التي استمعنا إليها خلال الأسابيع الماضية». وتابع أن «الشعب الجزائري قوة اقتراح، وسأعمل بمعية الطاقم الحكومي الذي سيرافقني في هذه المهمة الصعبة على تجسيد كل اقتراحاته ميدانياً».
وقالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، في بيان، إن «الإجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية لا ترقى إلى طموحات الشعب الجزائري الذي خرج بالملايين في مختلف الولايات يطالب بتغيير فعلي، فهي التفاف على إرادة الجزائريين ويقصد بها تفويت الفرصة التاريخية للانتقال بالجزائر نحو تجسيد الإرادة الشعبية، والتخلص نهائياً من النظرة الأحادية الفوقية».
واعتبر الحزب، الذي سحب رئيسه عبد الرزاق مقري ترشحه للرئاسية منذ أسبوع، بسبب دخول بوتفليقة السباق، أن قرارات الرئيس «تفتقد كلية لمبدأ التوافق الذي دعت إليه الحركة منذ الصيف الماضي، والذي لم تسع له السلطة مطلقاً بأي شكل من خلال الحوار المسؤول والمباشر، معتمدة على ذهنية الانفراد والأحادية المعهودة والتأثيرات الخارجية، والاكتفاء بالتوافقات بين أجنحتها فحسب دون أي اعتبار لمطالب الجماهير، الداعية لتغيير قواعد اللعبة كلية». ودعا «جميع الأطراف إلى تغليب لغة الحوار، الذي لا يقصي أحدا في الطبقة السياسية والمجتمع المدني ويشمل شباب الحراك الشعبي، بما يجسد التوجه الوطني الصادق نحو ما يحقق الانتقال الديمقراطي السلس المتفاوض عليه».
وقال الناشط السياسي والباحث في التاريخ ارزقي فراد إن الشعب «استطاع بفضل المسيرات المليونية التي انطلقت يوم الجمعة 22 فبراير (شباط) 2019 أن يغيّر موازين القوى لصالحه، وها هو اليوم يمارس سيادته في الشارع مباشرة، وهو ما يعني سحب التفويض من ممثليه الذين خدعوه. وعليه لا يحق للسلطة المتغوّلة الفاسدة أن تقرّر مستقبل الشعب المتطلّع إلى التحوّل السلس نحو الجمهورية الثانية أساسها سيادة الشعب». وأضاف: «أرى أن مسار التغيير السلس بعد استقالة الحكومة، يقتضي رفض مقترح النظام الحالي واستبداله بإجراء مشاورات واسعة بين فعاليات المجتمع ونخبه، بنيّة الاتفاق على ملمح رئيس حكومة كفاءات، الذي يجب أن يكون شخصية مستقلة عن السلطة والمعارضة. وينبغي أن تسند لهذه الحكومة مهام تصريف الأعمال العادية، والإشراف على المرحلة الانتقالية، جوهرها عقد ندوة وطنية ذات استقلالية، ينبثق عنها قرار انتخاب مجلس تأسيسي، يُعدّ مشروع دستور جديد يكرّس التوازن بين السلطات لتفادي نظام رئاسي شمولي كما هو الأمر حالياً».
من جهته، قال حزب «الحركة الشعبية الجزائرية» الموالي للرئيس، في بيان، إن قرارات بوتفليقة «تستجيب لمطالب المسيرات الشعبية، وعلى رأسها عدول الرئيس عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة، وتغيير النظام السياسي».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.