الأمم المتحدة تطالب بتعزيز حضور الجيش اللبناني في الجنوب

عون شكا من معارضة إسرائيل ترسيم الحدود البحرية... والحريري أكد دعم «اليونيفيل»

الرئيس ميشال عون مستقبلاً وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومرافقيه أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومرافقيه أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الأمم المتحدة تطالب بتعزيز حضور الجيش اللبناني في الجنوب

الرئيس ميشال عون مستقبلاً وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومرافقيه أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومرافقيه أمس (دالاتي ونهرا)

تتطلع الأمم المتحدة إلى تفعيل حضور الجيش اللبناني جنوباً، وتطوير قدراته البحرية، بعد مرحلة الاستقرار في هذه المنطقة والتعاون بين الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام العاملة في الجنوب «يونيفيل»، في غياب أي مبادرة جديدة لترسيم الحدود البحرية التي تعدّ خارج مهمة هذه القوات.
وتعزز هذا التوجه خلال زيارة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا، الذي وصل إلى بيروت مطلع الأسبوع، والتقى أمس الرئيس اللبناني العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، وأعرب عن سروره لوجوده في لبنان وللتعاون القائم مع السلطات اللبنانية، ونقل عن رئيس الجمهورية دعم لبنان لقوات «اليونيفيل».
وقالت مصادر وزارية مواكبة للزيارة إن لاكروا أكد التزام الأمم المتحدة بتطبيق القرار 1701. وأشاد بالتعاون القائم بين الجيش اللبناني و«اليونيفيل»، مطالباً، بحسب المصادر، بتعزيز إضافي للجيش في منطقة الجنوب، كما أكد استمرار التدريب والقوة المشتركة الموجودة في الجنوب.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لاكروا «عبّر عن رغبة الأمم المتحدة بأن تتعزز مشاركة الجيش اللبناني في القوة البحرية التابعة لليونيفيل، كما تحدث عن ملف العلاقة مع الأهالي وسجل ارتياحه للتعاون القائم بين الطرفين».
وعلى الرغم من أنه لا ولاية لليونيفيل لترسيم الحدود الجنوبية البحرية، فإن عون فاتح لاكروا بملف ترسيمها في المنطقة الاقتصادية الخالصة، ونفت المصادر أن تكون هناك مبادرة جديدة بخصوص الحدود البحرية.
ونوه الرئيس عون، خلال استقباله لاكروا، بالتعاون الوثيق القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في الجنوب الذي يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية. وأبلغه عون أن «لبنان لا يزال يواجه معارضة إسرائيلية لترسيم الحدود البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، على رغم الاقتراحات التي قدمت في هذا الاتجاه»، لافتا إلى «ضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية».
وكان لاكروا، الذي رافقه في الزيارة قائد اليونيفيل في لبنان الجنرال ستيفانو دل كول وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، قد جدد تأكيد الأمم المتحدة «أهمية التعاون مع الحكومة اللبنانية في مختلف المجالات، لا سيما عمل اليونيفيل»، متمنيا أن «يتعزز هذا التعاون خصوصا بعد تشكيل الحكومة الجديدة»، مقدرا الدور الذي يلعبه الجيش في حفظ السلام على الحدود.
وأشار لاكروا إلى أنه تطرق مع عون إلى «التعاون بين السلطات اللبنانية وقوات الأمم المتحدة، وهي أساسية بالنسبة إلينا، خصوصا أننا نوجد في الجنوب اللبناني منذ عقود، ما ساهم في تهدئة الأوضاع رغم حصول بعض المشكلات التي نعالجها سويا مع السلطات اللبنانية، ولهذا السبب نعلق أهمية على هذا التعاون مع الدولة اللبنانية والسلطات المحلية في الجنوب ومع السكان أيضا، وهذا يسمح لنا باحترام وتنفيذ المهام المطلوبة منا وفق القرارات الدولية عبر حرية تحركنا والتعاطي مع الأحداث عند حصولها».
وتابع أن «هذا التعاون وبالأخص مع الجيش اللبناني، أفضى إلى إبقاء الوضع هادئا في الجنوب على الرغم من وجود بعض القضايا العالقة. وعبرنا عن سرورنا باستمرار هذا التعاون في ظل الحكومة الجديدة، ما يشكل فرصة لإعطاء دفع لمشروعات مهمة للبنان من خلال تعزيز وجود الجيش في المناطق التي تعمل فيها اليونيفيل، والعمل بشكل تدريجي على تعزيز القدرات البحرية اللبنانية بما يسمح بتحقيق مرحلة انتقالية للمهام في هذا المجال بين اليونيفيل والجيش. ونحن نقدر ما سمعناه اليوم من تجديد لدعم لبنان لليونيفيل والأمم المتحدة».
وانتقل الوفد من بعبدا إلى وزارة الخارجية حيث استقبله الوزير جبران باسيل. وقال لاكروا بعد الاجتماع: «نحن على تفاعل مع السكان في منطقة جنوب لبنان والسلطات المحلية ونحاول الحفاظ على الوضع الهادئ في منطقة عملنا وسنواصل دورنا الفاعل والداعم ونود أن نستمر في هذا التعاون الجيد مع السلطات اللبنانية، والذي شكل محور المحادثات التي نجريها ونتطلع إلى مواصلتها بعد تشكيل الحكومة الجديدة ما يشكل لنا فرصا جديدة للمضي قدما في عدد من المسائل المهمة بما في ذلك كيفية تعزيز وجود الجيش اللبناني في مناطق عملنا وكيفية تعزيز إمكانيات قوى البحرية اللبنانية ونرغب في أن يكون لنا دور داعم في هذا الإطار».
وفي القصر الحكومي قال لاكروا بعد لقاء الرئيس الحريري إن رئيس الحكومة «عبّر عن دعمه ودعم حكومته لليونيفيل». وقال «إننا نعمل في الجزء الجنوبي من لبنان، ونحن نعرف سكان هذه المنطقة جيداً فنحن نتعامل معهم ومع السلطات المحلية والسلطات الوطنية في لبنان وقوى الأمن اللبنانية والقوات المسلحة منذ عدة سنوات».
وأضاف: «هذا أمر أساسي للغاية بالنسبة لنا لأنه في حال لم يكن لدينا هذا التعاون، فإننا لن نتمكن من تنفيذ مهماتنا أو المساهمة في الحفاظ على هذا التعاون السلمي نسبياً. إن وجود حكومة جديدة في لبنان وإمكانية المضي قدماً في بعض المشروعات المهمة فيما يتعلق بتعزيز القوات المسلحة اللبنانية الموجودة في الجنوب، وتعزيز القدرة البحرية للقوات المسلحة اللبنانية، وإمكانية مواصلة النظر في زيادة عدد القوات اللبنانية في الجنوب، كل هذا مهم للغاية بالنسبة لنا لأننا نعمل مرة أخرى مع السلطات اللبنانية وقوات الأمن ونتطلع إلى القيام بالمزيد على هذ الصعيد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.