ماي تتكبد خسارة جديدة أمام البرلمان... والنواب يتجهون نحو التأجيل

طالبت مجلس العموم بتحديد مغزى أي تمديد محتمل

تيريزا ماي تخاطب مجلس العموم بعد الإعلان عن نتيجة التصويت أمس (رويترز)
تيريزا ماي تخاطب مجلس العموم بعد الإعلان عن نتيجة التصويت أمس (رويترز)
TT

ماي تتكبد خسارة جديدة أمام البرلمان... والنواب يتجهون نحو التأجيل

تيريزا ماي تخاطب مجلس العموم بعد الإعلان عن نتيجة التصويت أمس (رويترز)
تيريزا ماي تخاطب مجلس العموم بعد الإعلان عن نتيجة التصويت أمس (رويترز)

تعرّض اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي قدمته رئيسة الوزراء تيريزا ماي للتصويت للمرة الثانية، لهزيمة فادحة بـ149 صوتاً. وصوّت البرلمان ضد الاتفاق بغالبية 391 صوتاً مقابل 242، ما يعزز حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في البلاد.
ويستعد النواب البريطانيون للتصويت اليوم على خروج من دون اتفاق، وهو سيناريو لا يحظى بدعم الغالبية في مجلس العموم لما يحمله من مخاطر اقتصادية. ليليه تصويت على تأجيل موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، مساء الخميس.
ومباشرة بعد الإعلان عن نتيجة التصويت، خاطبت ماي النواب بصوت مبحوح ودعتهم إلى حسم خياراتهم قبل أسبوعين من موعد الخروج، المقرر في 29 مارس (آذار) المقبل. واعتبرت ماي أن تأجيل الخروج من الاتحاد الأوروبي لن يحلّ أزمة «بريكست»، وقالت: «الاتحاد الأوروبي سيسألنا عن مغزى هذا التمديد. ينبغي على هذا المجلس الإجابة على هذا السؤال. هل تودون إلغاء المادة 50 (مادة تفعيل الخروج من الأوروبي)؟ أم تودون تنظيم استفتاء ثانٍ؟ أم تودون الخروج باتفاق غير هذا الاتفاق؟»
في المقابل، حذّر الاتحاد الأوروبي من تداعيات تصويت أمس، وقال إنه «فعل كل ما كان بوسعه لمساعدة بريطانيا في التوصل إلى اتفاق». كما لفت إلى أن سيناريو خروج دون اتفاق أصبح أقرب.
وقبل التصويت بساعات، قامت ماي بمحاولة أخيرة لإقناع النواب بالتصويت لصالح الاتفاق، وقالت إن بريطانيا «يمكن أن تخسر بريكست» في حال التصويت ضد الاتفاق. وقالت أمام البرلمان: «ينبغي أن يدرك الراغبون حقاً في تحقيق بريكست أنه في حال عدم الموافقة على الاتفاق الليلة (ليلة أمس)، فإن هذا المجلس يخاطر بعدم تحقيق بريكست مطلقاً».
وأضافت أن «الخطر بالنسبة إلينا - نحن الراغبين - في تحقيق بريكست والحصول على ثقة الشعب البريطاني وتنفيذ ما صوّتوا له في استفتاء بريكست، هو خسارة بريكست في حال لم يتم التصويت بالموافقة على الخطة الليلة».
وكانت ماي توجهت، مساء الاثنين، إلى ستراسبورغ لانتزاع تنازلات من قادة الاتحاد الأوروبي، في محاولة أخيرة لكسب تأييد البرلمان البريطاني، في إحدى جلسات التصويت الأكثر أهمية له منذ عقود. وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية أنها حصلت على «تعديلات ملزمة قانونياً»، لطالما طالب بها النواب في مسألة الحدود مع آيرلندا.
لكن النائب العام البريطاني النافذ جيفري كوكس ناقض كلامها، وقال إن المحاذير القانونية في النقطة الأكثر خلافاً في اتفاق الانسحاب المكون من 585 صفحة الذي تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوروبي «لا تزال على حالها».
وتعرّض الاتفاق الأول الذي أبرمته ماي مع بروكسل إلى هزيمة ساحقة في البرلمان في يناير (كانون الثاني) مع تشكيل النواب المناهضين لـ«بريكست» والمدافعين عنه تحالفاً غير متوقع. وبدت هزيمة أمس متوقعة بعدما أعلنت مجموعة «الأبحاث الأوروبية» المؤيدة بشدة لـ«بريكست» في حزب ماي المحافظ، والحزب الوحدوي الديمقراطي الذي يوفّر لرئيسة الوزراء الغالبية التي تحتاج إليها في البرلمان عن رفضهما للاتفاق. كما انضمّ حزب العمال المعارض إلى هذين الطرفين، ودعا البرلمان إلى عدم التصويت لصالح خطة ماي.
وتسبب نشر كوكس لاستشارته القانونية بهبوط سعر الجنيه الإسترليني بعدما اتجه نحو الارتفاع في أعقاب إعلان ماي عن التعديلات التي تم إدخالها على اتفاق «بريكست». ويعارض أشدّ أنصار «بريكست» خطة «شبكة الأمان» بشأن الحدود مع آيرلندا، المصممة لتجنّب انهيار اتفاقات السلام بين آيرلندا وآيرلندا الشمالية.
وضغط هؤلاء على ماي لضمان حق بريطانيا في الانسحاب من الخطة أو تحديد مدتها. لكن بروكسل اعتبرت أنها ضرورية للمحافظة على حدود التكتل الخارجية بعد «بريكست».
وأفاد الحزب الوحدوي الديمقراطي، في بيان، أنه «لم يتم تحقيق تقدم كافٍ»، داعياً إلى «اتفاق منطقي». واعتبرت موافقة الحزب الوحدوي الديمقراطي مهمة للغاية لإقناع أعضاء حزب ماي بالتخفيف من حدة معارضتهم، فإما دعم الاتفاق وإما الامتناع عن التصويت.
ورغم أن عدداً قليلاً من النواب قالوا إنهم سيغيرون رأيهم نتيجة للتعديلات على الخطة، فإنه لا يوجد دليل على تغيير كبير في المواقف.
واتحد قادة الاتحاد الأوروبي خلف رسالة، مفادها أن هذا العرض هو الأفضل والأخير الذي يمكن لبريطانيا توقعه.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر: «لن تكون هناك فرصة ثالثة».
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فقالت، الثلاثاء، إن الاتحاد الأوروبي قدّم «اقتراحات واضحة وواسعة النطاق تأخذ في الاعتبار مخاوف بريطانيا العظمى وتقدم الحلول لها».
وستمهد هزيمة أخرى، الثلاثاء، لجلسات تصويت جديدة في البرلمان، تعهدت بها ماي، في محاولة للحفاظ على وحدة حكومتها المنقسمة.
وسيصوت النواب في جلسة بات عقدها أمراً مرجحاً، الأربعاء، على مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس دون أي اتفاق.
ويعد هذا الخيار محفوفاً بالمخاطر الاقتصادية، ولا يدعمه إلا أشد أنصار «بريكست».
وفي حال رفض النواب سيناريو الخروج من دون اتفاق، فسيتبع ذلك تصويت الخميس على طلب تأجيل من الاتحاد الأوروبي. وسيكون على باقي دول التكتل الـ27 دعم التأجيل بالإجماع، واتخاذ قرار بشأن مدته. وسيعقد قادة الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل في 21 و22 مارس. وسيتعين على أي تأجيل أن يكون قصير الأمد.
وأفاد يونكر أنه «يجب إكمال بريكست قبل الانتخابات الأوروبية» في نهاية مايو (أيار).



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.