العراقيون يستعيدون ذكرى تأسيس الجيش العراقي اليوم وسط أزمة سياسية حادة

الأكراد بين رافض للاحتفاء بالمناسبة ومطالب باستبدال «يوم البيشمركة» بها

أرشيفية لاستعراض سابق
أرشيفية لاستعراض سابق
TT

العراقيون يستعيدون ذكرى تأسيس الجيش العراقي اليوم وسط أزمة سياسية حادة

أرشيفية لاستعراض سابق
أرشيفية لاستعراض سابق

كانت البداية قبل 93 سنة مع فوج أطلق عليه الآباء المؤسسون للجيش العراقي آنذاك تسمية «فوج موسى الكاظم» تيمنا بالإمام السابع لدى الشيعة. لم يكن أي من أولئك الآباء المؤسسين (جعفر العسكري، ونوري السعيد، وياسين الهاشمي، وعبد المحسن السعدون.. وغيرهم) من الشيعة، بل كانوا جميعهم تقريبا ممن أطلق عليهم فيما بعد «الضباط الشريفيون» تيمنا بالملك فيصل الأول.
اليوم، وبعد 93 سنة وعدة معارك داخلية وحروب خارجية خاضها طوال هذا التاريخ، يجد الجيش العراقي نفسه أمام أزمة قد تبدو مختلفة بكل المقاييس. فطوال تاريخه الطويل كان جزءا لا يتجزأ من نظام سياسي واحد سواء في عهده الملكي أو في عهوده الجمهورية حتى عام 2003.. فهذا التاريخ شهد مأساتين معا؛ الأولى حل المؤسسة العسكرية بقرار من حاكم أجنبي محتل (الأميركي بول بريمر)، والثانية إعادة بنائه على الأسس نفسها التي بنيت عليها العملية السياسية التي تلت الاحتلال وهي المحاصصة العرقية والطائفية، وهو مما أدى بالتالي إلى خضوعه لشتى أنواع المساومات. وفي أول امتحان له في إطار ما بات يعرف بالحرب على الإرهاب، قدر له أن يخسر أحد قادته البارزين (قائد الفرقة السابعة اللواء الركن محمد الكروي في وكر مفخخ لتنظيم (داعش) في وادي حوران بصحراء الأنبار). ورغم الشكاوى التي ترفعها القيادات السياسية السنية بشأن ما تسميه الإخلال بالتوازن الوطني داخل مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة العسكرية وذلك بقلة ما هو موجود من قادة عسكريين كبار على مستوى قيادات الفرق والصنوف، فإن القائد الذي قتل في معركة وادي حوران قدر له أن يكون من السنة. على أثرها أطلق المالكي معركة ضد تنظيمات «داعش» تحت تسمية «ثأر القائد محمد». والآن وفي حين تدور معارك يشارك فيها رجال العشائر إلى جانب الجيش مرة وضده مرة أخرى لا سيما العشائر التي لا تزال لديها أزمة مع الحكومة، فإن المساومات وعمليات التسقيط السياسي لم توفر الجيش أيضا على الرغم من الدعوات لإبعاده عن هذا الجو السياسي المأزوم.
عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية شوان محمد طه يقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المطلوب من السياسيين عدم زج الجيش في الخلافات السياسية حتى لا تكرر مآسي الماضي، ولكن الأهم هو ألا يزج القادة العسكريون أنفسهم بالأمور السياسية (...) هناك من يخضع للضغوط السياسية تحت ذريعة الأوامر العسكرية».
من جانبه، يرى عدنان السراج، القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السياسيين يستغلون المشكلات والأزمات بطريقة غير صحيحة بما في ذلك الحديث عن التوازن الوطني؛ إذ نلاحظ الآن وبعد أن جرى إرسال قطعات عسكرية من المحافظات الجنوبية للقتال ضد (داعش) في الأنبار، تحدثوا عن الطائفية، حتى إن العديد من الجنود تعرضوا للقتل».
بدوره، دعا أسامة النجيفي، رئيس البرلمان، إلى إبعاد المؤسسة العسكرية عن الصراعات السياسية، وقال في بيان إن من المهم إبعاد الجيش عن «الفئوية والجهوية (...) وضرورة تطبيق المادة الدستورية التي تنص على أن تتكون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو إقصاء».
وفي إقليم كردستان، ورغم إعلان اليوم عطلة رسمية بالمناسبة، فإن الذكرى لا تثير في نفوس غالبية المواطنين سوى مشاعر سلبية، بل إن بعضهم يطالب بإلغاء هذه العطلة وإعلان يوم للبيشمركة.
الصحافي خليل بليي (34 سنة)، الذي فقد والده في حملات الأنفال التي بدأت رسميا عام 1983 في منطقة بارزان، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش العراقي وما فعله بالشعب الكردي سجل له ولكثيرين من أقاربه وأصدقائه ذكريات سيئة وحالة نفسية لا تحتمل.
بدوره، يرى شاسوار عبد الله (50 سنة)، الذي يعمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية في الإقليم، أن النظام السابق جعل جيشه «ندا للشعب واستقوى به، مما أوصلني إلى نتيجة وهي أن الإقليم يجب ألا يستذكر أي محطة في تاريخ هذا الجيش، لأن هذا التاريخ لا يحمل أي ذكرى جميلة».
من جهته، يقول عبد الغفور صالح (70 سنة) إنه قضى كثيرا من أيام شبابه في الجيش وكان يشعر دائما أن هذه المؤسسة «تشكلت لتكون في خلاف دائم مع الشعب وأن تنتهج معه سياسة الترهيب والترويع».
د. حبيب كركوكي، الأستاذ في قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة صلاح الدين في أربيل، يقول إن «للكرد ذكريات مرة مع الجيش العراقي، أن الجيش لم يكن وطنيا طوال تأسيسه؛ بل تابع للحكومة أو لحزب، مما أدى إلى أن يعاني الكرد من هذا الجيش».
من جهتها، طالبت برشنك (19 سنة)، وهي طالبة في قسم الإدارة القانونية بالمعهد الفني في أربيل، بيوم خاص للبيشمركة «بدلا من الاحتفاء بذكرى تأسيس جيش لم يقدم للشعب الكردي سوى المآسي التي لا يستطيع نسيانها».
يذكر أن وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان كانت قد عقدت في مايو (أيار) 2012 مؤتمرا لتحديد يوم للبيشمركة حضره مسعود بارزاني، رئيس الإقليم. وبين هلكورد ملا حكمت، مسؤول دائرة الإعلام والتوجيه في وزارة البيشمركة، أن بعض الصراعات الحزبية «أخرت الاتفاق على تسمية يوم معين للبيشمركة». وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا ضير أن تبقى عطلة عيد الجيش العراقي ضمن جدول العطلات الرسمية في إقليم كردستان مع وجود يوم للبيشمركة يستذكر فيه الكرد تاريخ هذه القوات التي دافعت عن الإقليم وحررته من الديكتاتورية».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».