الفلوجة تشهد نزوحا.. وتترقب هجوما عسكريا وشيكا

واشنطن تعد ما يجري «معركة الحكومة العراقية».. وطهران تعرض المساعدة

عائلة عراقية تغادر الفلوجة بعد اشتباكات عنيفة بين عناصر من {القاعدة} وقوات الجيش أمس (أ.ب)
عائلة عراقية تغادر الفلوجة بعد اشتباكات عنيفة بين عناصر من {القاعدة} وقوات الجيش أمس (أ.ب)
TT

الفلوجة تشهد نزوحا.. وتترقب هجوما عسكريا وشيكا

عائلة عراقية تغادر الفلوجة بعد اشتباكات عنيفة بين عناصر من {القاعدة} وقوات الجيش أمس (أ.ب)
عائلة عراقية تغادر الفلوجة بعد اشتباكات عنيفة بين عناصر من {القاعدة} وقوات الجيش أمس (أ.ب)

في حين أقر مجلس محافظة الأنبار بأن مدينة الفلوجة، ثاني كبرى مدن محافظة الأنبار، خارج نطاق سيطرة الحكومة المحلية أو المركزية فإنه أكد أن الوضع الأمني والإنساني في مدينة الرمادي، مركز المحافظة، بدأ بالتحسن.
وقال عذال الفهداوي، عضو مجلس المحافظة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة الفلوجة لا تزال تحت سيطرة (داعش) خصوصا داخل المدينة بينما الأطراف تحت سيطرة العشائر تقريبا». وردا على سؤال بشأن ما يتردد من أن العشائر هي التي تفرض سيطرتها على المدينة لكنها لا تريد دخول الجيش إليها، قال الفهداوي إن «هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق لأن العشائر لا تطرد الشرطة خارج المدينة ولا تقوم بحرق الدوائر والمؤسسات الحكومية ومنها دار القائمقامية، وكذلك المدارس ومراكز الشرطة، بل إن ما حصل هو عملية تخريب وتدمير واضحة لا يمكن أن يقوم بها رجال العشائر الذين يستعدون لمقاتلة (داعش) بمؤازرة الجيش العراقي لأن هذا الجيش جيش الوطن ومن حقه الدخول إلى أي مكان يراد حفظ الأمن فيه ومن بعدها يمكن التفاهم على أن يوجد داخل المدن من عدمه». وأشار الفهداوي إلى أن «التستر بالعشائر يراد منه التغطية على ما يجري في الفلوجة التي وصل الأمر فيها إلى حد إعلانها (ولاية إسلامية)»، مضيفا أن «أبناء العشائر يعدون العدة الآن لمقاتلة هذه التنظيمات الإرهابية سواء في الرمادي أو الفلوجة».
وبشأن حقيقة ما يجري الحديث عنه من نزوح العشرات من العائلات عن الرمادي والفلوجة، قال الفهداوي: «في الرمادي لا توجد أي عملية نزوح لكن في الفلوجة توجد مثل هذه العمليات في أطرافها، خصوصا في منطقة الكرمة وذلك بسبب القصف العسكري». ووصف الفهداوي الوضع الأمني في مدينة الرمادي بأنه «ماض نحو التحسن، إذ إن نحو 80 إلى 90 في المائة من المناطق في الرمادي هي تحت السيطرة الحكومية الكاملة، لكن هناك جيوبا وقناصين في بعض المناطق تجري معالجتها»، مضيفا أن «العمليات القتالية تجري حاليا خارج المدينة وبالذات في منطقة الجزيرة وقضاء الخالدية، حيث تدور معارك شرسة بين قوات (داعش) المزودة بأسلحة ممتازة ورجال العشائر الذين يقاتلون بأسلحة بسيطة بانتظار استكمال التعزيزات العسكرية خلال الفترة القريبة المقبلة».
بدورها أعلنت وزارة الدفاع العراقية أمس أن 55 من عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، بينهم القيادي «أبو دجانة»، قتلوا خلال العمليات المشتركة التي تنفذها في محافظة الأنبار منذ أيام. وقالت الوزارة في بيان لها إن «العمليات المشتركة التي تقوم بها القوات الأمنية والعشائر في قاطع عمليات الأنبار، أدت إلى مقتل 25 من عناصر (داعش) بينهم أبو دجانة، خلال عملية أمنية نفذتها في منطقة البوفراج، شمال الرمادي». وأضافت الوزارة أن «القوات الأمنية تمكنت ضمن العمليات العسكرية الجارية في قاطع عمليات الأنبار، خلال ضربة جوية دقيقة نفذتها في ضواحي الفلوجة، من قتل 30 عنصرا من تنظيم القاعدة الإرهابي».
من جهته، أعلن مسؤول حكومي أن القوات العراقية تستعد لشن «هجوم كبير» في مدينة الفلوجة.
وقال المسؤول الحكومي لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن «القوات العراقية تتهيأ لهجوم كبير في الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) وهي حتى الآن لم تنفذ سوى عمليات نوعية بواسطة القوات الخاصة ضد مواقع محددة». وأضاف: «الجيش حاليا ينتشر في مواقع خارج المدينة ليسمح للسكان بالنزوح إلى أماكن أخرى قبل شن الهجوم لسحق الإرهابيين»، رافضا تحديد موعد بدء الهجوم.
وخسرت القوات الأمنية العراقية السبت الفلوجة بعدما خرجت عن سيطرتها ووقعت في أيدي تنظيم داعش لتتحول من جديد إلى معقل للمتطرفين بعد ثمانية أعوام من الحربين الأميركيتين اللتين استهدفتا قمع التمرد فيها. وتشكل سيطرة تنظيم القاعدة على مركز مدينة الفلوجة حدثا استثنائيا نظرا إلى الرمزية الخاصة التي ترتديها هذه المدينة التي خاضت معركتين شرستين مع القوات الأميركية في عام 2004. وكان الهجوم الأميركي الأول الذي هدف إلى إخضاع التمرد السني في المدينة شهد فشلا ذريعا، ما حول الفلوجة سريعا إلى ملجأ لتنظيم القاعدة وحلفائه الذين تمكنوا من السيطرة وفرض أمر واقع فيها. وقتل في المعركة الثانية نحو ألفي مدني، إضافة إلى 140 جنديا أميركيا، فيما وصف بأنها المعركة الأقسى التي خاضتها القوات الأميركية منذ حرب فيتنام.
وفي هذا السياق، صرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، بأن الولايات المتحدة تساند العراق في جهوده ضد ناشطي «القاعدة»، لكنه شدد على «أنها معركة» الحكومة العراقية، في إشارة إلى أنها لن تتدخل بقوات. وقال كيري: «سنقف إلى جانب حكومة العراق التي تبذل جهودا (ضد القاعدة) (...) لكنها معركتها وهذا الأمر حددناه من قبل».
من جانبه، قال مظهر الجنابي، عضو البرلمان العراقي عن كتلة «متحدون» بزعامة رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «موقفنا من العمليات العسكرية وكذلك موقف رجال العشائر ضد الإرهاب واضح ولا لبس فيه ولا مزايدة، إذ إننا مع أي جهد حقيقي تقوم به الحكومة على هذا الصعيد، لكننا حيال أزمات متداخلة لا يمكن حلها في الإطار العسكري، وبالذات في محافظة الأنبار، حيث الناس كانوا قد خرجوا منذ سنة من أجل مطالب مشروعة، وبالتالي لا يجوز الخلط بين الأمرين، بل لا بد من الفرز حتى نتمكن من السير معا في طريق واحد لمحاربة الإرهاب دون تسقيط سياسي لا يستفيد منه أحد». وأوضح الجنابي أن «ملف الأنبار مقلق ويجب التعامل معه بحكمة؛ لأن نحو 95 في المائة من الناس هناك أو ربما أكثر هم من مكون معين (في إشارة إلى العرب السنة)، وبالتالي يجب الحذر والتعامل بحساسية، والأهم هو تحقيق مبدأ التوازن الوطني في المؤسسات المختلفة».
وفي تطورات أمنية أخرى، قُتل 15 شخصا وأصيب 40 آخرون بجروح في سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوة ناسفة ضربت بغداد، أمس، حسبما أفادت به مصادر أمنية. وأوضحت المصادر أن أكبر الهجمات وقعت في منطقة الشعب في شمال العاصمة، حيث قُتل تسعة أشخاص على الأقل وأصيب 26 بجروح في انفجار سيارتين مفخختين. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قُتل أيضا أربعة أشخاص على الأقل وأصيب عشرة بجروح في انفجار سيارة ثالثة في منطقة جميلة، بينما قُتل شخصان عل الأقل وأصيب خمسة بجروح في انفجار عبوة ناسفة في الميدان (وسط). وفي واقعة منفصلة، أوردتها وكالة «رويترز»، قالت الشرطة إن مسلحين أقاموا نقطة تفتيش مزيفة على الطريق الرئيس بين بغداد وكركوك، وقتلوا ستة سائقين في وقت متأخر من مساء أول من أمس قرب العظيم، على بعد 90 كيلومترا شمال بغداد.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.