«الكيانات السرية»... أذرع «الإخوان» لنشر الفوضى

TT

«الكيانات السرية»... أذرع «الإخوان» لنشر الفوضى

أكد تقرير مصري أن تنظيم «الإخوان»، بمختلف أذرعه، في أنحاء العالم، يعتمد على «تنظيمات وكيانات سرية» مسلحة تعمل تحت رايته، لتنفيذ عملياته التي لا يستطيع تنفيذها في العلن. وقال التقرير إن «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية تنظيماً إرهابياً، يظهر في العلن متشحاً بثياب الورع والدين والفضيلة، بينما في الخفاء يُعمل كياناته السرية المسلحة وأذرعه الإرهابية وخلاياه الإجرامية لتفجير وقتل الأبرياء وبث روح الفرقة والانشقاق بين الجميع، ما يكشف بكل وضوح مدى رهانه على القوة والعنف سبيلاً وحيداً لتطبيق برامجه والوصول إلى السلطة. في حين قال عمرو عبد المنعم، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، لـ«الشرق الأوسط»، إن تنظيم «الإخوان» على مدار تاريخه لم يعترف بأي عمل عنف، ويزعم أن «هذه الأفعال خارجة عنه، وأن من يقوم بالعنف هي حركات منشقة عنه».
وأكد مراقبون أن «نزعة العنف المتوافرة لدى (الإخوان) وجدت دائماً مسارات للتعبير عن نفسها عبر خلايا وتشكيلات اتخذت لنفسها أسماء مختلفة».
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، أول من أمس، مقتل 7 «إرهابيين» من حركة «حسم» التي تعتبرها السلطات أحد أذرع «الإخوان»، خلال اشتباكات مع قوات الأمن بمحافظة الجيزة، غرب القاهرة.
وقالت «الداخلية» إن «معلومات أفادت باتخاذ عناصر من (حسم) أوكاراً بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة، لتصنيع عبوات ناسفة وتنفيذ مخططاتهم الإرهابية، تزامناً مع دعوات أبواقها الإعلامية لأتباعها بإحداث فوضى داخل البلاد خلال الفترة الحالية».
وقال التقرير، الذي أعده «مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة» التابع لدار الإفتاء المصرية، إن تنظيم «الإخوان» ينتهج هذا النهج منذ تأسيسه على يد حسن البنا (مؤسس الإخوان) الذي ظهر بلباس الداعية، بينما كان قائد التنظيم السري عبد الرحمن السندي هو من يتولى الأعمال غير الشرعية، مشيراً إلى أن التنظيم ما زال متمسكاً بهذا الوجه المزدوج في اللعب على الساحة الدولية، وهو ما ظهر جلياً في العمليات الإرهابية التي نفذها عقب سقوطه السياسي المروع في مصر، وكذلك الأمر في تونس وليبيا وسوريا.
وأكد التقرير المصري أنه بعد كل إخفاق سياسي وفشل جماهيري يحيق بالتنظيم، تظهر تنظيماته السرية المسلحة، وذلك منذ الظهور الأول لجهاز «الإخوان» الخاص (التنظيم السري) في أربعينيات القرن العشرين، ثم ظهور حركات مثل «حسم»، و«لواء الثورة»، و«العقاب الثوري»، و«المقاومة الشعبية»، و«كتائب حلوان»، و«ولع».
وسبق أن رفعت شعار «حسم» (كف طويت إبهامه) مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب «الإخوان» بعد فض اعتصامين لأنصار التنظيم في ميداني «رابعة» بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، و«النهضة» بالجيزة في أغسطس (آب) عام 2013.
وأوضح تقرير الإفتاء أن الأمر لم يقتصر على مصر، بل امتد إلى مختلف الدول، حيث تم الكشف عن التنظيم المسلح لـ«حركة النهضة»، فرع «الإخوان» في تونس، وأثبتت الوثائق، التي قدمتها هيئة الدفاع التونسية، ضلوع «حركة النهضة» عبر تنظيمها الخاص في الاغتيالات وأحداث العنف التي شهدتها تونس منذ وصول «الإخوان» إلى السلطة، لافتاً إلى أن تنظيم «الإخوان» يحاول إخفاء حقيقته الإرهابية وانتهاجه العنف بالتبرؤ ممن انتهجوا العنف من أفراده، والادعاء دائماً أنهم لم يستطيعوا التأقلم مع فلسفة ورؤية التنظيم، وهم فئة منشقة أو غير تابعين لـ«الإخوان»، وهو أمر لا يعبر عن قناعات «الإخوان» الحقيقية، بل هو إعادة تدوير لخطاب حسن البنا القديم.
يُشار إلى أنه من واقع اعترافات عناصر «حسم» في سجلات النيابة العامة بمصر، تم الكشف عن أن عناصر الحركة اتفقوا مع قيادات من «الإخوان» في الخارج، لإخضاعهم لتدريبات عسكرية متقدمة على استعمال الأسلحة النارية المتطورة وتصنيع العبوات المتفجرة شديدة الانفجار.
من جانبه، قال عبد المنعم إن تنظيم «الإخوان» لم يعلن موقفاً واضحاً من «حسم» و«لواء الثورة»، ولم يقدم إلى السلطة المصرية أوراق هذه التنظيمات، حتى ينفي عنه صفة الإرهاب والعنف. في الصدد ذاته حذر التقرير المصري من أساليب التنظيم الملتوية في تشتيت الرأي العام، من خلال تنفيذ الأعمال الإرهابية عبر أذرعه، ثم التبرؤ من العنف، وإلقاء اللوم على بعض المنشقين عن التنظيم، وهذا الأمر في حد ذاته يؤكد ضلوع التنظيم في العمليات الإرهابية في مصر وتونس.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.