خسارة باريس سان جيرمان درس عن التأثير السلبي للأموال والغطرسة

التعالي هيمن على أداء الفريق الفرنسي بأكمله أمام مانشستر يونايتد

ماركينيوس لاعب سان جيرمان تعامل باستعلاء طوال المواجهة أمام يونايتد (إ.ب.أ)
ماركينيوس لاعب سان جيرمان تعامل باستعلاء طوال المواجهة أمام يونايتد (إ.ب.أ)
TT

خسارة باريس سان جيرمان درس عن التأثير السلبي للأموال والغطرسة

ماركينيوس لاعب سان جيرمان تعامل باستعلاء طوال المواجهة أمام يونايتد (إ.ب.أ)
ماركينيوس لاعب سان جيرمان تعامل باستعلاء طوال المواجهة أمام يونايتد (إ.ب.أ)

أثبت المباريات الأخيرة في دوري أبطال أوروبا مرة أخرى، أن الأموال ليست كل شيء في عالم كرة القدم. ورغم أن الأمور قد باتت شبه محسومة في الدوريات المحلية في كل من إيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، فإن ما حدث في مباريات الأسبوع الحالي في دوري أبطال أوروبا قد أكد أن كرة القدم الجريئة والمثيرة يمكن أن تتفوق على الغطرسة والغرور والأموال، وأنه ما زال من الممكن الانتصار في الحرب ضد الجشع.
وأطاح أياكس أمستردام الهولندي بنادي ريال مدريد، حامل اللقب آخر ثلاث بطولات، في الوقت الذي حقق فيه مانشستر يونايتد عودة «ريمونتادا» كبيرة، والفوز على باريس سان جيرمان بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد على ملعب «حديقة الأمراء» معقل الفريق الفرنسي، لكي يصعد «الشياطين الحمر» إلى دور الثمانية بمجموع مباراتي الذهاب والعودة، رغم الخسارة في المباراة الأولى بهدفين دون رد على ملعب «أولد ترافورد».
ورغم كل ذلك، فإن خروج باريس سان جيرمان من البطولة لا يزال مشهداً غير عادي، كما يعد درساً كبيراً للتأثير السلبي للأموال والشعور بالغرور والغطرسة. وقد ظهرت بعض الإشارات خلال الموسم الحالي على أن المدير الفني الألماني توماس توخيل قد حول النادي الباريسي إلى فريق جيد، وليس مجرد فريق يضم كوكبة من اللاعبين الجيدين القادرين على حسم الأمور في الدوري الفرنسي الممتاز بسبب ضعف المنافسة، لكنه حوّله إلى فريق قادر على مقارعة الكبار في أكبر المحافل الكروية.
وفي الحقيقة، كان الفارق واضحاً للغاية بين المستوى الهزيل الذي قدمه الفريق على ملعب «آنفيلد» أمام ليفربول عندما خسر بثلاثة أهداف مقابل هدفين، وكان محظوظاً بالخروج بهذه النتيجة، وبين ما قدمه في الجولة الأولى لدور الستة عشر أمام مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد». ربما يكون باريس سان جيرمان قد استفاد من غياب نيمار بسبب الإصابة. صحيح أن نيمار لاعب موهوب للغاية، لكنه يلعب بفردية كبيرة على حساب جماعية الفريق. وعندما يشارك اللاعب البرازيلي في المباريات، لا يكون هناك ضمان للترابط الخططي والتكتيكي داخل الملعب. ورغم أن هناك بعض الفرق المدججة بالنجوم التي يمكنها التغلب على هذا الأمر، مثل ريال مدريد والإنجازات التي حققها في دوري أبطال أوروبا خلال المواسم الثلاثة السابقة، فإن هذا الأمر يشكل عائقاً كبيراً أمام باريس سان جيرمان، الذي كان محظوظاً للغاية أمام نابولي في مباراتي الذهاب والعودة في دور المجموعات.
إن الصفات والمقومات التي جعلت باريس سان جيرمان يتفوق على مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» قد ظهرت مرة أخرى في أول نصف ساعة من المباراة الثانية على ملعب «حديقة الأمراء». ويمكن القول إن الجناح الأرجنتيني أنخيل دي ماريا هو الأفضل في العالم من حيث الانطلاق بالكرة واتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بتوقيت الركض بالكرة وتوقيت تمريرها. وقد تعاون بشكل مثمر للغاية مع خوان بيرنات وتسببا في مشكلات كبيرة لمدافع يونايتد إيريك بايلي، الذي لعب في مركز الظهير الأيمن بشكل غير معتاد بالنسبة له، قبل أن يخرج من الملعب بسبب الإصابة قبل نهاية الشوط الأول بتسع دقائق. وبدأ كل من ماركينيوس وماركو فيراتي المباراة بشكل رائع في خط الوسط، كما كان الجناح الفرنسي الشاب كيليان مبابي ينطلق بسرعة مذهلة.
وقد نجح الفريق في التحول من اللعب بثلاثة لاعبين في الخط الخلفي إلى اللعب بأربعة مدافعين؛ وهو الأمر الذي يعكس التأثير الكبير الذي تركه توخيل على الفريق. وخلال الموسم الحالي الذي شهد معاناة الكثير من الفرق الكبرى في أوروبا، كان الوقت يبدو مناسباً لباريس سان جيرمان لكي يحصل على لقب دوري أبطال أوروبا، وبخاصة أن النادي الباريسي قد أنفق مليار جنيه إسترليني للفوز بهذا اللقب خلال السنوات الثماني الماضية. وفي الحقيقة، كان هذا الأمر يبدو ممكناً، حتى قبل المباراة الأولى أمام مانشستر يونايتد.
وقد حقق باريس سان جيرمان الفوز في المباراة الأولى خارج ملعبه بهدفين دون رد. ولم يخرج أي نادٍ من بطولة دوري أبطال أوروبا بعد تحقيق هذه النتيجة في المباراة الأولى. وعلاوة على ذلك، خاض النادي الفرنسي المباراة الثانية بينما كان مانشستر يونايتد محروماً من خدمات 10 لاعبين، وكانت مقاعد البدلاء تعج باللاعبين الشباب. ومع بداية المباراة الثانية، كان الجميع ينتظر أن يعتمد النادي الفرنسي على الدفاع ولعب الهجمات المرتدة السريعة لكي يستغل السرعات الكبيرة لدي ماريا ومبابي، كما كان الحال في المباراة الأولى في «أولد ترافورد». لكن باريس سان جيرمان خسر المباراة على أرضه وبين جمهوره وودّع المسابقة الأقوى في القارة العجوز مرة أخرى.
ومن الممكن أن نقول إن ما حدث يعود في الأساس إلى التفوق الخططي والتكتيكي من جانب المدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير، الذي نجح في قيادة فريقه للعودة بهذه الطريقة الرائعة. لكن يجب الإشارة أيضاً إلى أن باريس سان جيرمان في تلك المباراة كان يمثل عكس كل الصفات الجيدة التي تحلى بها سولسكاير. لقد أظهر المدير الفني النرويجي أنه يتحلى بالمرح والولاء والرغبة الكبيرة في القيام بعمله على أكمل وجه حتى لو واجه إحباطاً كبيراً، في الوقت الذي كان يقوم فيه بكل ذلك أمام فريق تسيطر عليه الأموال والغطرسة والغرور.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يفعل فيها باريس سان جيرمان هذا الأمر، وما زلنا نتذكر جميعاً كيف سحق الفريق الباريسي نادي برشلونة الإسبانية برباعية نظيفة على ملعب «حديقة الأمراء» في الدور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا عام 2017، واعتقد الجميع أن النادي الفرنسي قد وضع قدمه في دور الثمانية بعد هذه النتيجة الثقيلة. لكن الفريق فاجأ الجميع وخسر بستة أهداف مقابل هدف وحيد في ملعب «كامب نو» وخرج من البطولة.
وبعد ثوانٍ قليلة من بداية المباراة، عرقل أندرياس بيريرا داني ألفيش لاعب باريس سان جيرمان. ورغم أن التدخل لم يكن عنيفاً، لكننا رأينا ألفيش يقوم بسرعة ويشيح بيديه ويهز رأسه، وكأنه يريد أن يبعث برسالة للاعبي مانشستر يونايتد بأنه لا يتعين عليهم أن يلعبوا بهذه الطريقة أمام نجوم باريس سان جيرمان!
وقد هيمنت هذه الروح المتعالية على أداء النادي الفرنسي بأكمله، وتكررت عندما رفض ماركينيوس مصافحة لاعب وسط مانشستر يونايتد سكوت ماكتوميني. وظهرت هذه الروح المتعالية كثيراً في ردود الأفعال المفتعلة والزائدة وادعاء السقوط من جانب لاعبي باريس سان جيرمان. وظهرت أيضاً عندما قاد مدافع باريس سان جيرمان تياغو سيلفا مجموعة من اللاعبين للتوسل إلى حكم اللقاء، دامر سكومينا، لإلغاء قراره باحتساب ركلة الجزاء التي أوقفت المباراة بسببها لمدة خمس دقائق.
وقد تجلت هذه الروح المتعالية أيضاً في تصريحات نيمار على «إنستغرام» بعد المباراة، التي انتقد فيها التحكيم. كل هذه الأمور تظهر أن هؤلاء اللاعبين ليست لديهم الروح القتالية التي تمكنهم من الفوز في المعارك الكروية الكبرى. وكان تأثير ذلك الأمر واضحاً على لاعبي الفريق، فظهر تيلو كيهرر متوتراً للغاية، بالشكل نفسه الذي كان عليه بريسنيل كيمبيمبي في المباراة الأولى. صحيح أن مانشستر يونايتد لم يتقدم كثيراً في النواحي الهجومية، لكن عندما كان يفعل ذلك كان يبدو الذعر واضحاً على مدافعي باريس سان جيرمان. ربما يمكن تفهم هذا الأمر؛ لأن لاعبي باريس سان جيرمان لم يعتادوا اللعب على الدفاع، لأنهم تعودوا على سحق الأندية في الدوري الفرنسي الممتاز ولا يضطرون إلى مواجهة هذه الظروف من الأساس.
وربما يتمكن باريس سان جيرمان من الفوز بدوري أبطال أوروبا خلال السنوات المقبلة، وقد تمكنهم الأموال الطائلة من التعاقد مع أفضل اللاعبين في العالم لتحقيق هذا الهدف المنشود. وفي الوقت الحالي، قد يكون نيمار هو المذنب الأكثر وضوحاً، لكنه ليس سوى جزء من ثقافة التعالي والغطرسة التي تسيطر على الفريق.


مقالات ذات صلة

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

رياضة سعودية السعودية سجلت نفسها وجهة عالمية للأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

خلال الأعوام العشرة المقبلة، ستكون السعودية على موعد مع استضافة كأس آسيا 2027، ومن ثم استضافة كأس العالم 2034، واستضافة دورة الألعاب الآسيوية «آسياد 2034».

فهد العيسى (الرياض)
رياضة عالمية الألماني هانز فليك مدرب برشلونة (إ.ب.أ)

فليك: تركيز برشلونة ينصب على ليغانيس

قال هانز فليك، مدرب برشلونة، السبت، إن فريقه يوجه كل تركيزه إلى مباراة ليغانيس المقررة الأحد.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: لو نورمان سيحصل على فرصة المشاركة مع أتلتيكو

قال دييغو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، السبت، إن روبن لو نورمان سيحصل على فرصة اللعب لفترات أطول.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية الإسباني لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي (أ.ف.ب)

إنريكي: أقدّم أفضل موسم في مسيرتي

أصر الإسباني لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي، السبت، على أنّ الأرقام تؤكد أنّه يخوض «الموسم الأفضل» في مسيرته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان يواصل مهاجمة لاعبيه (أ.ف.ب)

فونسيكا: على لاعبي ميلان الارتقاء لمستوى النادي العريق

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، اليوم (السبت)، إن لاعبي الفريق بحاجة إلى تحسين نهجهم وموقفهم والارتقاء إلى مستوى التاريخ العريق للنادي.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.