الأحساء السعودية تستنهض الشعر والنخيل في الاحتفال بها عاصمة للسياحة العربية

إرث حضاري كبير وموارد طبيعية تمتلكها المحافظة

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية خلال رعايته حفل الأحساء لاختيارها عاصمة للسياحة الذي نظمته «المنظمة العربية للسياحة» (واس)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية خلال رعايته حفل الأحساء لاختيارها عاصمة للسياحة الذي نظمته «المنظمة العربية للسياحة» (واس)
TT

الأحساء السعودية تستنهض الشعر والنخيل في الاحتفال بها عاصمة للسياحة العربية

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية خلال رعايته حفل الأحساء لاختيارها عاصمة للسياحة الذي نظمته «المنظمة العربية للسياحة» (واس)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية خلال رعايته حفل الأحساء لاختيارها عاصمة للسياحة الذي نظمته «المنظمة العربية للسياحة» (واس)

دشنت محافظة الأحساء في شرق السعودية، مكاناً بارزاً لها على خريطة السياحة العربية، بعد أن احتفلت باختيارها عاصمة للسياحة العربية 2019 في حفل نظمته المنظمة العربية للسياحة، بحضور الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية، والأمير بدر بن محمد بن جلوي محافظ الأحساء.
وجاء الحفل يتوّج مشواراً من الإنجاز سطّرته الأحساء، كان أبرزه انضمامها في يوليو (تموز) 2018 إلى قائمة التراث العالمي لـ«اليونيسكو»، وفي فبراير (شباط) 2019 تم تحويل «بحيرة الأصفر» التي تعتبر أكبر تجمع مائي وسط الكثبان الرملية في منطقة الخليج، إلى محمية طبيعية.
وشهد الحفل تقديم أوبريت «الأحساء بعيون عربية»، وقصيدة «أسميك أمي» للشاعر جاسم الصحيّح، ويجسد الأوبريت 6 شخصيات، بينها «الرحّالة ابن بطوطة، والشاعر والسفير الدكتور غازي القصيبي، والدكتور إحسان عباس»، بإشراف جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، كما شاركت في الحفّل مجموعة من الفرق الاستعراضية التي تشكل موروث كل من بلاد المغرب العربي والشام ومصر، وكذلك الأحساء.
وفي حفل اختيار الأحساء عاصمة للسياحة العربية، أكد الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، أن الأحساء جديرة بهذا الاختيار، للمقومات السياحية التي تمتلكها، ولما لها من إرث حضاري ثقافي منذ عصور قديمة، فهي من أكبر وأشهر واحات النخيل الطبيعية في العالم؛ إذ إنها تحتضن أكثر من 3 ملايين نخلة منتجة لأجود أنواع التمور، وغير ذلك من المنتجات الزراعية، والحرف التراثية، والمنسوجات الحضارية المتميزة.
وأشار بندر آل فهيد رئيس منظمة السياحة العربية، في كلمته، إلى «أن أبرز المعايير التي اجتازتها الأحساء لتتويجها عاصمة، البنية التحتية للسياحة، والحفاظ على البيئة وحمايتها، وتنوع الأنماط والأنشطة السياحية، والموارد السياحية، والاستجابة للمستجدات السياحية التي تدل على مدى اهتمام المدينة بالسياحة، والإرث الحضاري والتاريخي، والنتائج المرجوة من السياحة بالمدن، والاستقرار، والتي تأتي ضمن برنامج اختيار عاصمة السياحة العربية، الذي يعد أحد أهداف المنظمة، التي اعتمدت وأقرت من قبل المجلس الوزاري العربي للسياحة، لإيجاد التنافس بين المدن العربية، لتنميتها وتطويرها ولتنشيط السياحة البيئية العربية، لمواجهة ظروف المنافسة المحلية والدولية، من خلال رفع مستوى جودة الخدمات السياحية في المدن».
وأضاف أن الهدف من منح لقب عاصمة السياحة العربية هو تسليط الضوء على المدينة الفائزة بما تحتويه من إمكانات سياحية وتراثية وحضارية، تسمح لها بدفع عجلة قطاع السياحة؛ حيث إن العاصمة التي يتم اختيارها تعمل معها المنظمة لتنفيذ كثير من الفعاليات والبرامج والأنشطة، لتحقق كثير من العوائد الاقتصادية، من خلال زيادة عدد السياح إليها، التي تصل إلى نسب تتراوح ما بين 25 و30 في المائة، يتم استقطابهم من خلال إقامة المهرجانات والفعاليات المصاحبة لهذا الحدث.
وكانت الأحساء قد احتفلت في يوليو 2018 بانضمام «واحة الأحساء» إلى قائمة التراث العالمي لـ«اليونيسكو».
وفي فبراير 2019 أصدر وزير البيئة والمياه والزراعة قراراً بتحويل «بحيرة الأصفر» التي تقع إلى الشرق من محافظة الأحساء إلى محمية طبيعية، في خطوة مهمة للحفاظ على البحيرة مكوناً طبيعياً من مكونات الأحساء، والحفاظ على دورها البيئي. وهي تعتبر أكبر تجمع مائي وسط الكثبان الرملية في منطقة الخليج، وكانت تسمى البحيرة في الفترات السابقة ببحيرة هجر.
وتحفل الأحساء بكثير من المواقع التراثية والأثرية، بينها جبل القارة، أبرز المعالم السياحية الطبيعية في الأحساء، وأكثر المواقع التاريخية شهرة، بالإضافة إلى وادي صبصب الأخضر، وبحيرة الأصفر، وجبل الأربع، وجبل الملح الكبير، ومسجد جواثا التاريخي، وسجن البارون العثماني، وقصر إبراهيم الشهير، ومسجد القبة الذي يقع في الركن الجنوبي الغربي للقصر، وقصر المجصة جنوب بلدة الطرف، وقصر «صاهود» في مدينة المبرز.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».