قصص إيذاء النساء تُلهم فنانة مصرية أفكاراً موسيقية

أطلقت «هاشتاغ» لدعمهن في اليوم العالمي للمرأة

الفنانة المصرية داليا يونس
الفنانة المصرية داليا يونس
TT

قصص إيذاء النساء تُلهم فنانة مصرية أفكاراً موسيقية

الفنانة المصرية داليا يونس
الفنانة المصرية داليا يونس

استلهمت الفنانة المصرية، داليا يونس، أفكاراً موسيقية، من قصص معاناة واقعية لسيدات مصريات، للتعبير عنهن في عمل غنائي جديد. تؤمن داليا بأن الغناء يعد من أهم وسائل التعبير عن المشاعر والأفكار الواقعية والاجتماعية، وإن تم تفريغه من هذا الهدف سيصبح هشاً وبعيداً عن الواقع، ومن هنا جاءت فكرة «مضربنيش لكن» لتكون لساناً يروي مئات القصص، لنساء تعرضن للإيذاء العاطفي الذي قد يترك أثراً أكبر من ألم الإيذاء الجسدي.
ونجحت داليا يونس، في الوصول لنساء كُثر تعرضن للإيذاء العاطفي، أرسلن قصصهن بشكل مجهول عبر حساباتهن الشخصية باستخدام هاشتاغ (# مضربنيش_لكن). وتتوقف الحملة في اليوم العالمي للمرأة، اليوم الجمعة 8 مارس (آذار) ، لتبدأ داليا الجزء الثاني من مشروعها، وهو تحويل هذه القصص الواقعية إلى عمل غنائي تقوم بكتابة كلماته بنفسها، والمشاركة في غنائه.
قصة داليا لم تبدأ من اليوم العالمي للمرأة لهذا العام، لكن بدأت في عام 2016 وربما قبل ذلك ببضع سنوات، تحديداً عندما قررت الابتعاد عن مجال الطب، بعد انتهاء دراستها للطب في جامعة عين شمس، بالقاهرة، لأنها لم ترَ نفسها جزءاً من هذا المجال، تركت سنوات الدراسة وراء ظهرها، واستمعت إلى صوت شغفها فقط.
تقول داليا لـ«الشرق الأوسط»: «بعد تخرجي في كلية الطب وحصولي على رخصة مزاولة المهنة، قررت ألا أكمل حياتي في مجال لا يثير شغفي، وبدأت أبحث عن مهاراتي الأخرى لأنطلق منها، ولأني مغرمة بمجال الكتابة اتجهت إلى دراسة صناعة المحتوى، وبالفعل بدأت كتابة إعلانات توعية، ثم انطلقت في مجالات إعلامية أخرى، حتى حصلت على ماجستير إدارة الأعمال، تخصص التسويق الدولي من جامعة ESLSCA الفرنسية».
تركت داليا الطب، قبل توجهها نحو صناعة المحتوى، ثم استجابت لشغفها الأقوى وهو الفن، والغناء وكتابة الأغاني والتوزيع الموسيقي. تقول داليا يونس، التي تطلق على نفسها فنانة مستقلة لأنها لا تتبع أي جهة إنتاجية كما أنها لا تتكسب عائداً مادياً من عملها: «فكرة الغناء جاءت في عام 2016 بعد مروري بتجربة شخصية مؤلمة، شعرت وقتها بأن جزءاً بداخلي أصبح فارغاً. كان الغناء بالنسبة لي في ذلك الوقت وسيلة لتخطي تجربة إنسانية مؤلمة». مضيفة: «أعتبر الغناء وسيلة للتعبير، لا تقتصر على أصحاب الموهبة فحسب، بينما هي نشاط إنساني حر».
بعد مشاركتها في مشروع كورال الجامعة الألمانية بالقاهرة، اكتشفت أن لديها موهبة الغناء الفردي، وقررت أن تبدأ حلماً جديداً ولكن بطريقة غير تقليدية، ولم تبحث داليا عن منتج غنائي ليدعمها بينما أخذت على عاتقها مهمة تحويل الغناء إلى مشروع مجتمعي. وأطلقت 4 مشروعات غنائية، «قعدة غُنا»، و«أغاني النوم»، و« كلاكسكيات »، و«الموسيقى المقدسة».
وعن أهم مشروعاتها الفنية تقول: «(كلاكسكيات) كلمة مركبة من (كلاكس) و(كلاسيك)، وفكرة المشروع تدور حول استخدام فن الأكابيلا (أحد فنون الغناء الكلاسيكي المميزة الذي يعتمد على الأصوات البشرية بدلاً من الآلات لإنتاج الموسيقى) في غناء أغانٍ شعبية معروفة أو مكتوبة خصيصاً لتعبر عن الناس العادية، لتؤكد أن الغناء الكلاسيكي قادر على التعبير عن كل الطبقات الاجتماعية وليس حكراً على الطبقة المثقفة».
أما مشروع «قعدة غُنا» فتعتبره داليا مساحة حُرة للتعبير عن النفس من خلال الفن، وتقول: «الجمهور المستهدف هم الأشخاص الذين لا يمتلكون الموهبة أو الصوت الجيد، فالهدف الحقيقي وراء هذه (القعدة) تشجيع الحضور على التعبير عن أنفسهم بالغناء لأنه نشاط إنساني للتعبير عن النفس قبل أن يكون نشاطاً فنياً».
إلى ذلك، قالت داليا عن مشروع «الموسيقى المقدسة»: «لدي اهتمام كبير بالموسيقى المقدسة sacred music في الأديان المختلفة، خاصة بعد أن استمعت لترنيمة أدتها فيروز في كنيسة في بيروت، ومن وقتها بدأت في استكشاف الترانيم المسيحية وحفظ بعض منها، وتضيف: «لا أرى تعارضاً بين حبي لأداء بعض الترانيم وقناعاتي الدينية».
أما «أغاني النوم» والتي كانت بمثابة لفتة من أم، قررت التعبير عن حبها لطفلها الوحيد، فتقول عنها: «لاحظت أن ابني أنس وهو في عمر 6 أشهر لديه ذوق موسيقي، لذلك قررت أن أسجل له بعض الأغاني بصوتي لتساعده على النوم في غيابي». فكرت داليا في نشر الأغاني وإتاحتها للأمهات، خاصة أنها تعتمد على أسلوب معين في الغناء يساعد على الاسترخاء والنوم، وبعد نجاح التجربة قررت تطوير المحتوى، فقدمت أغنية للحروف الأبجدية العربية على نفس لحن أغنية الأبجدية الإنجليزية حتى يسهل حفظها على الأطفال الذين يتلقون تعليماً دولياً.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي مصرف سوريا المركزي (متداولة)

سوريا: تكليف امرأة بمنصب حاكم المصرف المركزي لأول مرة

أكدت مصادر سورية، اليوم الاثنين، تكليف ميساء صابرين لتكون أول امرأة بمنصب حاكم مصرف سوريا المركزي، في خطوة تُعد سابقة بتاريخ المصرف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي امرأة شابة تلتقط صورة بعلم «الثورة» السورية في دمشق (أ.ب)

تصريحات مسؤولة في الإدارة السورية الجديدة حول المرأة تثير جدلاً

أثارت تصريحات أدلت بها مديرة مكتب شؤون المرأة في الإدارة السورية الجديدة حول النساء جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقادات من المجتمع المدني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا منظر للنوافذ في المباني السكنية بالعاصمة الأفغانية كابل (إ.ب.أ)

«طالبان» تمنع النوافذ المطلة على أماكن تجلس فيها النساء

أمر المرشد الأعلى لـ«طالبان» بإغلاق النوافذ التي تطل على أماكن تجلس فيها النساء الأفغانيات وبالتوقف عن إنشائها في المباني الجديدة.

«الشرق الأوسط» (كابل)
صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».