برّي يحتج على اختيار القضاة الأعضاء في «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»

TT

برّي يحتج على اختيار القضاة الأعضاء في «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»

اجتاز البرلمان اللبناني بسهولة امتحان انتخاب 7 أعضاء لـ«المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، يمثلون الكتل الأساسية، وهم النواب: جورج عقيص (القوات اللبنانية)، وعلي عمار (حزب الله)، وفيصل الصايغ (الحزب التقدمي الاشتراكي)، وجورج عطا الله (التيار الوطني الحرّ)، وسمير الجسر (تيار المستقبل)، وإلياس حنكش (حزب الكتائب)، وأغوب بقردونيان (حزب الطاشناق وكتلة نواب الأرمن)، في حين فاز بالتزكية الأعضاء الاحتياطيون النواب: سليم عون، ورولا الطبش، وعلي عسيران.
ومع انتخاب النواب الأعضاء، كان يفترض أن تكتمل هيئة «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، إلا إن اعتراض رئيس مجلس النواب نبيه برّي على آلية اختيار القضاة الأعضاء في هذا المجلس قد تؤخر استكمال عقده لبضعة أيام، بعدما طلب بري «إعادة النظر في اختيار القضاة بعيداً عن التوازنات الطائفية والمذهبية، وذلك بعدما تبين وجود مخالفتين في آلية الاختيار».
وأثار موقف برّي استغراب مراجع قضائية، حيث رفض رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد (وهو رئيس المجلس الأعلى) التعليق على طلب برّي إعادة النظر في اختيار القضاة الأعضاء، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه ينتظر «وصول كتاب من المجلس النيابي، والاطلاع على التحفظات، لتجتمع عندها الهيئة العامة لمحكمة التمييز وتدرس مضمون الكتاب، وتتخذ القرار المناسب».
الاستياء الذي ساد أوساط السلطة القضائية له ما يبرره بحسب أوساط قصر العدل في بيروت؛ إذ سأل مصدر قضائي: «أين تكمن المخالفات في آلية الاختيار التي تحدث عنها المجلس النيابي». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الهيئة العامة لمحكمة التمييز اتبعت الأسس نفسها التي اتبعها رؤساء مجلس القضاء الأعلى السابقون، وهي أن هذه الهيئة المؤلفة من رؤساء محاكم التمييز هي التي تختار القضاة الأعضاء». وقال: «المادة الثانية من القانون الخاص بأصول المحاكمات أمام (المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء) تنص على أن محكمة التمييز بجميع غرفها، تسمّي القضاة العدليين الثمانية، كما أن المادة 80 تنص على اختيار هؤلاء القضاة الأعلى رتبة حسب درجات التسلسل القضائي بمن فيهم الرئيس، وتسمّي ثلاثة قضاة عدليين احتياطيين وفق الأصول والشروط ذاتها».
ولفت المصدر القضائي إلى أن «عملية اختيار القضاة الأعضاء جاءت منسجمة مع النصوص القانونية والدستورية، التي اتبعت عند تعيين أعضاء للمجلس لثلاث مرات سابقة». ورفض الحديث عمّا إذا كان «سيطرأ تعديل على اختيار القضاة»، عادّاً أن «هذا القرار تتخذه الهيئة العامة لمحكمة التمييز، عندما تناقش الكتاب الذي سيردها من رئيس المجلس النيابي».
لكنّ عضو «كتلة المستقبل» النائبة رولا الطبش، أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «اعتراض رئيس مجلس النواب على اختيار القضاة الأعضاء سببه عدم اعتماد التسلسل القضائي والتراتبية الأعلى، والاستناد إلى معيار التوازن الطائفي». ولفتت إلى أن «هذا الأمر يتعارض مع النصوص القانونية والدستورية، وإذا كان معيار اعتمد خطأ في السابق، فيجب تجنبه الآن»، مشيرة إلى أن «المجلس النيابي لم ينتخب أعضاءه على أساس التوازن الطائفي؛ بل جاء بالاقتراع السري».
وكانت السلطة القضائية سمّت أعضاءها الثمانية للمجلس، وهم الرئيس الأول لمحكمة التمييز القاضي جان فهد (رئيس المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء)، والقضاة: جوزيف سماحة، وميشال طرزي، وكلود كرم، وسهير الحركة، وجمال الحجار، وعفيف الحكيم، ورولا جدايل. كما جرى اختيار المدعي العام لدى المجلس النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، ومساعدين له هما القاضيان عماد قبلان وموريس بركات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.