معرض كبير في باريس عن الشرق كما حلم به الرسامون الأوروبيون

لم تطأ أقدامهم مواضع الحريم لكنّهم صوروا أوهامهم عن النساء والجواري

منظر القدس من جبل الزيتون لإدوارد لير
منظر القدس من جبل الزيتون لإدوارد لير
TT

معرض كبير في باريس عن الشرق كما حلم به الرسامون الأوروبيون

منظر القدس من جبل الزيتون لإدوارد لير
منظر القدس من جبل الزيتون لإدوارد لير

ليست هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تستضيف فيها باريس معرضاً بهذه الأهمية يجمع أعمال عدداً من الرسامين الذين تطلق عليهم اسم المستشرقين. إنّهم طائفة كبيرة من الفنانين الأوروبيين الذين اجتذبتهم، قبل قرنين من الزمان، شمس أفريقيا وجانب من آسيا، كما سحرتهم الروايات التي تناقلها الجنود والرّحالة عن مجتمعات بكر تتألف من رجال قساة أشداء ونساء سمراوات ذوات عيون كحيلة يعشن وراء الجدران، لا شاغل لهن سوى احتساء القهوة والخدر اللذيذ. والطّريف في هذا المعرض الذي يفتح أبوابه اليوم في متحف «مارموتان مونيه» أنّ القائمين عليه يرجحون أنّ أقدام أي من أولئك الرسامين لم تتخط مواضع الحريم. مع هذا تركوا لمخيلاتهم العنان لكي ترسم أميرات حسناوات مستلقيات طوال الوقت بما خف من الثياب، يقف على خدمتهن الجواري والغلمان.
يخبرنا دليل المعرض أنّ هناك عدة «شروق» وليس واحداً في المخيلة الغربية. فهناك الشرق كما ورد ذكره في الأناجيل، وهناك الشرق الذي كتب عنه السفراء والموفدون، وهناك الشرق الذي قصده التجار وعادوا منه بالبضائع والحكايات. وهي حكايات أججت صبوات العديد من الرسامين ابتداء من كارباشيو إلى ليوتار. من ثمّ جاءت حملة الإمبراطور الفرنسي على مصر، عام 1798. لتزيد من درجة الحمى وتجعل من ذلك الشرق قريباً وقيد التناول، يمكن السفر إليه واستكشاف خفاياه. كان الفرنسي المقيم جان أوغست دومينيك أنغر ومواطنه الرّحالة أوجين دولاكروا من السباقين إلى الاهتمام بعوالم الشرق عموماً وبالأخص الضفة الجنوبية للمتوسط، وبعد ذلك تزايد هوس الرّسامين والمصورين الذين دخلت أعمالهم تحت اسم الاستشراق، أسوة بكتابات المفكرين والمؤرخين السياسيين.
ساهم الاهتمام بالشرق في تطوير حساسية فنية جديدة يلعب الضوء فيها جانباً أساسياً، بالإضافة إلى الألوان الحارة والأجواء الصاخبة للأسواق والأزقة وأماكن العبادة. إن الطبيعة هنا هي غير الطبيعة في مدن أوروبا وأريافها. وحدة النور وما تلقي به الظّلال يختلفان عمّا اعتادت عليه الأعين في البلاد الباردة، كما أنّ للصحراء سحراً شكلياً ولونياً لا يمكن أن يمر به الفنان مرور الكرام. ومن ثمّ هناك البوابات المقفلة والقلاع والجدران العالية الخالية من النوافذ، وما تثيره من توقعات عمّا يجري خلفها. هناك تقبع النساء اللواتي لا يخرجن إلى الشّارع إلا وهنّ مغطيات ومتوشحات. فما الذي يمكن أن يكشف عنه الوشاح، في الحجرات والخلوات، من أشكال حسن مغايرة للجمال الأنثوي الغربي؟
ترك الفرنسيان ليون بيلي وغوستاف غيوميه لوحات تشكل أمثلة رائعة على التجرد من الأشكال التصويرية والتركيز على الانعكاسات الضوئية. وكان زمن المدرسة الانطباعية لمانيه ورينوار قد لعب دوره في صياغة أنماط جديدة من التصوير اللوني. وجاء كل من فالوتون وإميل برنار وجول ميغوني لتدشين أعمال تتوقف عند الجوانب التزيينية التي تجلّت أيضاً في لوحات ماتيس الذي اعتنى بالبقع اللونية وضربات الفرشاة. وبدت الطبيعة الشرقية وكأنّها تتحرّر وتتفجّر تحت فرشاة البلجيكي تيو فإن ريسلبيرغ. وكذلك المسطّحات التي رسمها كاميون وماركيه التي قادت تصوير المناظر الطبيعية نحو نوع من التجريد الذي مارسه السويسري بول كلي أو الروسي فاسيلي كاندنسكي. وبناء على تلك التجارب، كانت المدرسة الاستشراقية في الفن تلعب دور المحرك الطليعي بفضل ما حققته رحلات الرّسامين إلى الشرق من تحرير للألوان وللخطوط وللأشكال.
ويستمر المعرض حتى 21 يوليو (تموز) المقبل.



العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.