مشاهدة اللوحات الفنية تحسّن الصحة النفسية

النظر إلى اللوحات الفنية يحسن الصحة النفسية (جامعة فاندربيلت الأميركية)
النظر إلى اللوحات الفنية يحسن الصحة النفسية (جامعة فاندربيلت الأميركية)
TT

مشاهدة اللوحات الفنية تحسّن الصحة النفسية

النظر إلى اللوحات الفنية يحسن الصحة النفسية (جامعة فاندربيلت الأميركية)
النظر إلى اللوحات الفنية يحسن الصحة النفسية (جامعة فاندربيلت الأميركية)

كشفت دراسة دولية أن مجرد مشاهدة عمل فني بصري يمكن أن تحسن الصحة النفسية وتعزز الإحساس بمعنى الحياة، سواء كان ذلك في صالات العرض أو حتى في المستشفيات.

وأوضح الباحثون من جامعة فيينا النمساوية، وكلية ترينيتي في دبلن، وجامعة هومبولت في برلين، أن هذه النتائج تساهم في تغيير النظرة التقليدية للفن من كونه مجرد ترف ثقافي إلى كونه وسيلة فعالة ومنخفضة التكلفة لتعزيز الصحة النفسية، ونُشرت النتائج، الأربعاء، بدورية (The Journal of Positive Psychology).

وتضمنت الأعمال الفنية التي تناولتها الدراسة لوحات شهيرة مثل «الصرخة» لإدفارد مونك و«ليلة النجوم» لفنسنت فان جوخ، إلى جانب أعمال فنية حديثة ومعاصرة شملت التصوير الفوتوغرافي والنحت والتركيبات الفنية.

كما شملت الدراسة مراجعة منهجية لـ38 دراسة سابقة ضمت ما مجموعه 6805 مشاركين، بهدف تقديم رؤية شاملة حول تأثير مشاهدة الأعمال الفنية على الشعور بالرفاه، وكيف وأين يمكن استخدام هذا التأثير لتعزيز الصحة النفسية.

ووجد الباحثون أن مشاهدة الأعمال الفنية تحسّن نوعاً خاصاً من الرفاه النفسي يركز على الشعور بالمعنى في الحياة، والنمو الشخصي، وتحقيق الذات، وليس مجرد الشعور بالسعادة أو المتعة اللحظية.

ولم تقتصر الفوائد على زيارة المتاحف وصالات العرض، بل تم رصد التأثير الإيجابي أيضاً في المستشفيات، والعيادات الطبية، وحتى من خلال الواقع الافتراضي، مما يشير إلى أن هذا الأثر لا يرتبط بالمكان بقدر ما يرتبط بالفعل ذاته، أي التفاعل مع الفن.

وقالت الباحثة المشاركة في الدراسة من جامعة فيينا، الدكتورة ماكنزي تراب، إنه «غالباً ما يُنظر إلى الفن على أنه رفاهية، لكن نتائجنا تشير إلى أن مشاهدة الفن، سواء كهواية أو كجزء من تدخل صحي، يمكن أن تدعم الصحة النفسية بشكل حقيقي وفعّال».

وأضافت عبر موقع الجامعة: «من خلال إعادة تصور الفن كأداة منخفضة التكلفة وسهلة الوصول لتعزيز الرفاه، نفتح المجال أمام فرص واعدة لإدماج الفن في البيئات اليومية واستراتيجيات الصحة العامة».

بينما أوضحت الباحثة المشاركة في الدراسة من جامعة ترينيتي، الدكتورة كلير هوفلين، أنه «رغم التركيز الكبير سابقاً على فوائد إنشاء الأعمال الفنية، فإن تأثير مشاهدة الفن ظل مهملاً إلى حد كبير. ومع أن الفنون البصرية متاحة في أماكن متعددة، كالمتاحف والمستشفيات وحتى المنازل، إلا أن فهم تأثيراتها يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة لتعزيز الصحة النفسية عبر التفاعل اليومي مع الفن».

ووفق الباحثين، يمكن لصناع القرار في وزارات الصحة والثقافة استخدام نتائج هذه الدراسة لوضع برامج مشتركة بين القطاعين، مثل إدخال الأعمال الفنية إلى المستشفيات أو دعم المشروعات الفنية المجتمعية كجزء من خطط تحسين الرفاه العام.

وأشاروا إلى أن منظمة الصحة العالمية توصي منذ عام 2019 باستخدام الأساليب الإبداعية إلى جانب الرعاية الطبية الروتينية.


مقالات ذات صلة

فوائد غير شائعة لشرب المياه: محاربة القلق والاكتئاب

صحتك الجفاف يُؤدي إلى بعض العواقب غير المرغوب فيها مثل الصداع وسرعة الانفعال (رويترز)

فوائد غير شائعة لشرب المياه: محاربة القلق والاكتئاب

رغم أهمية شرب المياه لصحتنا الجسدية، تبرز دراسات تؤكد فوائد ذلك فيما يرتبط بمحاربة القلق والاكتئاب والمشاكل النفسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الحفاظ على العلاقات الاجتماعية هو العامل المشترك الأول بين أسعد الأشخاص (إ.ب.أ)

تحتاج لدقائق معدودة... طريقة سهلة للبقاء على تواصل مع محيطك

كشفت دراسة أجرتها جامعة هارفارد الأميركية على مدار 87 عاماً أن اللياقة الاجتماعية - أي الحفاظ على علاقاتك مع محيطتك واستمراريتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الاختبارات المنزلية مهمة لمعرفة مدى التقدّم في العمر بشكل جيّد (أ.ب)

3 اختبارات منزلية يُنصح باتباعها لفحص مدى التقدّم في العمر

تساعد بعض التحديات البسيطة التي يمكن أداؤها منزليّاً على الحصول على لمحة عن مستوى اللياقة البدنية والمعرفية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
علوم أعراض غير متوقعة لاضطراب «الوسواس القهري»

أعراض غير متوقعة لاضطراب «الوسواس القهري»

«متلازمة من الأفكار غير المرغوب فيها»

كريستينا كارون (نيويورك)
صحتك هناك صلة بين الألم الجسدي ومشاكل الصحة النفسية (رويترز)

الاكتئاب والوحدة قد يتسببان بآلام جسدية مزمنة

كشف باحثون عن صلة مفاجئة بين الألم الجسدي ومشاكل الصحة النفسية، حيث لفتوا إلى أن الاكتئاب والشعور بالوحدة يتسببان في معاناة الشخص من الآلام المزمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الأشخاص القادمون من خلفيات فقيرة أكثر جدارة بالثقة من أولئك الذين نشأوا في بيئات ميسورة

الضحكة تهزم سلطان المال (مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع)
الضحكة تهزم سلطان المال (مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع)
TT

الأشخاص القادمون من خلفيات فقيرة أكثر جدارة بالثقة من أولئك الذين نشأوا في بيئات ميسورة

الضحكة تهزم سلطان المال (مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع)
الضحكة تهزم سلطان المال (مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع)

كشفت دراسة أكاديمية حديثة أن الأشخاص الذين نشأوا في بيئات فقيرة يُنظر إليهم على أنهم أكثر جدارة بالثقة مقارنةً بأولئك الذين تربّوا في كنف الثراء. الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة كولومبيا البريطانية، ألقت الضوء على الدور الذي تلعبه الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية في تشكيل تصورات الناس عن الموثوقية والسلوك الأخلاقي. وفقاً لموقع «إم إس إن».

وشارك في الدراسة ما يقرب من 1900 شخص، خضعوا لسلسلة من التجارب تضمنت «لعبة الثقة» مع ملفات شخصية لأشخاص يعتقد المشاركون أنهم حقيقيون، بينما كانت هذه الملفات افتراضية تم تصميمها بعناية لتعكس خلفيات اقتصادية مختلفة.

طابور طويل ينتظر مصطفوه إعانات غذائية في أحد الأحياء الفقيرة بالأرجنتين (رويترز)

وحسب ما صرّحت به الدكتورة كريستين لورين، الباحثة الرئيسية في الدراسة، فإن المشاركين أظهروا ميلاً ملحوظاً للثقة بأولئك الذين نشأوا في أسر ذات دخل محدود.

وأضافت لورين: «كان يُنظر إلى من تربوا في بيئات فقيرة على أنهم أكثر أخلاقية وجديرون بالثقة، مقارنة بأقرانهم من خلفيات ميسورة».

وتابعت: «حتى عندما كان المشاركون على علم بالوضع الاقتصادي الحالي للأشخاص، فإن الثقة الحقيقية كانت ترتبط في الغالب بخلفيتهم أثناء الطفولة، وليس بظروفهم الراهنة».

ولفتت الدراسة إلى أن هذه التصورات المجتمعية قد تحمل دلالات استراتيجية، خصوصاً في البيئات التي تتطلب بناء الثقة.

ووفقاً للورين: «إذا كنتَ من أصحاب الثروات طوال حياتك، فقد يكون من المجدي أن تُقلل من التركيز على خلفيتك الميسورة. أما إن كنت قد نشأت في ظروف مالية صعبة، فقد يفيدك أن تبرز هذا الجانب من تجربتك الشخصية».

وتكتسب نتائج الدراسة أهميةً خاصةً في ظل بيئة اجتماعية متسارعة التغير، تتطلب تفهماً أعمق لكيفية تكوّن الثقة بين الأفراد، سواء في العلاقات الشخصية أو المهنية.

وتأتي هذه الدراسة في أعقاب أبحاث أخرى نُشرت مؤخراً، تشير إلى أن الأفراد المنتمين للطبقات الثرية قد يكونون أكثر ميلاً للتصرف بشكل غير لبق أو فظ، مما يعزز الصورة النمطية التي كثيراً ما تظهر في الأدب والسينما، والتي تربط بين الفقر والأخلاق العالية.

وفي دراسة موسعة شملت بيانات نحو 46 ألف شخص من 67 دولة، خلص باحثون من جامعة آغدر النرويجية إلى أن الثراء قد يرتبط أحياناً بتراجع في السلوكيات الأخلاقية، في حين يظهر الفقراء بمظهر أكثر تعاطفاً ومراعاة للآخرين.

وتفتح هذه النتائج باباً واسعاً للنقاش حول دور الخلفية الاجتماعية في تشكيل القيم والسلوكيات، وتثير تساؤلات حول مدى عدالة التصورات الاجتماعية التي تُبنى على الوضع الاقتصادي للفرد.