«صدى الكلمة»... خلاصة فكر سياسي ورؤية دولة ومنهج قيادة

السعودي نزار مدني يوثق مشاركات في المحافل الدولية

«صدى الكلمة»... خلاصة فكر سياسي ورؤية دولة ومنهج قيادة
TT

«صدى الكلمة»... خلاصة فكر سياسي ورؤية دولة ومنهج قيادة

«صدى الكلمة»... خلاصة فكر سياسي ورؤية دولة ومنهج قيادة

تشكل خطابات القادة أو كبار المسؤولين في أي دولة من دول العالم، التي تُلقى في المحافل والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية أو في المؤتمرات والمنتديات والنّدوات، مرجعية وثائقية مهمة، كما كانت لهذه الخطابات، ولا تزال، أهمية قصوى في إيصال الرسالة وتحقيق الأهداف، سواء في حالات السلم أو الحرب أو في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام وشؤون المجتمع وغيرها، واحتفظت هذه الخطابات أو البيانات على مدى حقب التاريخ بقيمتها بوصفها وسائل مُثلى وقوية للتّعبير عن المواقف الرسمية وشبه الرسمية، مع تعرضها لمراحل من التطوير والتعديل طالت قواعدها وأساليبها باختلاف الزمان والمكان.
ودفعت أهمية هذه الخطابات والبيانات الدكتور نزار عبيد مدني الذي تربى في بيت الأدب والتاريخ في المدينة المنورة في أحضان والده عبيد وعمه أمين وعمل وزيراً للدولة للشؤون الخارجية في بلاده، وقبلها عضواً في مجلس الشورى في دورته الأولى، إلى توثيق هذه الخطابات والبيانات التي ألقاها ممثلاً لبلاده في كثير من المحافل والمنظمات والمناسبات الدولية، وضمّنها في كتاب صدر مؤخراً عنون بـ«صدى الكلمة - كلمات ومحاضرات في محافل ومنتديات».
واعتبر المؤلف أنّ مثل هذه الخطابات والبيانات في المجالات السياسية والدبلوماسية والإعلامية تبرز أهميتها، لأنّها تتعاطى مع القضايا المهمة والحساسة، وتقدم الرؤى والأفكار، وتراعي - بحرص - العلاقات الدّولية، وتتفادى المزالق أو الأخطاء، وتتجنب - قدر المستطاع - الوعود الملزمة، لافتاً إلى أنّه، نظراً لأهمية الموضوعات التي تطرق إليها الكتاب فقد استشعرت أهمية توثيقها وجمعها ونشرها فيه، مؤملاً أن يكون الكتاب مرجعاً مفيداً لكثير من المختصين والمهتمين بعلم وفن السياسة والدبلوماسية وفنونها.
من جانبه، لخّص الدكتور عبد الرحمن الشبيلي الإعلامي والباحث وكاتب السير، محتويات الكتاب بقوله، إنه «يضمّ خلاصة فكر سياسي، ويوجز رؤية دولة ومنهج قيادة، وطريقة حكم لم تتغير عبر العقود، ويؤرخ مبدأ ثابتا مع كل القضايا والمستجدات». لافتاً إلى أنّ ما يميز مضمون الكتاب، أنّ كاتبه وظّف فيه معرفة وفِكراً كثيرة من مفردات تخصصه في العلوم السياسية، وهو الذي جاء من العمل الدّبلوماسي ثم إلى الوظيفة في وزارة الخارجية عن تخصص لا عن ادعاء، فأعطت بعض كلماته معاني في السّياسة الخارجية والعلاقات الدّبلوماسية والتعاون الدّولي.
يشار إلى أنّ الكاتب نزار مدني، أصدر مجموعة من المؤلفات منها كتاب عن الأمير الرّاحل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، تناول فيه حياته وشخصيته ورؤاه وأفكاره وأعماله وإنجازاته، ونفث فيه الدكتور نزار رحيق فكره، وأفرع فيه عصارة خبراته التأليفية، علاوة على مشاعره الوفائية ونحوه، وكتاب «قضايا ومواقف في الفكر والسياسة»، ضمّ بحوثاً نشرها أثناء مشواره الوظيفي تناولت قضايا تتوزع بين اهتمامات فطرية وقومية ودولية وفكرية مختلفة تهدف إلى ربط الفكر بالواقع وتلامس اهتمامات الناس، وتتعلّق بمصيرهم، وكتاب «المستقبل... تأملات استشرافية في التطورات والتغيرات العلمية والتقنية والأوضاع السياسية المتوقعة في القرن الحادي والعشرين»، جمع بين دفتيه الجانب النّظري والأكاديمي والجانب العلمي في دراسات استشراف المستقبل، وجاء مواكباً لتبني مشروع «رؤية 2030»، التي وجد أنّها تقع في صلب دائرة الاهتمام بالدراسات المستقبلية، وتعد جزءاً لا يتجزأ من الجهود الرّامية إلى تهيئة السعودية وإعدادها للولوج إلى عالم القرن الحادي والعشرين.


مقالات ذات صلة

العراق...مركز الحراك الحضاري وممر سهل لكل العابرين

كتب بارتل بول

العراق...مركز الحراك الحضاري وممر سهل لكل العابرين

تبدو فكرة كتابة تاريخ للعراق منذ بدايات الحضارات الأولى في حوض ما يعرف بمنطقة ما بين النهرين إلى اليوم ضمن متن كتاب واحد أقرب إلى مهمّة مستحيلة بحق.

ندى حطيط
كتب إعادة اكتشاف جماليات رواية «الحرام» ليوسف إدريس

إعادة اكتشاف جماليات رواية «الحرام» ليوسف إدريس

يولي الباحث والأكاديمي الدكتور عايدي علي جمعة، في كتابه «بناء الرواية: دراسات في الراوي والنوع» اهتماماً خاصاً برواية «الحرام» الصادرة عام 1959 ليوسف إدريس

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «حجيج البحر»... صراع النفس البشرية بين العزلة والخلاص

«حجيج البحر»... صراع النفس البشرية بين العزلة والخلاص

صدرت حديثاً عن «منشورات رامينا» في لندن رواية «حجيج البحر» للكاتب الكردي السوري ريدي مشّو، وهي عمل أدبي جديد يتناول فيه قضايا الوجود الإنساني والمعاناة الفردية

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص اكتشاف قاموس للهجة البدو في نجد بجامعة زيوريخ

خاص اكتشاف قاموس للهجة البدو في نجد بجامعة زيوريخ

رسالة نادرة تنشرها «الشرق الأوسط» توثق رحلة مجهولة قام بها موهق الغنّامي من مصر إلى سويسرا، وتوثق لهجات بادية نجد قبل أكثر من 100 عام.

قاسم الرويس (الرياض )
ثقافة وفنون الشعر حين يتحول إلى فعل مقاومة

الشعر حين يتحول إلى فعل مقاومة

يحتضن الشاعر المصري كريم عبد السلام، فلسطين، في ديوانه الذي وسمه باسمها «أكتب فلسطين - متجاهلاً ما بعد الحداثة»، ويكشف أقنعة المواقف والسياسات المتخاذلة.....

جمال القصاص

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».